الفصل الرابع
*
*
*
*
*
*:- هل أفزعتك ؟؟؟
ضيقت قمر عينيها وهي تحاول تبين ملامح الرجل الذي أثار داخلها شعورا غامضا بالخطر دون أن تعرف السبب .. كان يقف بعيدا نسبيا ... بحيث لا يثير داخلها أي إحساس بالتهديد .. إخفاؤه يديه في جيبي سرواله الجينز قد يكون تصرفا عفويا .. وقد يكون وسيلة منه لإثارة مزيد من الاطمئنان فيها .. صوته كان هادئا .. إلا أن هدوءه لم يكن مريحا على الإطلاق .. لقد كان من ذلك النوع من الهدوء الذي يكون مشحونا دائما بالمشاعر الدفينة .. كالغضب مثلا ..
قالت ببرود :- ما كنت لتفزعني لو أنك أثرت أي ضجيج ينبهني لوجودك ..
قال ببساطة :- أو ربما أنت كنت أكثر اهتماما بنفسك من أن تفكري بأي شخص آخر حولك .. ربما كطفلة أوقعتها أرضا قبل أن تبكيها بدلا من أن تعتذري إليها وتطيبي خاطرها ..
شحب وجهها وهي تتذكر العينين الزرقاوين الدامعتين للطفلة التي أبكتها قبل دقائق .. فتراجعت إلى الوراء لا شعوريا وكأن جزءا منها يتمنى لو يستطيع الهرب من فعلتها .. رباه .. لقد أفرغت إحباطها .. عجزها وإحساسها بالنقص على طفلة صغيرة .. أي وحش كانت تستحيل إليه دون أن تدري ... هل كانت والدة بشرى محقة بعد كل شيء في حرصها على وليدة بشرى منها ؟؟؟
قالت بصوت متقطع :- أنا آسفة ... لم أقصد التسبب ببكائها ..
اقترب خطوة ... لتتمكن أخيرا من النظر إلى وجهه عندما سقط ضوء قادم عبر الزجاج الذي فصل بين المنزل الصغير وخارجه فوق وجهه .. لتميز عينين براقتين لم تتبين لونهما .. عينين كانتا تنظران إليها باتهام ... وكأن اعتذارها الذي خرج منها ثقيلا ... لا يساوي في نظره شيئا ...
أكد ظنونها عندما قال :- اعتذارك لي لن يغير شيئا أبدا بالنسبة للطفلة القابعة تبكي في الداخل لأن امرأة غريبة اختارت أن تزرع داخلها إحساسا بالصغر وانعدام القيمة ..
قالت بعصبية وقد بدأ الذنب يجعلها دفاعية :- أنا لم أقصد إبكاءها ..
قال متهكما :- آه ... لا ... أنت كنت عديمة الدبلوماسية معها لا أكثر .. هل أخمن بأنك فظة بهذه الطريقة مع الجميع .. أم مع الأطفال بشكل خاص ؟؟
زمت فمها غاضبة قبل أن تقول :- استمع إلي جيدا أيها السيد ... لقد سبق واعتذرت عما حدث .. وأنني لم أقصد إزعاجها .. أنا فقط لست .... لست جيدة في التعامل مع الأطفال ..
آه ... كذبتها المفضلة .. تلك التي كانت تحمي بها نفسها منذ عرفت بأنها لن تتمكن من أن تكون أما .. ألا يقولون بأن من لا يطول العنب يتهمه بأنه حامض المذاق ؟؟؟
قال بجفاف :- من الواضح وفقا لكلامك هذا أن توقعي منك العودة إلى الداخل والاعتذار منها شخصيا لن يكون في محله .. صحيح ؟؟
في الأحوال العادية ... قمر ما كانت لتمانع إطلاقا العودة بالفعل إلى الداخل والاعتذار للطفلة التي سببت لها الأذى دون أن تقصد .. إلا أن شيئا ما في الرجل استفز كبريائها .. خاصة وهي تشعر بكل هذا الضعف والهشاشة في هذا اليوم .. هي لا تحتاج إلى شفقة الآخرين .. هي لا تحتاج إلى لومهم .. أو إلى حكمهم الجائر .. لقد اتخذت قرارها منذ فترة طويلة بأن تكون سيدة نفسها .. وهي لن تسمح لأي شخص وبالذات هذا الرجل الغريب أن ينتزع هذا منها ..
رفعت ذقنها في تحدي وهي تقول :- أنا لست مضطرة لأن أفعل أي شيء تريده أنت أو أي شخص آخر ..
بدلا من أن يقول شيئا ليناقشها .. راقبته يقترب أكثر وهو ينظر إليها باهتمام .. قبل أن يقول :- أنت المرأة التي طلقها زوجها في حفل زفاف عامر العام الماضي ... صحيح ؟؟
امتقع وجهها مرة واحدة وتصريحه هذا يطيحها مرة واحدة عن قدميها .. ويدمر خلال لحظة كل قوتها الزائفة التي كانت تتظاهر بها ..
:- أظنه عندما نعتك أمام الناس بأنك باردة .. قاسية القلب .. وعديمة الإحساس .. وعاقر ... كان صادقا في النهاية ... صحيح ؟؟؟
أنت تقرأ
وقيدي اذا اكتوى(مكتملة)
Romanceالجزء الثاني من سلسلة في الغرام قصاصا بقلم المبدعة blue me حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me