الفصل الخامس والعشرون

11.3K 319 6
                                    

الفصل الخامس والعشرون

:- كنان !
رفع عينيه إليها مجفلا .. قبل أن يعبس قائلا بغضب :- ما الذي تفعلينه خارج السرير ؟؟
هجومه الغير متوقع ... ووجوده الغير منتظر أمام الباب .. أرغمها على أن تتراجع إلى الوراء دون أن تفكر مفسحة له الطريق عندما خطى نحوها .. بعد أن أغلق الباب خلفه ... بدأت تعود إلى صوابها وتصحو من ذهولها وهي تقول بحدة :- ما الذي تفعله هنا ؟؟؟
:- أ مازالت ركبتاك تؤلمانك ؟؟؟ أنت تعرجين ؟؟
أخذها على حين غرة مجددا عندما أمسك بمرفقها وهو يقول :- لنجلس أولا ... ثم تستطيعين تمزيقي بلسانك كما تشائين ..
تركته يجرها إلى غرفة الجلوس بينما هي تقول خلفه بغضب :- أنا لست طفلة .. فلا تعاملني كواحدة ..
دفعها بلطف كي تجلس فوق أول مقعد .. ثم نظر إليها من علو تعتلي عينيه نظرة غامضة وهو يقول :- صدقيني ... أنا أعرف جيدا أنك لست طفلة ..
وجدت نفسها تتذكر لحظة قبلها فأشاحت بوجهها عله يغفل عن احمرار وجنتيها .. سألته باقتضاب :- لماذا أنت هنا ؟؟؟ من المفترض بك أن تكون في المستشفى برفقة عائلتك ..
سمعته يتنفس بقوة .. قبل أن يتراجع مبتعدا عنها وهو يقول :- لم .. لم أستطع ..
:- لماذا ؟؟؟ لأن بحر ستكون هناك ؟
رفعت رأسها نحوه لترى وجهه يشحب وهو يقول :- لا .... أعني .. أظنها كانت ستكون أكثر انشغالا من أن تدرك تواجدي هناك ..
نظرت إليه مليا ... قبل أن تسأله بقلب منقبض :- هل تحبها ؟؟
اكتسى وجهه بالغموض وهو يقول :- لفترة .. ظننت هذا ... إلا أنني الآن أدرك بأنني توهمت مشاعري هذه نحوها إذ أنها كانت أول امرأة ترفضني ...
القبضة التي كانت تعتصر قلبها ارتخت فجأة دون أن تعرف السبب .. إلا أن استرخائها المؤقت لم يستمر عندما أكمل بصوت مكتوم :- التوتر بيننا كلما التقينا .. عائد على الأرجح لأنها لن تسامحني كوني السبب في لقائها بلقمان ..
كانت تدرك أن هناك شيء لا يخبرها به كنان .. إلا أنها لم ترغب بمعرفته .. تمتمت :- أنت لم تجب عن سؤالي ... لماذا لست هناك .. مع عائلتك ؟؟؟
زفر بقوة وهو يقول :- هل حقا تطرحين هذا السؤال ؟؟؟ لن يرغب أحدهم بوجودي هناك ..
تذكرت هجوم ريان السابق عليه .. فقالت بهدوء :- أتخشى أن يدركوا بأنك تهتم حقا بلقمان .. وترغب فعلا بالاطمئنان عليه ؟؟؟ أم العكس ؟؟
نظر إليها مجفلا .. فتابعت :- أظنك تخشى أن يظنوا بأنك هناك فقط لأنك يجب أن تكون هناك .. أن ينظروا إليك وكأنهم يخبرونك بأنك لا تستحق أن تكون موجودا معهم ..
