الفصل السابع والثلاثون

1.3K 58 21
                                    

الفصل السابع والثلاثون
كان يجلس وقتها على مكتب في غرفة خاصة بطبيب قسم النسا والتوليد،

شاب  لم يتجاوز الثلاثين من عمره، لكنه كان يجلس بثقة شديدة تنم عن تمكنه من

مهنته، لتدخل عليه الممرضة تحدثه باللغة الإنجليزية،

الممرضة: دكتور فؤاد.. هنالك حالة في الخارج، هل أدخلها؟

يرفع رأسه من الأوراق أمامه، وهو يجيب،

فؤاد: ثوان وأدخليهم

مر ما يقرب من الدقيقة وكان يدخل عليه شاب بمثل عمره أو أكبر قليلا،

معه زوجته ترتدي حجابها ، ليتأكد أنهم عرب، ومعهما طفل صغير،

يبلغ من العمر ما يقارب الأربع سنوات، ، ليقوم بتحيتهم بعملية،

فؤاد:  مرحبا بكم، تفضلوا بالجلوس، أعتقد أنكم عرب على ما يبدوا!

يجيبه الشخص الآخر

....: أيوة احنا مصريين، معاك محمود الألفي، ودي المدام حنين مراتي،

وده ابني محمد.......
يرحب بهم، ثم يبدأ بعدها بسؤالهم عن أعراض المرض، الذي تشتكي منه،
لتبدأ بسرد الأعراض التي تلازمها بشكل مفرط عن أعراض حملها الأول،
حنين: في الحقيقة يا دكتور أنا في حملي الأول مكنتش تعبانة كدة، أنا برجع كتير جدا،
وطول الوقت تعبانة ومرهقة جدا، ده غير الهبوط الشديد يا دكتور
ينظر لها بتركيز شديد ، يستمع لكل كلمة تخبره بها حتى يتمكن من تشخيص حالتها،
فؤاد: طب تمام ممكن تتفضلي على السونار عشان أقدر أكشف عليكي، حضرتك ممكن تتفضل معاها
يأستاذ محمود
ثوان قليلة وكان زوجها يساعدها في الاستعداد للكشف، مرت دقائق والطبيب
يقوم بعمله بمهنية شديدة، كان ينظر بالجهاز  وهو يرى شيء ما، ليخبرهم أنه انتهى،
ويتركهم ويعود لمقعده حتى يتمكنوا من النهوض، وكان هو يدون بعض الملاحظات على
مفكرة موضوعة أمامه، وعند جلوسهم يبدأ حديثه
بصي يا مدام الأعراض دي طبيعية، هي زايدة شوية معاكي لكن في شوية تحاليل
محتاج من حضرتك تعمليهم، وبعدين هنتأكد من كل حاجة
ينظر له محمود بقلق،
محمود: هو في إيه يا دكتور، هي حنين فيها حاجة!  والجنين كويس!
ينظر له بابتسامة مطمئنة،
فؤاد:  متقلقش يا أستاذ محمود كل حاجة كويسة، والجنين كويس كمان بس أنا في حاجة شاكك
فيها، وعشان نطمن لازم نعمل  التحاليل دي
محمود : يعني كل حاجة كويسة ومفيش قلق؟
فؤاد: واضح إن حضرتك بتحب المدام جدا، متقلقش أنا هديها حاجة بسيطة كدة
تهدى موضوع الترجيع ده لأنه هو اللي تاعبها كدة، لحد منعمل كل التحاليل اللي في الورقة دي
يختم حديثه وهو يعطيهم ورقة مدون عليها بعض التحاليل التي يجب عليهم أن يقوموا بها،
يأخذها منه بهدوء وهو يساعد زوجته بالنهوض، ويأخذها ويغادر هي وطفله، ليشكر الطبيب
أثناء خروجه
محمود : شكرا يا دكتور
يرد عليه بابتسامة بسيطة، وبعد خروجهم يرن هاتفه  برقم كان يتلهف لرؤيته، ليجيب سريعا
فؤاد: حبيبتي وحشتيني جدا كنت مستني مكالمتك من الصبح
.....: انت كمان وحشتني جدا، كنت بتعمل ايه بقي
فؤاد : مفيش يا ستي كان عندي كشف، وتخيلي طلعوا مصريين كمان، بس صراحة
الأستاذ محمود بيحب مراته حدا
....: معقولة! محمود مين! هو اسمه محمود ايه
لم يهتم لسؤالها واهتمامها بمعرفتهم، فأجابها ببساطة
فؤاد: كان اسمه محمود الألفي ومراته اسمها حنين
صمت دام لثوان حتى اعتقد أن المحادثة انتهت، ليبعد الهاتف وهو يعيد النظر له مرة أخرى
ألو سلمى انتِ معايا!
تجيبه بقلق: أيوة يا فؤاد معاك، بس حسيت إني سمعت الاسم ده قبل كدة، بس اتهيأ لي،
طب هي حالتها ايه؟!
فؤاد : مفيش هو تقريبا حامل في توأم، بس أنا طلبت شوية تحاليل عشان أتأكد،
المهم سيبك انتِ وحشتيني جدا
لم ينتبه لنبرة الغل التي ملئت صوتها،
سلمى: حامل في توأم كمان! إحم انت كمان وحشتني يا فؤاد،
هي مراتك ممكن تأخذ بالها لو اتأخرت النهاردة، بصراحة عاوزاك في حاجة مهمة
انت وحشتني ومن حقي أشوفك، خصوصا بعد مجيت هنا واحنا متقبلناش غير مرة واحدة
النهاردة بقى أنا عاملة لك مفاجأة، لازم تيجي هستناك
فؤاد يعينين تومض،
فؤاد : بجد يا سلمى! أنا مش هتأخر عليكِ هاجي على طول
سلمى: هستناك
يغلق معها الهاتف ويحادث زوجته يخبرها بأنه سيبقى في المشفى الليلة
✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻
*********************************************
بالمشفى وصلت هذه الأم مع عقب المحادثة التي وصلتها تخبرها بوجود طفلتها
في هذه المشفى، عقب  إصابتها بحادث، كانت تركض نحو موظف الاستقبال
تسأله بلهفة بها ولو قليلا من الأمل المتبقي داخلها،
.....: قولي يا ابني والنبي في بنت اسمها هند... جات في حادثة هنا
ينظر لها الموظف لثوان ثم ينظر للشاشة أمامه، وهو يخبرها
الموظف: أيوة جات النهاردة حالة، وهي حاليا موجودة في
المشرحة اتفضلوا اطلعوا اسألوا في الدور الثالث
كانت الصدمة تحتل ملامحهم عقب حديثه، حاول التماسك من أجل أن يتأكدوا أولا
شريف :  خالتي اهدي بس واصلبي نفسك عشان نتأكد ممكن تطلع واحدة تانية
تعالي معايا يلا
يأخذها من يدها وهي تتحرك بآلية تائهة  خوفا  من أمر سيهدم عالمهم،
خطأ من صنع يديها، خطأ أنها تركت الأمور على حمالها، لم تهتم لمعرفة
خفايا طفلتها، تركتها لأمور الدنيا دون رقابة، تركتها تلهوا وتفعل ما يحلوا لها دون
عقاب أو رادع، لم تهتم لقربها من ربها أو لأدائها لفروضها، بل أبعدتها عمن كانت
تمد لها يد العون، تفق على حديثه مع الطبيب
شريف : دكتور دي والدة هند وجاية تشوفها، لو سمحت قلنا الوضع بس بهدوء
من فضلك الوضع صعب
ينظر لها الطبيب بشفقة من حالة التيه التي تسيطر عليها،
-أنا متأسف الحالة اللي جت جاية نتيجة لنزيف، لأنها كانت بتعمل عملية إجهاض،
وللأسف جات متأخرة والحالة اتوفت، أنا أسف البقاء لله
صدمة .. نعم  صدمة تملكت من حواسه، وخاصة عندما أكمل الطبيب حديثه
- للأسف جوزها جابها، لكن بعد معرف خبر وفاها اختفى، ومجاش تاتي
نظرات متبادلة يسودها الصدمة والخذلان ، نعم خذلان وعار على الجميع
نظر لها على  وشك ردع حديث الطبيب، لكنها أمسكت يده تدعوه للصمت،
الأم:  أنا عاوزة اشوفها يا دكتور لو سمحت، عاوزة اشوف بنتي
ينظر لها شريف بتفهم لحالتها، خاصة مع حديث الطبيب، التزم الصمت وسار معها خلف الطبيب
نحو المشرحة، دقائق كانت تمر كالدهر، لم يدم الانتظار طويلا وقد كان الطبيب يسحب
إحدى أسرة الثلاجة التي بها الموتى، ثوان ألجمت الصدمة الأفواه، واتسعت العيون من هول
الصدمة، عندما كشفت الملائة البيضاء عن وجه الجثة، لتصدر شهقة متألمة تدل على
صدق الحديث، وهنا صدرت صرخة شقت السكون الكامن بين أجساد الموتى
الأم:  لااااااااا بنتي هند لاااااا
يسحبها بقوة للخارج محاولا تهدئتها،
شريف: اهدي يا خالتي بالله عليكي كدة مينفعش، قومي بس معايا، لازم نعرف هنتصرف ازاي
تنظر له بضياع، لا تدرك مالذي يجب عليها فعله، فابنتها ألقت بنفسها
للتهلكة، ماذا ستخبر الجميع، أن ابنتها كانت تحمل طفلا ابن حرام، وماتت
وهي تحاول التخلص منه، ماذا ستخبر زوجها، وهو قعيد هل ستضيعه هو الآخر،
