الفصل السادس والعشرون
هل أصبحت روح الإنسان مهانة لهذه الدرجة.. هل أصبحت البشرية مهانة لهذه الدرجة.. هل البشر أصبحوا كالحيوانات التي يأكل القوي منها الضعيف.. كانا الأخوان يقفان ينظران للموقف بصدمة شديدة.. صدمة شلت حواسهم.. كانوا كالأصنام التي لا تتحرك.. كانت الذكريات تتدفق لذاكرتهم عن مشهد مماثل حدث سابقاً.. مشهد حفر بالذاكرة منذ سنوات كثيرة.. مشهد عادت ألامه تتجدد داخل أرواحهم مرة أخرى.. ليعودا من ذكرياتهم السيئة على صرخة خرجت من فم الفتاة الملقاة أرضا.. اتجها نحوها من أجل مساعدتها.. لكن الصدمة ألجمتها عندما أبصرت وجه الفتاة.. لتشهق بصدمة من المشهد أمامها.. وعند هذه اللحظة اتجه بصرها نحو من تأثرت بحادثتها.. لتتأكد أنها آخر من توقعت وجودها هنا في هذه اللحظة.. عندما أبصرت وجهها انهمرت الدموع من عينيها.. فكانت كالغريق الذي يتعلق بطوق نجاة.. لتقترب منها محاولة مساعدتها.. لتنظر بصدمة ألجمتها مما يحدث معها..
هل هذه الفتاة من كانت تنقم عليها طوال هذا الوقت؟!
هل هذه الفتاة من كانت هي تخطط لإيذائها منذ سويعات قليلة؟!
هي ذاتها من تقدم لها يد العون.. هي من تحاول انتشالها من مستنقعها.. فكانت لها كينبوع ماء في الصحراء الجرداء التي خلت من كل شيء سوى السراب.. نظراتها تعلقت بها وبأخيها الذي رغم عدم وجود والديهم إلا أنه آثر تربية أخته وبنشأتها على أكمل وجه.. حتى أضحت مثلا يحتذى به..
....: رؤى أنا ا ....
لم تستطع الحديث لتنهمر دموعها ولم تستطع الحديث.. لتنظر لها بشفقة حقيقية وليست مزيفة كالجميع حولها.. ينظر لها أخيها بتعجب من معرفتها لها..
محمد : انتي تعرفيها يا رؤى !
حولت نظرها لأخيها وهي تجيب ..
رؤى: أيوة يا أبيه.. دي جنى زميلتي في الكلية..
تعاود النظر لها مرة أخرى..
- حاسة بإيه يا جنى انتي تعبانة.. طيب نوديكي المستشفى
محمد : يا انسه لو في حاجة بتألمك نوديكي للدكتور..
كانت تنظر لهم نظرات ملأها الرجاء..
جنى : رؤى خديني معاكي يا رؤى.. أنا مليش حد يسأل عليا خدوني معاكي.. والله أنا أسفة على كل اللي حصل قبل كدة.. وأسفة على كل كلمة وحشة قلتها في حقك.. بس خليكي جنبي..
لترتمي بأحضانها معلنة عن انهيارها الذي لم تتخيله حتى في أحلامها.. هل هذه الفتاة القوية التي تتنمر عليها طوال هذا الوقت.. هل هي بهذا الضعف! أم أنه مجرد خيال.. تنظر لأخيها طالبة منه العون.. يشير لها برأسه بمعنى نعم..
رؤى : طيب اهدي يا جنى قومي تعالي معايا.. على مهلك بس
جنى : بجد هتخديني معاكي يا رؤى.. بعد كل اللي كنت بقوله ليكي!
رؤى : انسي يا جنى دلوقتي.. قومي تعالي معايا..
قام يإيقاف سيارة أجرة وساعداها بالركوب في العربة.. طوال الطريق كان كل منهم بداخله تدور الأفكار.. لم يكن يعلم ماذا سيفعل بوجود هذه الفتاة لن يستطيع البقاء بالمنزل.. لتظل الأفكار تدور بالأفق..
