الفصل الثامن عشر

1.6K 64 7
                                    

الفصل الثامن عشر

كانت نائمة على فراشها والألم يكاد يمزق قلبها... تعلم أن هذا قضاء الله وقدره... لكن جزء الأنثى بداخلها يشعر بأنه تجرد من منبع أنوثته...تحاول التماسك أمام الجميع لكن بداخلها تحترق كالنار تأكل ما بداخلها... تظهر متماسكة من أجل عائلتها... ومن أجل صغارها... تنظر للفراغ بدموع متحجرة... تخشى خروجها من محجرها ... ترى الجميع ملتفون حولها...يحاولون مواساتها ... لكن بقلبها شيء آخر... قلق من نوع آخر.. تعلم أن زوجها يعشقها كما هي تعشقه... لكنها بالنهاية أنثى كانت تحاول إخراج هذه الفكرة من عقلها... تحاول طرد وساوس الشيطان عن ربط الصغيرة نور بما تسمى والدتها... بمن تسببت بأذيتها بل وحرمانها من أغلى ما تملكه الأنثى... يقطع سيل أفكارها دخول الصغار عليها تباعا...إلى أن وقعت عينيها على الصغيرة نور... ظلت تنظر لها نظرات ثابتة... تعجب الجميع منها... ظلت تدور الأعين حول بعضها; إلى أن اقتربت الصغيرة من فراش والدتها التي لم تعرف والدة سواها... ولم ترى حب وحنان الأم إلا من والدة واحدة... اقتربت من الفراش تمسح دمعاتها التي لم تكن تدري أنها قد سالت تباعا كالشلال... ظلت الصغيرة تمسح دمعاتها بيديها الصغيرتين وهي تقول
نور : خلاص يا مانا مش تعيطي... حقك عليا يا رب انا وانتي لأ
لم تدري سوي وهي تحتضنها بشدة متناسية ألمها الجسدي والنفسي... تحاول تطهير جراحها بالبراءة النابعة من براءة طفلتها...نعم طفلتها حتى لو لم تلدها; فهي صغيرتها التي رزقها الله حبها...لتتحدث بدموع منهمرة جعلت الجميع تسيل دموعهم
نجلاء: بعد الشر عليكي يا روح ماما... اوعي تقولي كدة يا نور.. انتي بنتي اللي بحبها ومقدرش استغنى عنها... وبعدين انتي بتحبي ماما اوي كدة !
تجيب ببراء ...نور : أيوة والله يا ماما بحبك اوي اوي انتي وبابا واخواتي سما، ونوران، وملك، وكمان رحيم، وريان
نجلاء : تجيب وهي تشدد من احتضانها متغاضية عن ألامها .. واحنا كلنا بنحبك
تتحدث وهي تشير لباقي الصغيرات بالقدوم لأحضانها... لم تكن تدري أنها هي من تريد هذه الأحضان البريئة... ثوان قليلة قبيل إدراكها لألم شديد يصاحبه وخذات شديدة تنبع من جرحها ... لتأن بألم جعلت الجميع يلتفون حولها يبعدون الصغار... وطلب الطبيب لمعاينة حالتها ...دقائق مرت وأخبرهم الطبيب أن هذا من الحركة المفاجئة... ليتقدم منها والدها متحدثا بعقلانية كبيرة...
فتحي : انا عارف كل الحرب الدايرة اللي جواكي، عارف انتي حاسة بإيه، لكن كان لازم اسيبك تعرفي لوحدك، انتي حبيتي نور من غير متعرفي أمها مين، ودلوقتي تخيلي الأذي اللي هي بتسببه للكل هل هتعطف على بنت ببراءة نور، ربنا اختارك أم ليها عشان عارف انك هتعوضيها، وعمرك ماهتظلميها
تنطر لوالدها بدموع تحمل ذنب مجرد التفكير فقط...
نجلاء : انا اسفة يا بابا... بس غصب عني إحساسي إني اتحرمت من أهم جزء جوايا... على ايد إبليس الإنس ادى الفرصة لإبليس الحن ثغرة يدخل لتفكيري منها... بس ربنا فوقني قبل ما أندم على حاجة عمري مكنت هاعرف اصلحها... نور بنتي انا وانا عمري ما هسمح لحد يإذيها أو يمس بس شعرة واحدة منها...أنا يمكن ربنا نجالي ولادي عشان يعوضني عن فقدان الرحم صح
كانت تتحدث برجاء أن يؤمن لها والدها على حديثها...
لينظر لها بابتسامة صادقة... فتحي: صح مليون صح... ربنا بيختبر قوة إيمانا وبيشوف احنا هنرضى باللي كتبه لنا ولا ...بيشوفنا هنحس بنعمته حتى في ابتلائه لنا
تتقدم والدتها ممسكة بيدها ...الأم : حبيبتي نور ملهاش ذنب دي عندها براءة محدش يتخيلها... حبها ليكي صادق وكمان لازم تعرفي إن عمرها ماعرفت أم غيرك
نجلاء : عارفة والله انا نور عندي حاجة تانية خالص، بس انا كنت مصدومة وحاسة إني...
الأم : إوعي تكملي انتي ربنا رأف بيكي ونجالك ولادك... وكمان رزقك بزوج يبحبك جدا ... وأولاد انتي بس ربيهم تربيه صحيحة
تومئ برأسها بمعنى نعم
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
كان يجلس أمامها كالأسد المترصد لفريسته... ينظر لها بنظرات لو مانت تقتل لأردتها قتيلة... كانت تنظر لهم جميعا بخوف يتشكل على وجهها حتى وصل لمنبع عينيها ووصل للقابع بين أضلعها... حتى أصبحت النظرات تتحول للرجاء...
أملا في طلب الرحمة والمغفرة...
نيهال : أحمد بالله عليك ارحمني أنا أنا معملتش حاجة... دول بيكذبوا متصدقهمش
نظرات غضب مليئة بالسخرية شيعها بها... أحمد : وانتِ إيه عرفك إنهم قالو لي إنهم عملوا حاجة أو بمعنى أصح قالو لي إنك قلتي لهم يعملوا حاجة
لو كانت العيون تخرج من محاجرها... لمانت عينيها قد خرجت ... من هول الصدمة لم تعي أنها تذت حالها بدائرة الاعتراف دون أن يمسسها أحد...ثوان قليلة قبل أن يكمل حديثه
شوفي أنا ممكن ارحمك من العذاب اللي هتشوفيه على إيدي... في مقابل تعترفي إنك انتي اللي بعتيهم يعتدوا على نراتي ويحاولوا يقتلوها... قلتي إيه
تتحدث بجلجة نيهال : انتوا بتتبلوا عليا و ع وعوزين تتبلوا عليا وتورطوني معاكم و...
أحمد بسخرية : ليه هو انتي مفكرانا زيك ولا إيه... بس انا هريحك دلوقتي هتعترفي بكل اللي عملتيه دلوقتي حالا وإلا
... يصمت هينة متصنعا التفكير ...ثم يكمل قائلا: وإلا هخليكي تترحمي على وشك الحلو ده، وجسمك اللي بتتباهي بيه ده
نيهال بصدمة لن تتخيل بحياتها أن يتم تشويهها وتصير قبيحة... ولكن حمقاء من ظنت أنها ليست قبيحة... فقبحها يظهر في أفعالها.. وصفاتها..
نيهال : انت يستحيل تعمل اللي بتقوله.. أحمد اللي اعرفه مش ممكن يعمل كدة
ينظر لها بتقزز.. لا يستطيع أن يصدق أنه كان متزوج من منبع القاذورات القابعة أمامه..
أحمد : انا بقرف من نفسي إني في يوم كنت متجوز واحدة زيك.. لكن مش أنا اللي هعمل.. دول رجالتك هما اللي هيقوموا بالمهمة.. ليؤشر بالتحرك تجاهها
لم تمر دقيقة سوى وهي تدلي بكافة اعترافاتها.. لتصرخ قبيل اقترابهم ببضع إنشات صغيرة ..
نيهال : هقول بس ابعدهم عني ي
لينظر ملا من حسام ومروان لبعضهم بانتصار.. فهذه الخطوة التي يريدونها.. لتبدأ بسرد اعترافاتها تباعاً..
تتحدث بنبرة بكاء.. نيهال : أنا اللي بعتهم عشان يضربوها... وقلت لهم انهم لازم يأذوها بطريقة تخليها متقدرش تحمل تاني بعدها... أنا كنت مغتاظة منها من لما محمود سبني وراح لها... وممان لما لقيتك متمسك بيها... وعرفت أنها بتربي بنتي... أنا اللي بعتهم بالاتفاق مع واحد من الحراس اللي موجودين عندك على البوابة... وهو اللي دخلهم جوا... ولما دخلوا كنت طالبة منهم يصوروا ليا اللي بيحصل فيديو كول...وشفت كل اللي حصل
هنا وقد انفلت لجام غضبه ... لو كان غضبه خارقا لأحرق الأخضر واليابس... حاول الركض تجاهها لكن منعه حسام ومروان من الوصول إليها...
أحمد : أاه يا ولاد الك.... اوعوا سيبوني انتوا الاثنين... دول كانوا بيمثلوا بيها وهما بيحرقوها حية... أااه يا ولاد ال....
ابعدوا عني ي ي ... أنا هاخد حق مراتي منهم كلهم
يحاول مروان التحكم فيه بتقيد حركته... ويحاول الحديث معه ..
مروان : اهدى يا أحمد واللي انت عاوزه هنعمله... بس انت كدة هتضيع حقها ... إحنا معانا اعتراف رسمي باللي حصل... ده ش روع في قتل...وتحريض وغير ده كله والله ما هتطلع منها... اهدى وغلواتها عندك تهدى
ينظر له بضعف وتنهر دموع من عينيه لم يتمكن من إيقافها ... وما أدراك بدموع قهر الرجال ...
