دخل محمود الفيلا الكبيرة من بابها الرئيسي ومن ورائه كانت تسير نسرين بحذر متأملة فخامة المكان وهي ترجو في قرارتها ألا تلتقي بمروى حتى لا تتجرأ على مغازلة محمود أمامها لأنها بكل تأكيد ستفقد أعصابها وتصاب بنوبة ما.
تعمدت التخلف عنه حتى يخبر والده بقدومها، وتماطلت عند المدخل حتى شاهدته يرجع أدراجه إليها فأمسك بكفها وهو يقول: حبيبتي، ما يبقيك هنا!
لاحظ وجومها الطويل نحو الواقف خلفه فالتفت ليجد والده واقفا عند مدخل قاعة الاستقبال الثانية ينظر إليهما بعيون حادة جعلتها تشعر بالخوف مما هو قادم.
قال لها محمود: أعرفك هذا أبي...
ردت بصوت خفيض: تشرفت بمعرفتك.
أومأ الآخر برأسه دون أن ينطق بكلمة، فأحست أنه غير مرحب بها هنا في هذا المنزل، وتمنت لو أنها لم تترك شقتها أبدا. بينما وقف محمود بالقرب منها حتى أصبحا في مواجهة والده معا وطوق خصرها بذراعه وهو يقول: هذه نسرين المرأة التي تزوجتها عن حب وقناعة... أتيت بها إلى هنا لتكون في مأمن من بشير وما قد يلحقه بها...
وصمت مترقبا ما سيقوله والده الذي كان يضحك منه في قرارة نفسه، فكما يبدو ابنه الصغير مازال يؤمن بخرافة الحب... إنه كولد يصدق بوجود الغول الذي يلتهم الصغار الذين لا يسمعون كلام والديهم...
كم سيمر من الوقت يا ترى حتى يعرف أنها امرأة كغيرها من النساء... ويستبدلها بأخرى أصغر منها سنا وأبهى منظرا تمتعه بشكل مختلف!
لم يعلق على كلام ابنه وإنما بقي ينظر إليهما بطريقة فيها شيء من السخرية ما جعل محمود يستعجل الانصراف، فنظر إلى عيون زوجته المذعورة وقال بصوته الذي يبعث الأمان في أوصالها: هيا لترتاحي...
هنا نطق والده: ليس الآن.. هناك ما أريد التحدث به..
وانصرف ليلحقا به. في ما شعرت نسرين بمغصة حادة في أمعائها وتسارعت دقات قلبها خوفا مما يريد هذا الرجل التصريح به.
جلس ثلاثتهم على أرائك متقابلة في ركن تزينه ستائر ذهبية تغطي الجدار بتموجات متناغمة حولها أثاث يلمع ببريق يأسر الأنفاس.. كل شيئ هناك يتسم بالرقي والفخامة لكن لا شيء يريح قلبها المذعور منذ أول خطوة أرستها في هذا المنزل...
قال محسن بتكبر وهو يوجه نظراته إليها: لابد وأنك تعرفين بشأن مروى... من المرجح أن محمود أخبرك كل التفاصيل...
هزت رأسها موافقة ولم تستطع أن تصدر أي صوت في ما تابع محسن كلامه: يجب أن يكون لتواجدك هنا مسوغ مقبول... ودون إثارة ريبة أحد... لذلك قررت أن تكوني مدبرة المنزل الجديدة... وغرفتك ستكون بآخر الرواق مع باقي غرف الخدم.
أنت تقرأ
أنثى بحروف شرقية
Romanceلمحبي القصص الرومانسية😍😍 بلمسة واقعية أقدم لكم رواية : انثى بحروف شرقية الرواية تحكي عن معاناة المرأة في مجتمع قاسي يمارس سياسة الكيل بمكيالين فيحاسب المرأة على كل كبيرة وصغيرة بينما يترك للرجل حرية ارتكاب الأخطاء. في مجتمع عربي وبواقعية نعيش قصص...