الفصل الثامن
فتحت باب الشقة بأياد ترتعش وعيون حمراء يملؤها الغضب، تتطاير منها دموع القهر كل لحظة.
مسحت وجهها بأكمامها ونظرت إلى حماتها الجالسة على الأريكة في هم وضيق. بقيت للحظات تراقبها وعيناها تتهمانها. وقفت هناء واقتربت منها: الحمد لله على عودتك سالمة يابنتي...
لم ترد عليها سهام بكلمة وإنما بقيت تلقي إليها بتلك النظرات الشرسة وكأنها على وشك الانقضاض عليها.
راب هناء ذلك المنظر لكنها اقتربت منها بهدوء وربتت على كتفها، هيا لتنامي يابنتي... لقد قلقت عليك كثيرا...
أبعدت سهام يدها عنها وهي تصر على أسنانها: لا تلعبي دور الأم الحنون... فهذا الدور لم يعد يليق بك بعد اليوم...
تجمدت معالم هناء وبقيت تحدق فيها باستفهام، بينما تابعت سهام بغضب رغم محاولاتها اليائسة في كبح جماح جنونها: كنت تعلمين... كنت تعلمين منذ البداية...
تأتأت هناء وقد ارتسمت الدهشة على كل ملامحها فصاحت بها سهام: لماذا اخترتني أنا من بين كل النساء لتلقي علي بلعنة ابنك المنحرف !
دفعت هناء بسهام لداخل غرفتها حتى لا يستيقظ سليم من نومه خصوصا وأنها لم تخبره بخروج كنته خلف ابنه وشجارهما...
عندما أصبحتا بالداخل أقفلت الباب وطلبت منها أن تخفض من صوتها: عمك نائم، هو لا يعرف بخروجك وإلا كان قد أقام الدنيا ولم يقعدها، لا تسببي لي المشاكل لأنني تسترت عليك...
حاولت سهام أن تهدأ وهي تمسح دموعها تارة وتنظر لصغيرها النائم في سكون تارة أخرى.
شهقت بألم ثم قالت: لماذا ابتليتني به؟ لماذا زوجتموه أصلا إذا كان لا يرغب إلا في الرجال !
جحظت عيون هناء بينما أشّرت لها سهام بإبهامها في اتهام: إياك أن تكذبي... كنت تعلمين منذ البداية...
ارتجفت كل أوصالها ولم تجرؤ على تفنيد هذا الكلام فتابعت سهام بثقة: هو ابنك الوحيد... أنت ربيته، أنت كنت المسؤولة عنه وعن كل ما يخصه طيلة كل هذه السنوات وأجزم أنك تعرفين بانحرافه... لا تكذبي.
حركت هناء رأسها نفيا ولم تقل أي كلمة فتابعت سهام: فادي الرجل الوسيم... له وقفة وطول يحسده عليه كل الرجال... عمل، أسرة... يتعامل مع الجميع بطريقة طبيعية... يا إلهي طوال طريق العودة وأنا أفكر في أي إشارة بدت منه وأغفلتها !!! لم أجد أي ثغرة في حياته سوى إهماله لي بطريقة لا مسوغ لها...
استجمعت قواها وتابعت: لم يخطر على بالي يوما أنه بهذا القرف... تبا له دمر كل حياتي...
صمتت للحظات وهي تحدق بحماتها ثم رمتها بهذه الكلمات: ابنك لا يصلح لأن يكون رجلا يا حماتي... بل لا يصلح حتى أن يكون إنسان فهو أقرب للحيوانات منه للبشر...
بدى الغضب في عيون هناء وردت عليها بغيظ: ابني رجل رغم أنفك يا هته...
أجابتها بفحيح: اظهري على حقيقتك... اعترفي أنك زوجتني منه لتستري عيبه... ليكون رجلا عاديا بين كل الرجال بينما أنت...
ولكزتها بإبهامها مردفة: أنت تعلمين جيدا أنه شاذ حقير...
كانت ملامح هناء كلها غضب، نظرت إلى كنتها بطريقة مبهمة ثم تركت الغرفة إلى المطبخ وهناك بدأت بذرف الدموع.
وقفت سهام عند رأسها وهي تراقب انكسارها: ابكي... ابكي... تستحقين أكثر من البكاء. أنت من دمر حياتي وليس هو... أنت من خطبني له...
وصاحت بقهر: ما ذنبي أنا ! ما ذنب هذا الصغير !... لماذا دمرتنا؟
أنت تقرأ
أنثى بحروف شرقية
Romanceلمحبي القصص الرومانسية😍😍 بلمسة واقعية أقدم لكم رواية : انثى بحروف شرقية الرواية تحكي عن معاناة المرأة في مجتمع قاسي يمارس سياسة الكيل بمكيالين فيحاسب المرأة على كل كبيرة وصغيرة بينما يترك للرجل حرية ارتكاب الأخطاء. في مجتمع عربي وبواقعية نعيش قصص...