أحمد : أهدا ! طب ازاي وهما اعتدوا على مراتي في قلب بيتي!
اهدا ازاي وأنا مقدرتش احميها!
أنا مش ههدى غير لما اخد حقها... سامع
ليتحدث حسام هذه المرة محاولا امتصاص غضبه ولو قليلا: طيب انتَ عاوز إيه دلوقتي يا أحمد عشان نارك تبرد!
يتحدث بصوت شق الجدران من شدته ..أحمد : يعملوا فيها زي اللي اتعمل في مراتي.. وبعد كدة يتعمل فيهم هما كمان اللي اتعمل فيها.. ومش عوزهم يموتوا.. ولا عوزها تموت
هنا شلت الحواس .. وفقد النطق .. وصارت النظرات هي السائدة.. نظرات قلقة .. وأخرى مرتعبة.. وأخرى خائفة.. وأخرى بها نيران الغضب
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
كانت تسير لجوار أخيها بهدوء... قلبها يهدر وجلا من ما حدث معهم منذ قليل.... لم يخبرها أخيها ما حدث... لكنها متأكدة أن لديه شك بأنها قد استمعت لحديثهم... لا تدري لما نبض قلبها خوفا في هذه الحظة تحديدا ... هائفة من عودة أخيها لمخطوبته إكراما لصديقه ورفيق طفولته... وخوفا من قبوله عرضه... هدوء أخيها هذا يقلقها ...تنظر تجاهه تجده شاردا للبعيد...
أما هو كانت بداخله حربا ضارية... حرب الصداقة ... والعشرة .. والأخوة.. حرب أقل قرار فيها سيكون فيه خسارة حتما.. لم يحبذ عرض صديقه هذا مرة أخرى.. فهو لن يعود إلى من كانت تسمى مخطوبته يوما.. حمد الله أنه اكتشف خداعها باكرا.. لكنه لن يزج أخته الحبيبة بين براثنها مهما حدث.. لكنه سيسألها عند عودتها من حفل صديقتها.. ليعرف ما هو قرارها ...دقائق قليلة مرت قبيل إيقافهم لإحدى عربات الأجرة لإيصالهم لوجهتهم... مر ما يقارب خمسة عشر دقيقة... وكانا يترحلان من العربة ناظرين بانبهار شديد للصرح القائم أمامهم...
فقد كان قصرا فخما من الخارج... يحيطه سور كبير يدور حوله ويحيطه كالحارس... له بوابة كبيرة تحتاج فردان فقط لفتحها...به خط لسير السيارة... على جانبيه الحشائش الخضراء تحيطه من كافة الاتجاهات.. أشجار خضراء يافعة تملأ
هذه الحشائش... بالإضافة للزهور ذات الألوان المتعددة التي توجد بكافة ألوانها...لكنه وقف دقيقة لماذا يشعر وكأنه رءاه من قبل.. يشعر وكأنما يعرف هذا المكان جيدا... يفق من تأمله هذا على يد أخته تربت على يده بفم مفتوح
رؤى بانبهار: إيه ده يا أبيه.. أنا ممنتش اعرف إن البت هنا عايشة في قصر زي ده...
محمد : رغم معرفته أن أخته غول مرة ترى هذا المظهر من الترف.. إلا غن عليه الحرص ..
شوفي يا رؤى كل واحد وله عيشته وله حياته .. مهما خصل ومهما شوفتي خليكي فاكرة وعارفة إن ده مش لنا.. احنا بيتنا هناك في الحارة.. هنا صحبتك لكنها في مستوى تاني انتي بنفسك شيفاه عامل ازاي
تنظر لأخيها بفخر تعلم ما بداخله... رؤى عارفة وفاهمة يا أبيه.. اوعى تفكر إني ممكن ابص لحاجة مش بتاعتي حتى لو هي قصر .. صح هنا صحبتي لكن عمري مفكر استغلها أبدا.. حضرتك مربتنيش على كدة
كان ينظر لصغيرته بفخر.. حمد الله أنه استطاع غرز الخصال الحميدة فيها.. حتى أصبحت متأصلة فيها..
محمد : وانا فخور بيكي يا بنوتي الكبيرة.. يلا ادخلي لصحبتك وانا همشي وبالليل هاجي اخدك بأمر الله
تومئ برأسها : حاضر يا أبيه مع السلامة.. خلي بالك من نفسك
ثم تتركه وتغادر متجهة للداخل.. لمفاجأة مجهولة.. وعلاقات قديمة.. وماض ستفتح صفحاته من كل حدب وصوب
✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
انتهي الفصل رأيكم بقي ولو حد فيكم متوقع حاجة يقولها في الكومنتات وبأمر الله هرد عليها
ولو فيه خطأ إملائي فبعتذر عنه

حنايا القلوب ***العشق الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن