عندما فتحت عيونها تراءى لها طيفه وهو يعانق السراب... كانت لتحاول لمسه لو أنها استطاعت مد يدها إليه، فقط لتتأكد من أنه حقيقة وليس خيال...
هل تخدعها عيونها الآن؟ أم أنها حقيقة يرفض قلبها الاذعان لها!
أسبلت أهدابها وكل ذرة فيها تتشرب صوته العذب: أنت بخير؟
أحست بصوته المتفجر حنانا يغرقها عطفا واهتماما، وكم كانت عطشى لشيء اسمه احتواء وانتماء...
تتذكر كيف مرت يده مساء الأمس فوق خدها الناعم، تعرف أنه قد أزهرت كل نقطة لامستها أصابعه. تستطيع أن تتذوق الآن شيئا من الجنون الذي لن يرضخ لجلاديها من أهلها ولا حتى لسيوف عشيرتها... كانت تعلم أنها منذ الآن فقدت نسرين... كيف استطاع بنظراته تلك أن يهبها روحا جديدة!..
تشعر أن شيئا خاملا فيها منذ الأزل قد استيقظ... بركان اتقد ولن يخمد...
ناداها: نسرين...
فتحت عيونها إليه وكأنه انتشلها من قاع عميق، وحدقت فيه بتيه... كانت ابتسامته الحانية في انتظارها... تلك الابتسامة التي تذيب شيئا من الكبر المفرط بداخلها فتجعلها ترضخ له وتمنحه ابتسامتها الرؤوم بعد فرط تمنع.
نطق بعد صمت: قال الدكتور أنك ستتحسنين...
لم تستطع لشدة تعبها أن ترد عليه بكلمة، لكنه بقي يحدق فيها بشيء من السعادة التي استطاعت أن تلمسها في نظراته.
قاطعتهما الممرضة: سيدي... انتهت الزيارة، على المريضة أن ترتاح...
هز رأسه موافقا والتفت إلى نسرين من جديد: سأعود لزيارتك.
لم تجبه، لكنها أعلنت له رضاها بابتسامة منهكة أهدته إياها على تعب. فغادر وكله شوق للقاء ثان بينهما قد تُسمعه فيه صوتها فترتاح نفسه.
لم يكن يفهم حقا تلك المشاعر المبهمة التي بدأت تزحف على قلبه، سيكون أحمقا متهورا إن سولت له نفسه أن يحبها، هو حتى الآن لا يعرف عنها غير اسمها، والباقي غموض في غموض، هذا إن تجاهل علاقتها المريبة بياقوتة وعالمها العفن... ضف إلى ذلك حالته المزرية وحريته المهددة في أي لحظة.
مسح على شعره بإرهاق وتابع تجاوزه للمارة في طريقه لمغادرة المشفى محاولا قدر المستطاع تجنب تلك الوساوس التي بدأت تعبث بعقله.******
دخلت سهام غرفتها وأقفلت الباب من خلفها ثم أخرجت من بين ثيابها قطعة من الجلد الأسود محاطة بخيط يسد على شيء ما يابس بين ثناياها. تلمستها بأصابعها وهي حقا لا تعرف ما يوجد بداخلها فقد أبكرت أمها صباح اليوم إلى الشيخ المبارك وأحضرت هذا الشيء من عنده، ومن ثم بلغتها أنه يوصيها بوضعه تحت وسادة زوجها أثناء نومه... سيفي هذا بالغرض ريثما تصل المواد التي طلبها من عمق أفريقيا...
اقتربت من السرير ووضعت وسادة زوجها في حجرها محدثة فيها شقا استطاعت من خلاله جعل القطعة الجلدية داخل الحشوة بحيث لن يتمكن من إيجادها ولا حتى الشعور بها.
ليست تدري لماذا انتابها الخوف مما تقوم به، لكنها مضطرة لتجريب كل شيء من أجل أن تحظى وزوجها بأيام أفضل.
يقولون أن الغريق يتشبث بقشة، ورغم الشكوك التي تساورها تجاه هذا الشيخ إلا أنها تغض طرفها عن كل شيء ولا تستمع إلا لما يقوله الجميع عن براعته وكلها أمل في أن يريحها مما هي فيه من هم ونكد ويعود زوجها محبا ومخلصا من جديد.
أنت تقرأ
أنثى بحروف شرقية
Romanceلمحبي القصص الرومانسية😍😍 بلمسة واقعية أقدم لكم رواية : انثى بحروف شرقية الرواية تحكي عن معاناة المرأة في مجتمع قاسي يمارس سياسة الكيل بمكيالين فيحاسب المرأة على كل كبيرة وصغيرة بينما يترك للرجل حرية ارتكاب الأخطاء. في مجتمع عربي وبواقعية نعيش قصص...