للحظة ... كانت قادرة على رؤية شيء ينكسر في العينين السوداوين واللتين كانتا تبدوان دائما صبيانيتين .. في حين أنهما الآن كانتا بعيدتين تماما عن الصبيانية .. همس :- كيف ... كيف تفهمينني بهذا الشكل ؟؟
غمرها العجز وهي تطرح على نفسها التساؤل ذاته ... ليفاجئها عندما خطا نحوها من جديد ... ممسكا وجهها بين يديه ... رافعا إياه نحوه ... ابهامه يتحرك فوق شفتها السفلى المشقوقة برفق وكأنه يخشى أن يدميه مجددا ...
كان عليها أن تذكر نفسها بصعوبة بأن هذا الرجل .. كما كان الشخص الذي أنقذها هذا المساء .. كان الرجل الذي سبق وأهانها بكل طريقة ممكنة .. كي تتمكن من التعاطي مع رقته المفاجئة ...
أبعدت وجهها وهي تضرب يده قائلة بسخط :- ما الذي تفعله ؟؟ إن لمستني مجددا قتلتك .. أتسمعني أيها المنحرف ؟
تراجع خطوة وهو يقول يتمتم بصوت مغلق :- آسف ... أنا كنت قلقا عليك ... كل ما أردته هو أن أتأكد بأنك بخير ... لقد ظننتك حقا نائمة ولم أرغب بإزعاجك ..
هه ... الحقير ... الآن هي غارقة حتى أذنيها بتأنيب الضمير لتهجمها عليه ... تمتمت :- أنا من يجدر بي الاعتذار عن فظاظتي ... أنت رغم كل شيء ... أنقذتني اليوم ..
تمتم باقتضاب :- لقد كنت في الوقت والمكان المناسبين لا أكثر
نظرت إليه مليا .. ثم قالت :- لا .... أنا لا أظن هذا صحيحا ...
نظر إليها بتلك العينين اللتين رغم اختلاف اللون ذكرتاها كثيرا بريان .. إذ كانتا تحملان الهشاشة نفسها ... وتمتمت :- أنا لا أظن وجودك هناك كان محض صدفة ..
تورد طفيف لون وجنتيه مؤكدا شكوكها .. فتنهدت قائلة :- ما الذي كنت تفعله هناك يا كنان ؟؟
قال بخشونة :- ربما عليك أن تكتفي بشكري وترك الأمر في حاله ..
:- هل تظنني حقا سهلة المراس إلى هذا الحد ؟؟
أدار عينيه وهو يقول :- إطلاقا ..
ثم تنهد وهو يجلس فوق مقعد مواجه لها ... تاركا مسافة آمنة بينهما .. مما جعل وردة تشعر بالغرابة لحوارهما المتحضر ... هي وكنان ... يتبادلان حوارا هادئا و ... وحميما بعض الشيء ... بدون أي شيء من الشجار ؟
تمتم محدقا بيديه :- ما كان علي أن أقبلك كما فعلت ذلك المساء ..
أحست وردة بالحرارة تجتاحها من رأسها حتى قدميها وهي تتذكر مرغمة وللمرة الثانية خلال عشر دقائق قبلته تلك .. هتفت بغضب :- لا أرغب بالتحدث عن الأمر
:- هذا سيء ... لأنني أرغب بالتحدث عنه وبشدة ... وردة ... صدقي أو لا ... أنا لا أتجول في كل مكان فارضا نفسي على الفتيات ..
:- هه ... هل تحاول الادعاء بأنني أول فتاة تتحرش بها أيها المنحرف ؟؟
أشاح بوجهه وهو يقول باقتضاب :- لا ..
إجابته أسكتتها .. إذ كانت بعيدة تماما عما توقعت أن يقوله ... بل هي أغضبتها إلى حد أغرتها بالنهوض والسير نحوه فوق ساقيها المجروحتين كي تصفعه على وجهه كما فعلت في تلك الليلة بالضبط .. إلا أن شيئا من المرارة في تعابيره ... أوقفها .. وجعلها تقول هامسة بدون أن تفكر :- بحر !
أخذ نفسا حادا وهو يقول :- أنا ... أنا لم أفرض نفسي عليها حقا ... أنا كنت أحاول إقناعها بالبقاء معي لا أكثر .. أنا ... أنا لا أدافع عن نفسي .. إلا أن ما حدث حينها .. كان حادثا ..
شحب وجهه واتسعت عيناه وكأنه يتذكر شيئا بشعا .. بينما قال :- لقد فقدت توازنها وضربت رأسها ... وأنا ... أنا خفت .. وتركتها آنذاك ليتلقى لقمان اللوم على ما أصابها .. لقد ظننت بأنها قد ماتت .. ففقدت عقلي ..
دلك عينيه بكفيه وهو يطلق ضحكة مريرة قائلا :- أترين الآن سبب عدم وجودي في المستشفى ؟؟؟ لقمان وبحر .. لن يسامحاني أبدا على ما فعلته ..
لم تعرف وردة ما يفترض بها أن تقوله ... إلا أنها كانت تعرف بأنها لا تلومه كما يفترض بها أن تفعل .. تمتمت :- لماذا تخبرني بهذا ؟؟
هز كتفيه وهو يقول :- أنت بالفعل تعرفين كل الأشياء السيئة عني ... أنت تكرهينني مسبقا ... لا أظن من الممكن أن تكرهيني أكثر إن أخبرتك بالمزيد ..
قالت بهدوء :- حسنا .. أكره أن أخبرك بهذا .. إلا أنني لا أكرهك إلى هذا الحد ..
رمش بعينيه وهو ينظر إليها وكأنه لا يصدق ما قالته .. فتابعت :- لذا .. أكون ممتنة لو توقفت عن قول الأشياء السيئة عن نفسك ... أنت مدلل .. وقح .. وأنا لن أسامحك أبدا على إهانتك لي .. إلا أنك أنقذتني .. كما أننا .. قبل أيام .. اتفقنا على أن نكون أصدقاء .. أكره الاعتراف بهذا .. إلا أنني قضيت وقتا ممتعا حقا آنذاك ..
قال بصوت أجش :- ألا تمانعين أن أكون صديقك ؟؟
هزت كتفيها قائلة :- ما دمت ستتوقف عن التحرش بي ومضايقتي .. لماذا أفعل ؟؟
أطلق ضحكة متقطعة وهو يقول :- حسنا ... أنا لا أعدك بشيء .. أعني ... عندما ترتدين فستانا خارقا كذلك الوردي ... وتحاولين استفزازي بمرافقة غيري من الرجال ... هناك حدود لما يستطيع شاب أحمق من آل طويل احتماله ..
خفق قلبها بقوة وهي ترفع رأسها إليه .. تنظر إليه بعينيها الواسعتين وهي تحاول إدراك إن كان يقصد حقا ما كان يقوله من خلال كلماته ..
هل يراها كنان حقا جميلة بطريقة ما ؟؟؟ هل كانت الغيرة وهو يراها برفقة عمر .. ما دفعه للتهور ذلك المساء ؟؟؟
لم يكن كنان قادرا على احتمال النظر إلى عينيها وهي تنظر إليه بهذه الطريقة ... كيف لم يدرك من قبل إلى أي حد كانت عيناها جميلتين ؟؟
أشاح بوجهه وهو يقول :- من الأفضل أن أذهب وأتركك ترتاحين ..
هزت رأسها موافقة .. إذ كانت أحداث اليوم أكثر من كثيرة عليها ...
:- سأعود لاحقا ... ربما عندما تشفى كدماتك .. لنخرج إلى مكان ما .. فنحتفل بصدقاتنا الجديدة .. ما رأيك ؟
لماذا تجد نفسها عاجزة عن الرفض ؟؟
عندما غادر تاركا إياها وحدها ... كانت وردة تشعر بأنها لم تكن قط طوال حياتها ... أكثر تشوشا مما كانت الآن ..











وقيدي اذا اكتوى(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن