اللوحة الخامسة والثلاثون

341 18 31
                                    

أتذكر مُنذ سنين
أحدهم أخبرني أن آخذ حذري حينما يصل الأمر للحب
لكنني لم آفعل ...

.................

أنهمرت دموعها تتأمل تلك اللوحة وكم شعرت بالألم يصدر منها، نقلت نظرها للوحة المجاورة لها فوجدت ما حطم قلبها لأشلاء وأنفجرت في البكاء على أثره

حافة جبل مُضيئة يقف عليها عدة أشخاص ميزت ملامحهم، كانوا أسرته وأشخاصاً آخرون ربما كانوا أصدقائه، جميعهم يضغطون على يد شخصاً يتعلق بالحافة بكل قوته خوفاً من السقوط بالظلام وأيادي كثيرة سوداء تمسك به تحاول سحبه لأعماق السواد

لم تحتج للتفكير كثيراً لتدرك أن هذا ما شعر به حينما فقد بصره، كان الظلام يجذبه لأعماقه بعنف وبطء، وأسرته، أصدقائه كانوا يُزيدون الأمر سوءاً، لم ينتشله أحداً من الظلام، كان وحيداً أمامهم ..

وضعت يدها على فمها تبكي بحرقة لأجله فأقترب تاي منها واضعاً يده على كتفها "أهدئي، زين تغير الآن وأصبح بخير بفضلكِ، لم يعد وحيداً، لم يعد يتألم، لم يعد يخشى شئ وأنتِ معه، فأهدئي ولا تبكي" قال بلطف شاعراً بالذنب لأنه أحضرها هنا فلم يعلم أنها حساسة تجاه زين هكذا

شعر بخطوات خلفه ليلتفت فوجد تورا تقف بتعجب أعلى السلم وما إن لاحظت بكاء نوڤان شهقت بدهشة وهرعت لها تضمها لصدرها "تاي ماذا فعلت؟" هتفت تورا بصرامة فرفع يداه ببراءة "أقسم لم أفعل شئ، أحضرتها هنا فقط لترى لوحات زين" برر سريعاً خوفاً من غضبها

تلفتت حولها بهدوء بينما تربت على ظهر نوڤان بلطف "ششش أهدئي نوڤان، لا تبكي، كانت هذه اللوحات منذ سنين، تعالي سأُريك آخر دفعة وصلت لنا" قالت تورا بلطف وجذبت نوڤان معها نحو جانب من القبو حيث آخر عشر لوحات رسمهم زين منذ شهرين

رفعت نوڤان نظرها للوحات تتذكر أنها رأت زين يرسمهم لكنها لم تراهم حينما أنتهى منهم، توسعت عينيها بدهشة حينما رأت لوحة مماثلة لما رأتها للتو للحافة والهاوية المظلمة

لكن المختلف الآن كان تواجد أسرته وأصدقائه بالخلف وبيدهم خناجر كثيرة، وقرب الحافة كانت توجد فتاة ذات جناحين لامعين لكن ظهرها كان ينزف ومثقوب من خناجر الذين خلفها، تنحني لتُمسك بيديه لتنقذه عن السقوط بتلك الهاوية

اللوحة أخبرتها مدى تأثيرها على زين، أنها صنعت فارقاً حقاً بحياته، بل أنقذته من الهاوية رغم ما تعرضت له من أذية على أيدي عائلته وأشباح ماضيه، أنهمرت دموعها مجدداً لكن هذه المرة بأرتياح، شعرت بالراحة تغمرها والسعادة تُحاوطها لمجرد أنها بدلت من حال زين لأحسن حال

رسامي الأعمى || Z.Mحيث تعيش القصص. اكتشف الآن