الفصل الثامن عشر
للحظات .... ظل ريان صامتا ... بينما هو يجلس فوق مقعده الخشبي .. الأصوات القادمة من وراء باب المكتبة المغلق ... ضجيج السيارات ... أصوات المارة وهم يتسامرون بدون أي هموم أثناء سيرهم تحت زخات مطر الشتاء التي بدأت تتساقط قبل دقائق .. مشوهة نقاء زجاج واجهة المكتبة الصغيرة .. كانت تبدو بعيدة بينما هو يجد سلاما لم يجده منذ فترة طويلة بينما كانت الجنية المحلاة بالأزهار دائما ... تستند إلى مكتبه أمامه ... بعد نصف ساعة من استماعها إلى ثرثرته ... إلى حديثه عن اختفاء لقمان ... وهو ما كان من المفترض به أن يحتفظ به لنفسه ... والعائلة تحاول منع تسرب الأمر للصحف خشية على سلامة لقمان .. إلا أنه كان بحاجة لأن يحكي لهذه الفتاة التي لا تعرف أي شيء عن الأمر .. كان بحاجة لأن يرى غير الشفقة في عيون شخص بدأ يدرك بأنه يهتم بأمره بطريقة كانت تثير حيرته ..
ما الذي يمتلكه ... ويدفع هذه الفتاة ذات الوجه المغطى بالنمش للعودة إلى مكتبته .. مرارا وتكرارا ... رغم محاولته السابقة والفاشلة لإبعادها ؟؟
تمتمت جنى فجأة قاطعة الصمت الذي ساد بينهما :- أعرف بأن من العبث أن أخبرك بأن ما يحدث لشقيقك ليس ذنبك ... وأن كل ما تستطيع فعله هو أن تحافظ على قوتك وثباتك ... لأنه سيحتاج إليهما عندما يعود في النهاية ... حسنا ... أنا لا أعرف شقيقك ... إلا أنني قرأت عنه ما يكفي عبر شبكة الانترنت لأعرف بأنه سيعود في النهاية ... أمثاله دائما يعودون .. كالقط بسبعة أرواح .. أنا لست قلقة عليه ... بل أنا قلقة عليك أنت يا ريان ... إذ أنني أعرف معنى أن تخاف ... دون أن تجرؤ على أن تظهر للآخرين مدى خوفك ...
ازدرد ريقه ... دون أن يعرف لم كانت كلماتها البعيدة عن التعاطف الذي لم يكن يلقى غيره من جميع ما حوله .. تمنحه الصلابة التي ينشد .. تمتم :- ما الذي يخيفك يا جنى ؟؟
اعتدلت قائلة وهي ترسم ابتسامة باهتة على شفتيها :- لم لا نترك الإجابة للقائنا القادم ... إذ أنني تأخرت كثيرا ... وسأضطر الآن بسببك للكذب مجددا وأنا أخترع سببا مقنعا لتأخري أمام عائلتي ..
قال متهكما :- وكأنك تحتاجين لعذر يدفعك للكذب .. أرهن بأن الكذبة جاهزة بالفعل داخل عقلك الصغير والغريب الأطوار هذا ..
هزت كتفيها قائلة :- لكل منا مواهبه الخاصة كما تعلم ..
عندما تحركت نحو الباب ... مد يده دون أن يفكر ممسكا بمعصمها قائلا :- جنى ... انتظري ..
فور أن أحاطت أصابعه بمعصمها ... أفلتها وكأن نارا أحرقته ... عندما ارتدت هي الأخرى إلى الوراء ساحبة يدها .. وجهها شاحب .. عيناها متسعتان صدمة .. وهما تحدقان به بشيء من ...... الرهبة ..
تراجع ريان خطوة إلى الوراء وهو يشعر بعالمه يميد به .. ردة فعلها هذه ... نظرتها الوجلة .. الطريقة التي استحال فيها شحوب وجهها إلى احمرار لطيف .. ذلك الإحساس بالخدر لحظة لمسها ... كل هذا ذكره مرة واحدة .... بهبة ..
تمتمت باضطراب وهي تتجه نحو الباب :- أنا ... أممممم .. ذاهبة ... بالاذن ...
هذه المرة وهو يراقبها أثناء مغادرتها المكتبة ... لو يوقفها ... لقد كان أكثر خوفا من أن يفعل ..
أنت تقرأ
وقيدي اذا اكتوى(مكتملة)
Romanceالجزء الثاني من سلسلة في الغرام قصاصا بقلم المبدعة blue me حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me