اللوحة الرابعة والعشرون

427 23 44
                                    

ولأنني غرقت بهواكِ
أتأتيني بعشقكِ فتكونين طوق نجاتي؟

--------------

أستيقظت نوڤان مع شروق الشمس على تقلبات غريبة بجانبها ففتحت عينيها بخمول تنظر حولها فوجدت خيوط أشعة الشمس تتسلل من خلف ستار نافذتها فتُغضب عتمة الغُرفة بإنارتها القليل منها

وقعت عينيها على زين النائم لكنه هائج كثيراً، فرأسه تهتز يميناً ويساراً بينما جسده متعرقاً بشدة لدرجة ألتصاق منامته بجسده، أنيناً خافت يصدُر منه بين الفينة والأخرى مُعكراً صفو هدوء الغرفة

هُلع قلبها لحالته وتسمرت لثواني لا تعلم ماذا تفعل؟، لم تواجه شخصاً يُعاني الكوابيس قط ولم تعش موقفاً كهذا، ماذا تفعل؟

نهضت جالسة مكانها لتأتيها فكرة فركضت لحقيبتها مسرعة وأخرجت زجاجة عطرها ثم عادت له لتجلس قربه ورَشت القليل من عطرها فوقه ثم على يدها لتُلقيها جانباً ثم أمسكت بيده بلطف "زين، زيني أستيقظ، صغيري أستيقظ" هتفت بلطف وسرعان ما أخفضت صوتها كي لا يفزع بأستيقاظه

قربت يدها ذات العطر من أنفه بينما تقوم بهز كتفه بلطف مُنادية باسمه "زين، هذا مجرد كابوس أستيقظ أرجوك" تَحشرج صوتها حينما رأت تلك الدموع تنهمر على وجنتيه فشعرت بنغزة بقلبها لعجزها أمامه، فلم يسعها سوى أحتضانه بقوة ضامة رأسه لصدرها بينما تمسح على شعره بحنان

"زين أتوسل لك أستيقظ، إلهي ساعدني" همست بنحيب تربت على ظهره في مُحاولة لإيقاظه فشهق فاتحاً عيناه مُنتصباً ليجلس، أنفاسه متسارعة كثيراً والعرق يتصبب منه، دموعه تنهمر دون وعياً منه تُعبر عن مدى بشاعة كابوسه

جسده يرتجف وكأنه للتو خرج من صقيعٍ قارس، شفتيه يهتزان بشدة في حين كانت ملامحه ساكنة وهادئة بطريقة مُريبة، أسرعت بالجلوس أمامه ممسكة بيده "زين، أهدأ أيها الصغير كل شئ بخير، أنه مجرد كابوس وذهب لحال سبيله، أنت أقوي مِن أن تُعاني من مجرد كوابيس زيني" همست بلطف تُطمئنه وبذات الوقت تُشجعه

ظل صامتاً وعيناه ثابتة باللاشئ ودموعه تستمر بالأنهمار دون توقف، تحركت مُقلتاه نحو مصدر صوتها فأستشعرت الرجاء بملامحه، لا تدري بماذا يترجاها، لكنها فقط أحتضنته بقوة، دفن وجهه بصدرها يعانقها بشدة وكأنه يرغب بالأختباء داخلها

ذاك الكابوس أفزعه بشدة، أفزعه لدرجة جعلته عاجزاً عن الحديث لبقية اليوم، فحتى بعدما هدأت نوبة بكائه التى أوحت بعدم توقفها في البداية، ظل صامتاً ساكناً، لا يُبدي أي ردة فعل مما أفزع نوڤان كثيراً

بماذا حَلُم ليكون صامتاً مصدوماً هكذا؟

كان أربعتهم يحدقون بزين بتعجب لصمته منذ الصباح، لا أحد طبيعي يظل صامتاً وساكناً لتلك المدة، وكأنه فقد روحه وجسده فقط الحاضر معهم "ألم يخبركِ بماذا حَلم؟" تسائلت والدتها لتنفي نوڤان بأنه لم يفعل متنهدة بثقل قلقة ومتوترة كثيراً لحالته الغريبة

رسامي الأعمى || Z.Mحيث تعيش القصص. اكتشف الآن