تنظر له بعيون ملأها الدمع الذي يشق القلب وليس صفحات الوجه
الأم: شريف يا ابني  أبوس إيدك اوعي كلمة من اللي سمعتها دي تطلع برة،
هند ماتت في حادثة
ينظر لها بصدمة،
شريف: بتقول ايه يا خالتي، لازم نعرف اللي عمل كدة عشان حق....
تنظر له بدموع تحمل من الألم والخذلان مايكفي،
-حق ايه يا ابني، حقها ضاع وخلاص، دلوقتي هقول للناس ايه!
بنتي ماتت وهي بتنزل ابن حرام، ده حتى اللي جابها سابها ومشي
هنعرفه منين، وبعدين كفاية عليا ذنبها لوحدها، أبوها لو عرف هيروح فيها،
عارفة إنه غلط بس مش هاقدر يا ابني،
تمسك يده برجاء
عشان خاطري لو بتعزني اوعى حد يعرف كلمة من اللي حصلت، اعتبرها اختك
وداري عليها عشان الناس متخوضش في عرضها، انت هتساعدني نخلص إجراءات
الدفن وهتقول إنها ماتت في حادثة زي ما التيليفون اللي حالنا واحنا في الحارة
عشان خاطري يا ابني، ساعدني احافظ على سمعة بنتي
ينظر لها بشفقة، يعلم  ما تعانيه
شريف : حاضر يا خالتي هساعدك، بس لازم تعرفي إنك هتضيعي حقها
الأم : حقها ضاع وهي عايشة،  أنا هحاول احافظ عليه بعد موتها
عشان محدش يخوض في عرضها يا ابني، خلاص كله راح
ينظر لها بحزن لخالتها، ويساعدها في إنعاء الإجراءات التي لاقى صعوبة
في إنهائها، وتم دفنها بدون معرفة أحد بما حدث، حصلت على تكريم; لو علم الجميع
بفعلتها الشنيعة لكان السب والخوض في عرضها كالمضغة في أفواه الجميع
✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻
*******************************************************
مرت الساعات ثقيلة، قرروا جميعا الذهاب لتقدمة واجب العزاء فكانت زميلة لهم،
وماعلموه لم يتفوهوا بحرف واحد منه مراعاة لحرمة الموتى، وأيضا لحفظ عرضها،
دخلوا من باب المنزل تباعا، كان المنزل يغطيه الحزن، اللون الأسود يطغى على
الجميع، وصوت المذياع يصدح بالقرآن الكريم، والدموع تشق صفحات الوجوه
نظرن في الأرجاء بهدوء، لتأخذهم رؤى وتتوجه نحو والدتها حتى تقوم بواحب العزاء، فقد
كانوا جيرانا منذ زمن كبير
تحدثها بدموع، وهي تنحني  وتحتضنها،
رؤى: البقاء لله يا خالتي، ربنا يرحمها يارب ويعفو عنها
تشد من عناقها وهي تتحدث،
-ادعي لها يا رؤى ربنا يسامحها ويغفر لها، انتِ  طيبة  وهي...
رؤى: هادعي لها يا خالتي والله، وربنا يصبرك يارب،
يا خالتي دول صخاب هند جايين يعزوكي
كانت تشير نحو هنا وجنى
تقبل منهن واجب العزاء، ولكنهم لم يتمكنوا من البقاء فترة طويلة،
ليغادروا بعدما تمكنت منهن الدموع التي تخنقهن، دقائق وكانوا
يجلسون بالسيارة  لتبادر هنا بالحديث وهي تمسح دموعها محاولة التمكن
منها،
هنا: مش قادرة بجد حاسة إني هتخنق يا جنى مش قادرة،
كدة هند خلاص حقها...
رؤى: هنا اوعي تتكلمي، تخيلي لو حد كان عرف كانت الناس هتعزي وتدعي لها
لا كان الكل هيمسك سيرها، صح غلط بس ساعات ربنا حلل لنا الكذب عشان نرفع الضرر
جنى بألم : تفتكري كدة صح، يعني  منتكلمش أنا حاسة إني روحي هتطلع
تنظر لهم بهدوء، رؤى: سيبوا كل حاجة بين إيدين ربنا، وهو هيصلح حال الجميع
هنا: عندك حق، يمكن ده إرادة ربنا ليها بالستر
كان اشباب يتحدثون بالخارج، مرت دقائق قليلة وكانوا يدخلون السيارة،
حتى يتمكنوا من المغادرة
*******************************************************

انتهي الفصل،  والتأخير معلش بقي سامحوني
بس لو شجعتوني هنزل لكم فصل بكرة بالليل

حنايا القلوب ***العشق الحلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن