الفصل السادس

1.9K 80 17
                                    


تجلس على منضدة صغيرة بمقعدين صغيرين تفترش عليها أدواتها، تقوم بترتيبها، وتنظيمها، حتى تتمكن من تنظيم دراستها بطريقة مرتبة كما علمها أخيها سابقا، انتهت من أداء فروضها وجلست في انتظار أخيها حتى أوان عودته من الخارج، لكن توارد إلى ذهنها الأحداث الماضية التي جعلتها تشعر بالخوف من الجميع، ودائما في عزلة عن الجميع، لم تعد تثق بأحدٍ مطلقا سوى أخيها، جميع الأحداث التي عايشتها منذ وفاة والديها، لكن ما حدث اليوم معها  بأول يوم لها بالجامعة جعلها تتذكر ما حدث بالعام الماضي، ما رأته عيناها لا يمكن نسيانه ما حيِيَت،
كانت تسير في طريق عودتها للمنزل هي ورفيقتها التي تسكن معها بنفس المنطقة السكنية التي تقطن بها، لكن قبل اقترابهم من دخول الطريق المؤدى للمنزل لاحظت توتر صديقتها واتجاه عينيها إل مكان آخر، لتنظر لها تحثها على تكملة السير، لكنها تلاحظ من بعيد قدوم شابان أحدهم رفيقهم بالمدرسة، والآخر يكبرهم عاما، تنظر لصديقتها نظرة مميتة، صدمت من ما حدث، كانت تعلم ن صديقتها تصادق الشاب زميلهم، لكنها لم تتوقع أن يقابلها هكذا
رؤى: ايه ده يا هند، انتي اتجننتي تخليه يجيلك لحد هنا، لو حد شافك، أو باباكي شافك هتعملي ايه وقتها!
هند : خلاص يا رؤى محصلش حاجة وبعدين احنا هنقعد مع بعض شوية ونروح، وبعدين أصلا المقابلة دي عشانك انتي، نادر اللي خلي سامح يطلب يقابلني 
رؤى بصدمة جلية على وجهها وكن عينيها على وشك الخروج من محجريها : عشاني...
انتي بتخرفي بتقولي ايه، ومين قال لك إني ممكن اقبل إني اهين نفسي، واهين أخويا، وقلل من قيمتي واوصل للمرحلة دي، ده لا يمكن يحصل أبدا، لا يمكن اهين اخويا واذله أو اكسر عينه قدام الناس، هو مربنيش وتعب عشاني واجي انا عشان اذله واكسر عينه، بصي يا هند ده غلط يلا بينا نمشي من هنا
هند : ايه الغلط هنا انا مش عارفة، يا بنتي احنا هنقعد معاهم شوية ونمشي
رؤى : الظاهر انك مصرة ومصممة على الغلط، خليكي براحتك بس انا همشي
تتركها وتغادر وداخلها ينبض بشدة من الخوف، كانت تسير كمن يركض ويهرول للسعي، وعندما وصلت إلى المنزل انهارت باكية لا تعلم ما الذي يجب عليها فعله، وعند قدوم أخيها ورؤيتها على هذه الحال انتابه القلق الشديد ليبادر بسؤالها عما حدث، وما سبب بكائها،
تنظر لوجهه قليلا ثم تبدأ تقص عليه ما حدث كاملا، كان فرحا بصغيرته التي تأكد نه نجح بتربيتها تربية صحيحة، لكنه لازال قلقلا عليها ويجب عليه معالجة هذا المر بطريقة صحيحة،
يبدأ الحديث معها بهدوء شديد وحنية صادقة:  شوفي يا رؤى انتي اتصرفتي صح انك سيبتيها ومشيتي لن اللي هي بتعمله ده مش بس غلط ده حرام
تنظر إليه بعيون قد ملأها الدمع: حرام ازي يا أبيه، مش هما زي اللي في التليفزيون، هما كمان بيخرجوا مع بعض؟
ينظر إليها بنظرة متفهمة يعلم جيدا أن التلفاز يعرض لهم المشكلة مع حلها لكنهم لا ينظرون سوى لنصف الكوب الفارغ; ألا وهو فرحتهم بمعسول الكلمات،
محمد: شوفي يا رؤى الحب مش عيب ولاحرام، لكن الحب الحلال، الحب اللي ميغضبش ربنا
رؤى : مش فاهمة يا أبيه، حضرتك بتقول حرام، يبقي ازاي الحب الحلال!
