اللوحة الثالثة

467 31 22
                                    

"بليِّنٍ ربَّتي على قلبي وطمئنتي روحي"
"فأخبريني ملاكي كيف تملكين كل هذا النقاء؟"

------------

قهقه بأنكتام لحديثها ومال للأمام يستند بمرفقيه علي رُكبتيه يفرك كفيه ببعضهما بهدوء "ستقومين بمؤانستي، أهذه الصيغة أفضل؟" تحدث ضاحكاً بخفة لتقضم شفاهها بقوة غيظاً تود ضربه بحقيبتها بقوة ولكنها أمتنعت لسببين، أنه كفيفاً وهذا لا يجوز، وأنه بحُكم رب عملها الآن فلا يجوز أيضاً، وهي تكاد تنفجر غيظاً أكثر بسبب هذان السببان

زفرت بقوة وأعتدلت بجلستها "ماذا تعني سيد زين أنا لا أفهم، أشرح لي طبيعة عملي، فأنت تعتمد على نفسك بالفعل رُغم حالتك فما حاجتي؟" تحدثت برسمية أمتزجت ببعض الحدة فأبتسم بجانبية مدركاً مُحاولتها لجعل الامر رسمي حتى لا يقم بأغاظتها مجدداً

وهو لا تسير معه الأمور بهذا الشكل بل يزداد عناداً "مثلما تقوم القطط بمؤانسة أصحابها" تحدث بنبرة غامضة وسخرية بعض الشئ لتضرب بحقيبتها علي الأريكة بقوة بينما تنهض منفعلة فلحقها قبل أن تُلقي بسهام كلماتها مقهقهاً بخفة "أهدئي، لا تنفعلي، يجب أن تعلمي طابع رب عملكِ قبل أن تبدأين العمل معه وهذا ما أفعله" همس بهدوء يعود لسكينته مجدداً مما أدهشها

كيف بثانية كان لئيماً وبالثانية الأخرى مُهذباً!، كيف فعلها!؟، صدمتها جعلتها تعود للجلوس مجدداً بصمت وغير تصديق تحدق به بينما تنهد هو بعمق ورفع يده بفنجال قهوته ليحتسي منه ثم أشار لها لتحتسي من قهوتها

زفرت بخفة وجذبت فنجالها لترتشف منه فهمهمت بتلذذ وأعجاب لمذاقها اللذيذ والذي أمتزج بنكهة الشوكولا فعادت للأرتشاف منها مجدداً بأنسجام متناسية غيظها، أستمع لما تفعله بينما يحتسي من قهوته فأبتسم بخفة عندما حصل على مُراده بجعلها مسترخية هكذا

حمحم بخفة وأسند الفنجال على ساقه ليتحدث بهدوء وجدية "أنا زين مالك وريث مجموعة متاحف مالك للفنون عامةً، كما أنني مُستثمر كبير بمعاهد وجامعات الفنون، والداي حيَّان ولكن أبي ببلده الأم لكثرة عمله هناك وأمي تمكث هنا معي لكنها لا تملك ذات تفكيري رُغم أعتنائها بي، أملك ثلاثة شقيقات يمكثن بالعاصمة لدراستهن فالقصر بعيداً كما ترين وأنا أمكث هنا منذ فقدت بصري ولم أخرج من ثماني سنوات"

أصغت لحديثه بأهتمام لتقطب حاجبيها بحزن لأدراكها أنه وحيد هنا وعائلته بعيدة عنه منشغلين بحياتهم بينما ظل هو محبوساً هنا بين أربعة جدران، الأمر مؤلم كثيراً بالنسبة لها فماذا عنه هو؟

أرتشف من قهوته ثم أردف بذات هدوئه وعادت هالة السكينة تحاوطه مجدداً مما جعل أبتسامة تحتل محياها لهذا السلام الداخلي الذي غزاها "سيدة هيلدا تُعتبر أمي الثانية وكانت تعتني بي إن غابت إيميلي ومن بعد وفاتها كذلك ولكنها أصبحت كبيرة بالسن وتعجز عن المكوث معي كثيراً، لذا أنا وحيداً بين أربعة جدران ولا أملك وسيلة تمنعني عن الدخول بأكتئابٍ ووحدة مؤلمة سوى مطالبة بمَن يقم بتسليتي أو بتعبيرٍ أفضل أن يؤانسني"

رسامي الأعمى || Z.Mحيث تعيش القصص. اكتشف الآن