عقب وصولهم للمنزل تركهم وذهب للغرفة بالأعلى على سطح المنزل.. لتمر هذه الليلة بعد أحداث كثيرة..
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
في اليوم التالي بعد مبيتهم بمنزل ابنتهم الكبرى.. وتخطيطهم لكسب الغوالي على قلوبهم جميعا.. كان يجلس على كرسي بشرفة منزله.. يدور بخلده حديث أخته الصغرى.. كيف هذا.. أبعد ما وجدها يفقدها بهذه السهولة؟!
لا لن يستطيع التحمل.. كيف له أن يحتمل هذا الأمر! وهو من ظل طوال سنوات عمره محتفظا بقلبه نقيا.. مؤمنا بأن قلبه ملكا لفتاة مميزة.. انتفض من خارج أفكاره على صوت طرقات على باب غرفته.. ليأذن له بالدخول
سليم : اتفضل..
تدخل أخته الصغرى تدخل بخطوات بطيئة هادئة على غير عادتها.. لينتابه التعجب من حالتها تلك..
- مالك يا هنا ؟!
كانت كمن ينتظر السؤال لتنهار من البكاء.. يتجه نحوها ويأخذها بأحضانه محاولا تهدئتها..
- طيب اهدي يا هنا.. مالك يا حبيبتي.. ليه منهارة كدة..
هنا : خايفة يا أبيه.. خايفة رؤى تزعل مني بعد اللي حصل وتبعد عني.. رؤى حساسة.. وكمان مكنش ليها أصحاب خالص.. وكانت بتعتبرني كل حاجة عندها بعد أخوها.. وكانت بتحكي ليا كل حاجة.. مش عوزاها تفكر إني كنت بضحك عليها.. والله يا أبيه أنا مكنتش اعرف حاجة.
سليم : عارف يا حبيبتي عارف.. وبعدين أنا عوزك متقلقيش خالص.. رؤى اللي انتي تعرفيها معتقدش إنها ممكن تفكر بالطريقة دي.. ده غير اللي حسيته محمد رغم اللي حصل إلا إنه مقلش كلمة تجرح حد.. وكفاية إنه رغم انه لوحده إلا إنه ربى أخته تربية محترمة وعلى خلق..
ترفع رأسها بعيون مليئة بالدموع..
هنا : بجد يا أبيه مش هتبعد عني..
سليم : بإذن الله.. المهم أنا كنت عاوز اسألك على موضوع الخطوبة ده.. يعني أنا مش فاهم هي رؤى موافقة عليه ولا ايه!
هنا : لأ خالص يا أبيه.. رؤى مش موافقة.. هي قالت لي إنه أخو خطيبة محمد.. بس محمد لما ساب خطيبته لسبب هي حتى متعرفوش.. من وقتها وهو مش مبطل زن على محمد عشان يرجع لأخته وهو يتجوز رؤى
ينظر لاخته بنظرات مطمئنة لحد ما.. ليقترح عليها شيء ما..
سليم: هنا ! إيه رأيك نع.........
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
بالأسفل كانوا جميعا ملتفين حول مائدة الطعام.. كان الصمت يعم الأجواء إلى أن قطع الصمت صوت الجد متحدثا بحزم
صالح : حسن.. فاطمة.. أنا رايح لمحمد ورؤى.. هفضل معاهم لحد ميسامحوا ويرجعوا معايا تاني.. ولاد بنتي أنا مش هسيبهم تاني مهما حصل..
حسن : عندك حق يا ابوي..
صالح : بقولك يا مصطفى يا ولدي أنا عاوز سليم وهنا يودوني عند محمد ورؤى..
ليصمت قليلا وبداخله يخطط لشيء ما.. تنظر له ابنته بشيء من الرجاء.. ليرد لها نظرتها بابتسامة مطمئنة
مصطفى : طبعا يا عمي تقدر تاخدهم معاك.. واحنا ممكن نيجي معاك.. حتى نحسسهم انهم في بالنا على طول.. واننا مش أهملنا فيهم..
انتهت الجلسة بعد ما قرر سليم مهاتفة رفيق طفولته والحديث معه.. عن طريق إخبارهم بقدومهم إلى منزلهم
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️