الفصل الثاني والعشرون
رفعت قمر رأسها لتحدق في اللوحة التي اعتلت متجر التحف الذي أرسل لها عمران عنوانه سابقا هذا المساء .. وتمتمت عبر أنفاسها غير مصدقة لأنه قد اختار متجر آل الطويل للتحف دون غيره للقائها ( العارض والغير مخطط له ) مع حبيبة ... سرعان ما سيعرف نعمان الطويل من تكون فور أن يراها رغم المرات القليلة التي قابلته فيها ... إذ لا يمكن له أن يغفل عن توأم كنته !
دفعت الباب ودخلت مفكرة بأنها لم تكن مرغمة حقا على القيام بهذه الخدمة لعمران ... بل كان من الأسهل بالنسبة لها أن تتحاشى مزيدا من الاحتكاك بهذه العائلة الغريبة والمجنونة .. والتورط مع ذلك الرجل الغريب الأطوار ... إلا أنها ومنذ حدثها عمران عنها .. لا تستطيع التوقف عن التفكير بحبيبة .. وبما عانت منه ليدفعها للقيام بتصرف متطرف كمهاجمة قمر ...
لقد كان عليها أن ترى الفتاة وتتحدث إليها .. على الأقل كي تسامح نفسها على كل مرة فكرت بالأسوأ حولها معتمدة على حديث حلا الطفولي ..
لحسن الحظ .. نعمان الطويل لم يكن موجودا في المتجر الذي يعرف الجميع بأنه يحب قضاء معظم أوقاته فيه .. وهل يدهشها هذا ؟؟
ابن الرجل الأكبر مخطوف منذ أيام ولا أحد يعرف عنه شيئا .. من الطبيعي أن يكرس وقته بالكامل للبحث عنه ...
في الزاوية .. وفي قسم اللوحات وجدتها ... تذكرت حديث عمران معها قبل دقائق عبر الهاتف ..
( سأتركها في المتجر لدقائق قليلة فقط وآخذ حلا إلى المتجر المجاور لأشتري لهما الحلوى ... سيكون لديك الوقت الكافي كي تتحدثي إليها دون مقاطعة منا )
كانت تقف أمام مجموعة كبيرة من اللوحات ... تتأمل محتوياتها بشيء من اللهفة والانبهار .. شعرها كان مغطى بوشاح أبيض .. ومعطفها البني لم يخف امتلاء جسدها الواضح .. وجدت قمر الفرصة لمراقبة الفتاة وتأملها من بعيد للحظات .. مدركة بأنها لا تشبه عمران حقا كما ظنت عندما رأتها في المرة الأولى .. ربما هي تمتلك الألوان الفاتحة نفسها .. إلا أنها كانت تمتلك رقة في ملامحها لم تلحظها قمر سابقا .. كان هناك في عينيها الخضراوان براءة أطفال ذكرتها بحلا ... وفي حركاتها الغير متزنة عفوية شخص لم يحسب حركاته وكلماته قط من قبل .. أن يضطهد شخص ما كيانا بهذه البراءة والنقاء ... لهو أمر شنيع للغاية ..
اقتربت متظاهرة بتأمل اللوحات هي الأخرى ... قبل أن تلتفت نحوها قائلة بدهشة مصطنعة :- أنت حبيبة .. صحيح ؟؟
التفتت حبيبة نحوها مجفلة ... ثم تحولت ملامحها على الفور ليعتليها التمرد والغضب عندما تعرفت إليها .. لم تمنحها قمر الفرصة كي تقوم بأي تصرف فظ معها ... بل التفتت نحو اللوح وهي تقول :- لقد سبق وأخبرتني حلا بأنك تحبين جمع اللوحات الجميلة ... أنا أيضا أحبها .. وجئت أفكر بشراء واحدة لعيد ميلاد خالتي ... ما رأيك ؟؟؟ أتظنين بأن هذه ستعجبها ؟؟
بارتباك ... وكأن عدم سؤال قمر لها عن عمران قد فاجأها .. التفتت حبيبة نحو اللوحة المذكورة ... وأشارت نحو لوحة أخرى قائلة :- أنا أحببت هذه ..
نظرت قمر إلى اللوحة التي مثلت مشهدا جميلا جدا لغابة كثيفة الأشجار ... وقالت بدفء :- أرى أنك تحبين اللون الأخضر كثيرا ...
:- أحب الأشجار ...
:- أنا أيضا ... وأظن خالتي ستحب لوحة شبيهة أيضا .. أتعلمين ؟؟؟ هي من رباني بعد وفاة والدتي عندما كنت صغيرة جدا .. لقد كانت دائما كالأم لي ..
نظرت إليها حبيبة على الفور وهي تقول :- أنا أيضا أمي ماتت منذ سنوات ..
قال قمر بتعاطف :- أنا آسفة ... إلا أنك محظوظة لأنك تحظين بعمران وحلا .. هو يحبك كثيرا .. أتعلمين هذا ؟؟
بدا التمرد على وجه حبيبة وكأنها قد تذكرت فجأة بأن قمر هي خاطفة الرجال التي تخطط لأكل شقيقها على العشاء .. فتحت قمر فمها كي تقول شيئا ليمنعها هتاف صوت لم تتوقع أن تسمعه في تلك اللحظة يناديها بتوتر :- قمر ..
التفتت قمر نحو مصدر الصوت متسعة العينين .. قلبها يخفق بقوة وعنف .. جسدها كله ينتفض بذعر ..
لقد كان خالد ..
أنت تقرأ
وقيدي اذا اكتوى(مكتملة)
Romanceالجزء الثاني من سلسلة في الغرام قصاصا بقلم المبدعة blue me حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me