الفصل الأربعون
الفصل زي موعدتكم نزلته بدري. لأن بنتي تعبانة ورايحة بيها للدكتور"بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"
كانت تسير في الردهة بخطىً ثابتة، كانت تشعر بالراحة والفرحة لقرارها الذي اتخذته، كانت قلبها يشعر بسعادة غامرة،
رغم شعور الذنب الذي يكبلها; لكن قلبها يشعر بالفرحة، ربما لاتخاذها المسار الصحيح مرة أخرى نحو حياتها، أدركت خطأها وهاهي الآن تحاول إصلاحه، وستظل تحاول مهما كلفها الأمر، ثوان معدودة وكانت تهم بفتح باب غرفتها، لتصبح الصدمة من نصيبها هذه المرة، فكان زوجها الحبيب يجلس على فراشها، يمسك بإحدى الكتب يقوم بقراءتها كعادته، يرتدي إحدى ثيابه البيتية المريحة الذي كان يبدوا فيها وسيما كما الأساطير، لتخرج من صدمتها تلك عندما أغلق الكتاب الذي بين يديه، ونظر نحوها بلهفة حاول التحكم بها قدر المستطاع; لكنها أضحت للعلن عندما ركضت نحوه متعلقة بعنقه تحتضنه بشدة، وشوق شديد، كانت تتعلق برقبته وهي تبكي ألما لفراقه، وشوقا للاحتضانه، وحبا للقيا محياه،
رنا: رائف حبيبي إنتَ هنا بجد ولا أنا بحلم، رائف أنتَ وحشتني أوي، أنا أسفة سامحني
كانت كل كلمة تخرج من جوفها يصاحبها الدموع التي تشق وجنتيها كالنيران، ليضمها بشوق طغى على حزنه، ليحاول تهدئتها،
رائف: رنا يا حبيبتي إهدي، أن هنا خلاص بطلي عياط عشان خاطري، أنا خلاص هنا اهو اهدي ولا حابة إني اخرج و...
تقاطعه بنبرة راجية ابتعدت خلالها عن أحضانه متمسكة بيديه برجاء ناتج عن ذنب يقطر من عينيها الدامعتين،
رنا: لأ إوعى تخرج أنا أسفة، رائف متزعلش متي عارفة إني كنت غبية والله ومكنتش مقدرة حبك ده، عشان خاطري سامحني وأنا والله مش هزعلك تاني، أنا عرفت غلطي ومش هكرره، أنا بس كنت خايفة موضوع تأخر الخلفة يكون مأثر عليك، لكن اكتشفت إني غبية، وإن وجودك معايا يكفيني عن كل حاجة في الدنيا، والله أنا كنت لسة بقول لبابا يحجز ليا تذكرة عشان اجي لك وأصالحك، رائف أبوس إيدك خليك جن......
يقاطعها بسحبة شديدة من يدها محتضنا إياها بقوة كمن يعتصرها داخل أضلعه، لم يكن يدرك حجم الأفكار البائسة التي تسيطر على عقلها الصغير، عقلها الذي لازال كالأطفال الصغار، قرر طمأنتها ووضع الأسس التي ستسير عليها حياتهم،
رائف: رنا يا قلبي ممكن تسمعيني، احنا مش اتنين متجوزين وخلاص، احنا لازم نطبق أسس الجواز اللي ربنا أمرنا بيها، ده غير إننا متجوزين بعض عن حب كبير يا رنا،
يبعدها قليلا ساحبا إياها للجلوس على الفراش; حتى يبدأ الحديث،
لازم تعرفي إني بحبك، ولازم تعرفي إن ربنا جعل الزوجين سكن لبعضهم، ده غير إن الزواج مودة ورحمة، يعني ببساطة كدة، لو زعلانة مني من حاجة معينة لازم تكلميني وتقولي ليا إيه اللي مزعلك مني ونتناقش بكل هدوء عشان الموضرع ميكبرش ونحله ببساطة، ولو في حاجة قلقاكي زي موضوع الخلفة ده موضوع مشترك بينا، مينفعش نهائي تفكري فيه لوحدك أبدا، لأنه زي ميخصك يخصني، وليا الحق إني أقرر إيه اللي المفروض نعمله فيه، ونتصرف ازاي، انتِ بنيتي أفكارك وقراراتك من غير متتكلمي معايا، حتى مشركتنيش في حياتنا اللي احنا المفروض لسة بنبنيها مع بعض،
رنا لازم تعرفي إني مش بس جوزك، أنا حبيبك، مقدرش أبعد عنك أو أعيش من غيرك، أنا مليش غيرك، ولا لياأب ولا أم ولا أي حد، إنتِ كل أهلي يا رنا، ومش عاوز من الدنيا غيرك، ميهمنيش أي حد إلا انتِ، لازم تكوني فهمتيني كويس احنا مع بعض واحنا لسة أطفال، أنا بحبك إنتِ فاهمة
كانت تنظر له بعيون دامعة، تمتلأ عشقا مع فيضان الدمع من عينيها، كانت تؤنب ذاتها على ما أجرمت يداها في حق هذا الرجل الذي يستحق التقدير، أجرمت في حقه وحق ذاتها، كيف كانت عمياء لهذه الدرجة، هل أغشيَ على عينيها حتى لم تتمكن من رؤية هذا العشق الذي يفيض من عينيه، لتلف يديها محتضنةً وجهه بينهما،
رنا: أنا أسفة يا عمري كله، كنت غبية لدرجة إني فعلا كنت عامية ومقدرتش أشوف الحب اللي في عنيك، كنت عامية ومشوفتش أي حاجة حلوة، كنت هضيعك من إيدي، سامعني يا ضي عيني
أدمعت عيناه لحالتها التي بلغت من الانهيار مبلغه،
رائف: رنا يا حبيبتي أنا خلاص مسامحك، انسي عشان خاطري، وخلينا نعيش حياتنا مع بعض، حلوها ومرها، رسيبي أمور ربنا هو بيسيرها لينا، فهمتيني يا حبيبتي
كان يتحدث برجاء يفيض من عينيه، لترتمي بي أحضانه وهي تومئ برأسها مؤكدة حديثه
رنا: فهمت يا حبيبي... فهمت
ليعيشا معا ليلة سطرت بعشق حلال، عشق فيه الخطأ والصواب، عشق بني بالتفاهم والمودة والرحمة، ليسبحان معا في عالم يخصهم وحدهم، عالم وضع أسسه التفاهم والمودة
🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰🥰
*********************************************************************************
في الصباح استيقظ الزوجان على ضوء النهار، أشعة الشمس تغلغلت لعينيهم تنبأهم بموعد الاستيقاظ، فتحت عينيها بهدوء تحاول التعود على ضوء النهار، بعد ثوان قليلة فتحت عينيها بشدة خوفا من أن يكون ماحدث مجرد وهم، لكنها فوجئت بزوجها الحبيب مستيقظ وينظر لها بشدة، كان ينظر لها وكأنه لايصدق أنها كانت بين يديه بعد كل هذه المعاناة، لتتسع ابتسامتها لرؤية قرة عينها،
رنا: صباح الخير يا رائف، كنت خايفة يكون ده حلم
أنهت حديثها بتنهيدة، ليملس بيده على خدها وهو يقول بابتسامة عاشقة،
رائف: لا مش حلم يا حبيبتي، بس يلا بقي صحصحي كدة عشان مامتك ندهت من شوية عشان نفطر معاهم قبل ماخواتك يمشوا
تنظر له بتعجب بعد أن اعتدلت قليلا،
رنا: يمشوا فين!
ينفجر ضحكا عليها،
رائف : رنا يا حبيبتي انتِ مكنتيش عايشة مع أهلك، أخوكي سليم باشا ومحمد هيروحوا الشركة، وهنا ورؤى عندهم امتحان يا حبيبتي، ولو اتأخرنا كمان شوية هنتسوح احنا الاتنين
تضرب رأسها بيدها،
رنا: يا خبر ده انا نسيت خالص، يدوب الحق اغير وننزل
رائف: أيوة بسرعة أصلهم مستنينا عشان يحفلوا علينا; قصدي يطمنوا علينا
لينفجرا ضحكا وهم يستعدون للهبوط
**********************************************************************
مرت دقائق وكانوا يجلسون على الطاولة مع العائلة، وكانت الأنظار تتجه نحوهم، فمانت رنا تكاد تختفي من شدة الإحراج، تشعر كما لو كانت عروس جديدة، لتبدأ الحفلة عليها من أخويها، تومزها هنا في زراعها،
هنا: إيه ده يا بت يا رنا، انت وشك احمر كدة ليه، بس احلويتي
تنهي حديثها بضحكة خبيثة، لتوكزها رؤى وهي تحاول مجاراتها في الحديث
رؤى: بس يا هنا عيب كدة، هي بس اتصدمت لما لقت أبيه رائف مستنيها امبارح، مش كانت عاوزة تسافر له برده
تنظر لها رنا بصدمة: حتى انتِ يا رؤى، وانا اللي كنت فاكراكي مؤدبة
لينفجرا ضحكا عليها،
ليتحدث سليم بخبث: ألا قلي يا رائف يا حبيبي، وشك ماشاء الله النهاردة بدر منور يا بيبي، شكلك ارتحت يا معلم
ينهي حديثه بغمزة،
ليأكد محمد على حديثه: سليم يا ابني هو أدى مهمته بنجاح يا ناصح، مش شايفة عنيه بترقص،
يختم حديثه بصوت منخفض لهذا الذي يجلس لجواره،
لينظر له رائف بابتسامة لم يخفيها، بل جعل تلك الجالسة تكاد تذوب خجلا: أيوة أديت مهمتي بنجاح، والحمد لله ربنا هداها هفضل احمد ربنا على نعمة هدايته ، المهم دلوقتي بطلوا تلقيح ويلا عندنا شغل،
غادروا جيعا وبعدها يتجه الفتيات للجامعة من أجل الامتحانات، وبقيت مع والدتها عقب ذهاب والدها برفقة الشباب اليوم لمقر الشركة حتى يطمئن على سير العمل، لتبقى مع والدتها بمفردهما،
فاطمة: حمدلله على سلامتك يا رنا، كانت تختم حديثها وهي تضع يدها على كتفها بمحبة
لتنظر لها بتعجب،
رنا: حمدلله على السلامة إيه يا ماما! هو أنا كنت مسافرة ولا إيه!
تنظر لها وادتها بمحبة: أيوة كنتِ غايبة يا ضنايا، وكنتِ هتهدي بيتك من غير متحسي، بس الحمد لله ربنا هداكي قبل فوات الأوان.
تجيبها بابتسامة، رنا: عندك حق يا ماما الحمد لله ربنا نور بصيرتي، والفضل لنوجا، بجد لولاها كنت هضيع رائف من إيدي بسبب غبائي
تنظر لها والدتها بحزن، فلماذا لم تلجأ لها عندما احتاجت للمساعدة لما لم تلجأ لوالدتها، الذي هي منبع الأمان لطفلتها،
فاطمة: ليه ملجأتيش ليا يا رنا؟ ده أنا والدتك اللي بتحبك وبتخاف عليكي، معقولة تلجأي لحد تاني وأنا لأ
تطيب خاطر والدتها بابتسامة وحديث يطبب جرحها الذي تسببت به دون قصد منها،
رنا: متزعليش مني يا ماما أنا ملجأتش لكِ في الوقت ده عشان حسيت إنك هتقفي في صف رائف; حتى لو كنت أنا غلطانة.. لكن كنت محتاجة حد يشوف الموضوع من برة، كلكم كنتوا شايفين غلطي، لكن محدش كان حاسس بمعاناتي، لكن لما طرحت الموضوع على نجلاء شافت الموضوع من كل الاتجاهات، مش من اتجاه واحد، وبينت ليا غلطي بطريقة محسستنيش إنها منحازة لاتجاه معين، كان هدفها تفهمني غلطي من غير متجرحني، لكني كنت شايفاكم كلكم واقفين في صف رائف، مقدرتش اتكلم معاكي عشان كنت خايفة من تعنيفك ليا، لأنك دايما كنتِ بتحاولي دايما تلفتي انتباهي لغلطي نحية رائف، فكنت خايفة، عشان خاطري سامحيني وتزعليش مني يا ماما.
تنظر لها والدتها بدموع، وتحتضنها بشدة لصدرها: خلاص حقك عليا مكنتش عارفة القلق اللي جواكي ده كله، المهم دلوقتي الحمد لله إن كل حاجة اتصلحت، ربنا يهديكي ويصلح حالك يارب.
✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻
****************************************************************************
في الجامعة كانت جنى تجلس بهدوء مريب، هدوء شخص يحمل فوق كاهله هما يفوق الجبال، تنظر لها رؤى بقلق شديد لحالتها تلك، لاتعلم لماذا تشعر بهذا القلق نحوها، تنظر لهنا تلفت انتباهها لموقف جنى، ليحاولوا مجاراتها وإبعادها عن هذا القلق حتى تتمكن من حل الإختبار كما يجب،
هنا: مالك يا جنى! إنتِ مذاكرتيش كويس ولا إيه!
تمسك رؤى بيدها وهي ترجوها بالحديث: في إيه يا جنى هي والدتك زعلتك من تاني... شكلك غريب كدة ليه
تنظر لها بعيون تائهة تحتاج لمن يأخذها لبر الأمان، تحدثت بصوت مثقل بالهموم،
جنى: ماما... ماما أصلا أنا آخر اهتمامتها، يعتبر مش في دماغها، زي مكون مش بنتها، بس مش هي السبب، معتز هو السبب
هنا بصدمة: إيه معتز! وانتِ شفتيه امتى يا جنى!
تنظر لها بهدوء شديد وتخبرهم بما حدث ليلة أمس عقب تركهم لها أمام المنزل، ومقابلة معتز، لكنها استثنت حديثه عن والدتها وأنها تضمر شرا لهم، كما أخبرتهم بنصيحته لها أن تبتعد عن نادر تماما.. بس ده كل اللي حصل
ينظران لبعضهما البعض بهدوء ثم يعودان لمواساتها،
رؤى: جنى ممكن تهدي وتنسي خالص كل اللي فات، احنا عندنا امتحان مهم ولازم نركز فيه، امسحي كل اللي ات من دماغك دلوقتي، ونادر ده احنا قفلنا موضوعه من زمان صح... دلوقتي بقي نركز في امتحانا ولا إيه..
هنا مؤكدة على حديثها: صح يا جنى، وبعدين احنا معاكي وقلنا لك مش هنسيبك وبعدين ابسطي يا بنتي هناخدك معانا الاقصر عند جدوا صالح، هتعيشي يومين إنما إيه جنااان، ودلوقتي يا هانم يلا عشان اللجنة هتبدأ ولو اتأخرنا المستقبل هيضيييع
تنظر لها بابتسامة مطمئنة: عندك حق، تصدقي يا بت يا رؤى البت هنا دي بتقول كلام حكم يابوي حكم.
رؤى: أومال دي هنا هانم يا بنتي تاخدك العباسية بصاروخ
✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻
*********************************************************************
في إحدى المدن البعيدة نرى فتاة شابة ترتدي ثوب أسود اللون، على رأسها غطاء يماثل لون ثيابها التي من اللون الأسود، وتضع نظارة سوداء كبيرة تخفي عينيها بها حتى لا يرى أحد دموعها، كانت تنهمر دموعها وهي تنظر لقبر والديها بحزن شديد، لتصبح بين ليلة وضحاها يتيمة الأبوين، وفي أثناء انهيارها وجدت من يحتضنها من كتفيها، تنظر نحوه بحزن،
....: خلاص يا هدى ادعي لهم بالرحمة يا حبيبتي، هما دلوقتي بين إيدين ربنا
تنظر له بدموع منهمرة، لتتحدث بهدوء: غصب عني يا إيهاب، مش قادرة أتخيل إن بابا ممكن يكون بيتعذب بسبب غلطة حرمت أم إنها حتى تعرف إن بنتها موجودة، إنت متخيل اللي بيحصل لي يا إيهاب
إيهاب: عارف وحاسس بيكي، بس لازم تنفذي اللي هينقذ والدك من عذابه ده يا هدى
✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻
****************************************************************انتهي الفصل ياريت تدعوا لبنتي ربنا يشفيها لأنها تعبت جدا