اللوحة الثامنة والعشرون

399 24 33
                                    

لنوُّقف الحديث عن الحزن
ودعينا نتحدث عن الحب

..........

أنهت أستحمامها لتخرج من المرحاض بالمنشفة وسارت بسرعة لخزانتها تخرج ملابسها لتعود للمرحاض كي ترتديهم، وزين لم يشعر بها من الأساس فلقد ظل عقله مشغولاً بما يجول به

خرجت بعد لحظات تُجفف شعرها لتقطب حاجبيها بتعجب لهدوئه وتحرك يداه بأستمرار ببطء تارة وبسرعة معقولة تارة أخرى، ليس هذا فقط ما لفت أنتباهها

بل وجهه المُبتل قليلاً إثر قطرات الماء التي تَقطُر من خصلاته، أزداد أقتطاب حاجبيها بقلق لتهرع له "زين لماذا لم تجفف شعرك، ستصاب بالزُكام هكذا" عاتبته بلطف وقلق واضعة المنشفة على رأسه لتبدأ بتجفيف شعره برفق

أنتفض حين شعر بها وأسرع بغلق عيناه بأستمتاع لما تفعله، أشعرته بأنه طفلاً صغيراً حقاً، أستشعر بها ذاك الحنان الذى أفتقده منذ وفاة جده، أراد من هذا المزيد والمزيد بكل طمع وأنانية، هي لن تُمانع تدليله كطفل، صحيح؟

"أنا آسف، أيمكنكِ فعل هذا بكل مرة؟" همس برجاء لترمش عدة مرات بعد أستيعاب، وسرعان ما أدركت مقصده لتبتسم بلطف "سأفعل إن ناديتني لأفعلها، لا أن تنسي وتنتظرني، لا أريدك أن تُصاب بنزلة برد، أتفقنا صغيري؟" هتفت بحنان فأبتسم بتوسع هازاً رأسه موافقاً

يبدو أنه مُرهق لدرجة عدم حديثه، تنهدت بضيق وأبعدت المنشفة لتقهقه عفوياً حينما رأت شعره مبعثراً بشدة "إلهي، تبدو لطيفاً" نبست بلطف تبعثر شعره مجدداً مقهقهة، أبتسم بخفة لأفعالها ثم حرك يدها بقصد أبعادها يبوز شفاهه بعبوس مُصطنع يُسايرها

أبتعدت تقهقه بأنكتام وأحضرت فُرشاتها لتعود له وبدأت تُمشط شعره برفق كي لا تؤلمه، أبتسم بتوسع مُغلقاً عيناه للحظات ثم فتحهما ليجد الغُرفة مُضائة بينما يرى تفاصيلها بوضوح تام ثم حرك رأسه نحوها ليجدها تقف مبتسمة أبتسامة دافئة تنقل نظرها بينه وبين شعره تستمر بتمشيطه

عاد للنظر أمامه مجدداً ليطغى اللاشئ أمامه، يرى فراغاً فقط، عتمة أشد من عتمة الليل بالغابات والبحار، أخفض رأسه بهدوء لتختفى أبتسامته ينقر بقلمه على الدفتر بشكل متكرر أثناء شروده مرة أخرى، قطبت حاجبيها لأفعاله تشعر بالأنزعاج الطفيف فنظرت للدفتر بتهجم لكنها شهقت مُسقطة الفرشاة

كيف؟ ... كيف رسم عيناها وبعض من ملامحها؟ ... هو لم يراها!، كيف فعلها!، أمسكت الدفتر منه مما جعله يستفيق وينزعج من سحبها لدفتره "نوڤان أعيديه" هتف بحدة لا تحمل النقاش فنظرت له ثم للوحة

"كيف رسمتني؟، زين واللعنة كيف رسمتني؟" صاحت بغير تصديق تشعر بنغزة بقلبها، فإن كان ليس كفيفاً بعد كل ما خاضته معه لن تسامحه قط، لن تمررها له، تقسم أنها لن تغفر له أبداً، أعتدل بجلسته وتنهد بقوة ثم فرك أنامله بهدوء

رسامي الأعمى || Z.Mحيث تعيش القصص. اكتشف الآن