محمد: واضح ان فهمك كله غلط، خلينا نفهم واحدة واحدة، شوفي يا ستي الحرام إني اقابل واحد، واقعد معاه، واخليه يكلمني، ويتعامل معايا، ويقول كلام كتير زي اللي بتشوفوه في الأفلام بدون رابط شرعي، ده حرام،
الحب الحلال، اللي بين الزوجين، الأخوة، الأب والأبناء، الأم، لكن اللي صحبتك بتعمله ده مش حب أبدا، دي مراهقة،
بدليل انه عمره ما يفكر يتجوزها في يوم من الأيام، لنه بتسلي مش أكثر، لكن لو هو بيحبها بجد هيحميها، ويحافظ عليها، ويخليها عزيزة، وكريمة، وغالية، ومقامها عالي عشان يطلبها في الحلال، وكدة يكون حافظ عليها لنفسه، لكن انتي ايه رأيك هل كدة بيحبها؟
رؤى: يستحيل يا أبيه كدة هو بيأذيها وهي بتأذي نفسها كمان
محمد : صح يا رؤى، هي كدة بتهين نفسها وبتهين هلها قبلها، ربنا يهديها، المهم انا عاوزك ملكيش دعوة بيها تعمل اللي هي عوزاه انصحيها مرة، واثنين، وعشرة، لكن متمشيش معاها اللي عملته النهاردة ممكن تعمله تاني، واحنا بنخاف نغضب ربنا، ولا ايه رأيك
تومئ برسها بهزة بسيطة بمعنى نعم : صح يا أبيه، أوعدك
تمر الأيام تباعا وهي لم تتوقف عن نصحها يوما إلى أن جاء يوم ورأت ما جعلها تنفر منها ،رأتها تجلس لجوار هذا الفتى، يجلسان متقاربان بطريقة مقززة، همت بالمغادرة لكن استوقفها حديثه لها بأنه يريد أن يراها بمفرده، اتسعت عينيها من الصدمة ولم تفكر سوى في طريقة لإنقاذها مما هي مقدمة عليه ومن الخزي الذي ستضع عائلتها به، لكن ما زاد من صدمتها رؤيتها لوالد رفيقتها يسير في ذات الاتجاه حاملا لبعض الأكياس البلاستيكية التي يوجد بها بعض المستلزمات الخاصة بمنزلهم، تحاول الركض سريعا حتى تتمكن من تنبيهها قبل فوات الأوان، لكن قد سبق السهم الصاعقة، فقد دخل والدها إلى البناية التي أخذها رفيقها إليها، وعند وصولها رأت مشهد لا تستطيع أن تخرجه من ذاكرتها حتى هذه الساعة،
فقد كانت قابعة داخل أحضان شاب غريب عنها، استباح جسدها ببشع طريق، تمتع بما ليس من حقه، ومن الخاسر؟
والدها من شدة صدمته خر جالسا على ركبتيه في خزي، وعار، لميتمكن من النهوض منذ  هذا الوقت، أصبح قعيدا لا يقوى على الحراك، ومع هذا لم تبدى ذرة ندم واحدة، بل قامت باتهامها  أنها المتسبب الرئيسي لما حدث لها، ولم تكتفي بهذا بل وجهت كافة التهم إليها; رغم نصيحتها التي لم تتوانى عنها، لكن أخيها لم يسمح بهذا أبدا وتصدى للجميع وأخرس ألسنتهم، تفق من شرودها على فتح باب المنزل ودخول أبيها الثاني
-حمدلله على السلامة يا أبيه
محمد: الله يسلمك يا رؤى، هااه اتعشيتي ولا لأ
رؤى: الحمد لله يا أبيه، لتكل بمرح أُخوي، هاه قولي بقي أخبار جميلة ايه والخروجة أكيد كانت حلوة؟
يتنهد بطريقة تنم عن شيء يؤرقه لكنه يجيب: يعني كانت حلوة، المهم دلوقتي تعالي احكي لي كل اللي حصل النهاردة في الجامعة
رؤى: بابتسامة بسيطة تعلم جيدا أن أخيها يحاول إ خفاء أمر ما، لكنها لن تتركه هكذا، ستقص عليه ما حدث معها وبعدها ستعرف ما به : رغم إني عارفة إنك بتوه لكن هاعرف كل حاجة بعد ما احكي لك انا يا أبيه اللي حصل النهاردة في الكلية
محمد : بابتسامة صادقة، طيب قولي يا قلب أبيه
رؤى: .......

حنايا القلوب ***العشق الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن