الفصل التاسع

12.4K 329 6
                                    

الفصل التاسع



الاحتفاظ بتلك الابتسامة المفتعلة التي ارتسمت على وجهها .. تطلب من علياء الكثير من الجهد بينما هي تتجول بين ضيوف حفل عمها .. تحاول التظاهر بأن سيرها بين هذه الجموع التي من المفترض بها أن تعرف معظمها .. لا يثير داخلها أي نوع من الخوف والارتباك .. ( قد يكون أحدهم .... قد يكون أي واحد منهم ) أومأت برأسها في تحية صامتة لإحدى صديقات العائلة المخضرمات .. ثم لوحت لأحد عملاء آمال الطويل القدامى والذين كانت تتعامل معهم بنفسها على مدى سنوات .. ثم ألقت نظرة عابرة نحو والدتها التي كانت تضحك على بعد أمتار برقة في ردة فعل على عبارة قالتها إحدى صديقاتها .. ترتدي قناعها ذاته الذي كانت تحمي نفسها داما به من تعليقات الآخرين حول اختفاء زوجها المعروف الأسباب .. امرأة أخرى ... دائما هناك امرأة أخرى .. إلا أن والدتها كانت دائما حصينة اتجاه آراء الناس من حولها .. قوية بطريقة لم ترثها منها علياء على ما يبدو .. إذ كانت تبدو من الخارج ثابتة .. إنما كانت ترتعش من الداخل وترتعد خوفا كالطفل حين يعلق وحده في غرفة مظلمة في وسط ليلة راعدة ... ( قد يكون أي من الأشخاص الملتفين حولها ... ربما هو ينظر إليها الآن .. ربما يراقبها .. ربما يترصدها من جديد ) عادت ترغم نفسها على تركيز اهتمامها بما حولها .. عمها نعمان كان يبدو وسيما كالعادة .. أنيقا بحلته الغالية الثمن وشعره الذي كساه الشيب الفضي .. لقد كان يبدو كنجوم السينما وهو يجذب الأنظار إليه بحيويته وطلاقته .. سحر رجال آل طويل الذي تم حرمان نساء العائلة منه .. لم يأت من فراغ .. عمها كان قادرا على جذب الطيور من أعشاشها إن أراد بابتسامة واحدة منه .. زوجته إيناس لم تمتلك الموهبة ذاتها للأسف .. علياء لم تحببها أبدا .. حتى ووالدتها تحرص على معاملتها وكأنها فرد من العائلة .. علياء كانت لا تستطيع على الإطلاق احتمال الزيف فيها ... كل ما في إيناس كان زائفا .. حتى الآن وهي تقف إلى جانب عمها نعمان .. رغم كل عمليات التجميل التي قامت بها ... رغم المال الذي تنفقه دائما على ثيابها وزينتها .. ومهما حاولت مداهنة ذوي المكانة الرفيعة في المدينة ... فإنها تظل ظلا واهيا لآمال التي كانت وما زالت الشريك الأفضل والأنسب لنعمان الطويل .. التفتت علياء نحو آمال .. التي كانت بالنسبة إليها يوما أكثر من مجرد زوجة عم .. أكثر من مجرد صديقة .. آمال كانت كوالدة لها .. لقد كانت علياء تحاول إقناع نفسها خلال السنة التي مضت بأنها كانت تبتعد عن آمال لوما لها على النتائج التي ترتبت على تآمرهما ضد بحر الوالي .. إلا أن الحقيقة التي تأبى الاعتراف بها لنفسها .. هي أن مواجهة المرأة التي اعتبرتها كابنة لها .. ونظرت إليها دائما كالمرأة الأفضل والأجدر بأن تكون كنتها .. وزوجة لقمان الطويل .. كانت تخيفها الآن .. لقد كانت تخشى أن تنظر آمال إلى عينيها فتدرك بأن علياء لم تعد المرأة نفسها ... بأنها قد تلوثت .. وما عادت العروس الأنسب لمناسبتها .. أن تدرك بارتياح بأن ابن زوجها المفضل .. قد تخلص من عبء ارتباطه بها قبل أن يجد نفسه مرتبطا بكيان منتهك وغير طاهر .. :- علياء ... بالضبط قبل أن تستسلم علياء لهستيريتها .. صوت مألوف لم تتوقع أن تسمعه في هذا المكان بالضبط ناداها .. التفتت وجلة لتقابل نارا ... تسير نحوها تكاد تقفز قفزا برشاقة لا يمكن أن تشي أبدا بكونها أكبر عمرا من علياء .. نارا كانت جميلة ... جميلة جدا .. لا بملامحها .. إنما بالروح التي لم يتمكن زواجها الفاشل والمخزي أن يدمرها .. بالقوة التي وجدت طريقها إلى السطح رغم كل مشاكلها ... حسنا .. هذه امرأة جديرة بالاحترام والتقدير .. هذه امراة تستحق أن تسير بين جمع كهذا من الناس بكبرياء لا شائبة فيه .. استسلمت لعناق صديقتها وهي تقول بحيرة :- نارا ... لم أتوقع أن أراك هنا .. ابتسمت نارا بشغب وهي تقول :- أنا أيضا لم توقع أن أتمكن يوما من حضور إحدى حفلات آل طويل المشهورة .. حتى وأنا صديقة مقربة من غراء .. لم يسبق للخائنة أن دعتني إلى إحداها .. لأنها كانت أكثر حرجا بأفعال والدها من أن تتمكن من دعوة أي من أصدقائها ... إذ كيف كان لها أن تفسر لهم رؤيتهم لأبيهم وهو يغازل غير والدتهم في مكان عام وعلى رؤوس الأشهاد ؟؟ ابتسمت علياء وهي تقول :- أنت هنا الآن وهو المهم ... لا السبب .. :- في الواقع ... وقبل أن تحسبي أنني قد تخطيت أي درجة في السلم الاجتماعي الذي مازلت أحتل قاعه .. أنا هنا برفقة صديق ... لقد طلب مني أن أرافقه قائلا أنه لن يتمكن من الحضور وحده خوفا من أي دراما عائلية قد تحرجه .. لم يخبرني بالتفاصيل إلا أنني أظن الأمر يتعلق بزواج سابق .. أدارت رأسها يمنة ويسارا قبل أن يشرق وجهها وهي تقول :- ها هو هناك ... لقد ظننته رماني للذئاب وهرب .. التفتت علياء إلى حيث كانت نارا تشير لتنظر إليه مباشرة في اللحظة التي سمعتها تكمل فيها :- لقد سبق لك مقابلة أدهم ... صحيح ؟؟ أنت تذكرينه ... جارنا الذي التقيناه صدفة قبل أسبوع في المقهى القريب من المكتب .. شحب وجه علياء وهي تحدق مباشرة في أدهم ... الذي كان يتحدث إلى أحدهم بانهماك وجدية نادرا ما كانت تراه عليها إلا فيما يتعلق بأمور عمله الذي كان دائما مصدرا مهما لتفانيه ...مفكرة بأنها قد ظنت بأن حضورها حفلا ترغم نفسها فيه على أن ترفع رأسها بين مئات الأصدقاء كان أكبر مخاوفها .. إلا أنها أدركت عندما التفت لتلتقي نظراتهما مباشرة ... بأنها كانت مخطئة تماما ..








وقيدي اذا اكتوى(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن