الفصل الثالث والعشرون
مرت ساعات منذ تركه غريمه وحده في قلب الظلام .... ساعات طويلة من الانفراد قاطعها رجال العصابة بين الحين والآخر .. أحدهم أعاد تثبيت الكرسي مجلسا إياه من جديد ... الآخر عاد إليه بشيء من الماء والطعام .. هه ... يبدو أن إقدامهم على قتله ما يزال بعيدا إذن ...
ساعات مرت ... جعلت لقمان يتساءل .. و وعيه يروح ويجيء بين الحين والآخر .. عن الوقت ..
كم من الأيام مرت منذ اختطافه ؟؟؟ أم تراها أسابيع ؟؟ أترى الشمس ساطعة خارج محبسه في هذه اللحظة ... أم تراها ليلة حالكة أخرى ؟؟
أترى بحر الآن نائمة ؟؟؟ أم تراها قلقة ... تسهر ليلها تفكر به ؟؟
أطلق ضحكة مريرة متهما نفسه بالحماقة .. في ظنه بأنها قد تغفر له وتنسى كل ما فعله لمجرد أنه .... أنه قد يموت ....
على الأقل إن مات حقا ... هو فعل المستحيل قد يضمن لها ما تستحقه من أمان ... كزوجته ... لن يجرؤ أحد على أن يمسها بسوء .. هو يعرف بأن والده .. وأخوته .. أكرم وريان ... وحتى كنان ولقمان يعرف بأنه كان يهتم لأمرها لفترة ... سيهتمون بأمرها .. ويرعونها كما تستحق ...
كان عليه أن يشعر بالحسرة والخسارة ... لأنه لم يجد الفرصة لأن ينعم بها إلى جانبه بعد عودتها أخيرا إلى حياته ... لأن ينظر إليها ... يتحدث إليها ... يلامسها ... يقبلها .. إلا أن كل ما كان يشعر به هو الامتنان لأنها قد عادت إليه في النهاية ... لأنه امتلك الفرصة لأن يخبرها أخيرا ... بأنه يحبها ..
( لم أحسب أنك انهزامي إلى هذا الحد .. ظننتك مستعدا للقتال بكل قواك لأجل العودة إليها )
دون أن ينظر إلى تلك الزاوية ... التي كان يعرف بأنها في الواقع كانت خالية إلا من صورة استحضرها خياله .. لشخص عرفه مرة في الماضي .. ولم يفكر به بعد ذلك مطلقا ..
من الغريب كيف أصبح لشيء غير موجود ... تلك القوة في منحه السلوى التي ينشد في وقت صعب كهذا .. أتراه فقد عقله حقا في النهاية ؟
:- ربما ... من الأفضل لها .. وللجميع ألا أعود ..
( ربما عليك أن تسألها قبل أن تتخذ عنها قراراتها مجددا )
صمت دون أن يقول شيئا ... إذ ما الذي يستطيع أن يقوله ردا على اتهامها هذا ... سألها فجأة :- لماذا أنت هنا ؟؟؟ لماذا أراك ؟؟ هل فقدت عقلي أخيرا ؟؟
ضحكت برفق وهي تقول :- ( ما دمت تطرح على نفسك هذا السؤال .. فأنت قطعا لم تفقد عقلك )
:- لماذا إذن ؟؟؟
صمتت للحظات ثم قالت :- ( لا أعرف ... من المفترض بك أن تعرف إجابة هذا السؤال ... لماذا تراني أنا من بين كل الأشخاص الذين عرفتهم في حياتك ؟)
ضحك بمرارة :- أنا لم أفكر بك مرة منذ هربت من ذلك الجحيم ... لقد قضيت عشرين سنة كاملة أحاول خلالها ألا أفكر بتلك الحقبة من حياتي .
( وهل نجحت ؟ )
لا ..... لم ينجح ... لقد ظل يحلم بالماضي كل ليلة من حياته .. باستثناء تلك ك كانت فيها بحر إلى جانبه .. تمتم :- هل تعلمين بأنني من قتله ؟؟؟
لم تقل شيئا ... مما جعله يرفع رأسه لينظر إلى زاويتها المعتمة .. وكرر كازا على حروفه :- لقد كنت أنا من قتله ... من غرز السكين في قلبه وأنهى حياته ..
( هذا جيد )
:- جيد ؟؟؟ أنت كنت زوجته !
( وهل أوقفك هذا بينما كنت تغرز السكين في قلبه ؟؟؟ )
هتف بغل :- لا ... إذ أنه كان من قتلك أنت ..
( لماذا تشعر بالذنب إذن ؟؟؟ )
:- لأنك قتلك بسببي ... لأنك دافعت عني ... عنا جميعا ... قتلك رغم أنك كنت تحبينه .. لابد وأنك أحببته وإلا ما بقيت معه ..
تمتمت :- ( أحببته ... إلا أنني أحببتكم أكثر .. أظنه لم يحسب حسابا لهذا ... عندما أرغمني على أن أتورط معه )
أشاح بوجهه بعيدا عنها ... فقالت :- ( أنا أعرف بأنك لن تسمح لهذا بأن يحدث مجددا .. أنت لن تسمح لأحد بأن يؤذي شخصا تهتم لأمره ... صحيح ؟؟ )
قسا وجهه بالعزيمة وهو يقول :- أبدا ..
( عدني يا لقمان ... عدني )
قبل أن يطرح عليها سؤالا آخر .... فتح الباب من جديد ... رفع رأسه وجسده يتوتر كله مرة واحدة وهو يرى خاطفه يعود من جديد ... وقد اعتلت وجهه نظرة كانت تقول بوضوح بأن ما ينتظر لقمان لم يكن جيدا على الإطلاق ..
أنت تقرأ
وقيدي اذا اكتوى(مكتملة)
Romanceالجزء الثاني من سلسلة في الغرام قصاصا بقلم المبدعة blue me حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me