مضى يومان اثنان وهذا صباح الثالث. جلست مروى بالحديقة تحت أشعة الشمس وعيونها تراقب أمها في حركاتها الدؤوبة وهي تعتني بزهورها وتقتلع الأعشاب الضارة من حولها. تعلم جيدا أنها تشغل نفسها بأتفه الأمور حتى لا تفكر بالوحش الجاثم على صدرها يكاد يزهق روحها مستمتعا بحشرجة أنفاسها... تعلم جيدا أنه لا أمل منه وتعي حقا خطورة الوقوف في وجهه. لذلك هي تبيع الحب للنسيان كما باعت من قبلها روحها لرجل مثله يشبه الشيطان...
قبل أن يقص عليها لؤي حقيقة مرضه النفسي كانت تعتقدها امرأة ضعيفة وكسيرة لا أمل منها، لكنها اليوم تدرك أنها تتحمل الكثير من أجل أن تتقي شره، وتوازن السفينة بهم جميعا... تلك السفينة التي مآلها الغرق لا محالة...
جمود وجهها وشحوبه يفضح ادعاءها للسعادة... إنها تنازع الموت حق الحياة وليس تدري في النهاية أتصرعه أم يصرعها!
تستغرب من أين أوتيت كل تلك القوة لتمثل على الجميع دور الزوجة الهادئة! ليست تدري ما الذي حصل بينهما خلف تلك الأبواب المغلقة لكنها تستطيع أن تميز بريق شظايا الأمل مكسورا في عيونها... أتراها تنتظر فرجا قريبا بلا حول ولا قوة!
تنهدت بأسى وغصة الألم لا تبارحها... متى ستقرر أمها الهرب... ألا ليتها تهرب من جحيم أبيها المختل إلى أي مكان لا يجدها فيه لتبدأ من جديد... ربما ستجد من بعده رجلا يهب لها الحياة وطنا بصدره لا تعيش فيه بغربة أبدا...
كم هي جميلة الأحلام!... وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!..
رسمت نصف ابتسامة ساخرة وهي تشاهد لؤي يسير بخطى سريعة نحو السيارة المتوقفة قرب النافورة متفقدا للمسدس بحزامه. ومن بعده خرج والدها في بدلته الرسمية يباهي الأرض بمشيته، ففتح له السائق الباب ليركب ومن ثم انطلق موكب جلالته في صورة مبالغ فيها الغرض منها المباهاة لا أكثر فحتى محسن كان يذهب إلى العمل رفقة سائقه فقط وربما سيارة واحدة مرافقة إن كان يحمل أوراقا مهمة... تعلم جيدا أن جرائمه تلك هي من تستدعي منه أن يكون حذرا على الدوام!
لقد بحثت عن حقيقة ما يدعيه لؤي وقرأت عديدا من المقالات التي ينشرها أصحاب الاختصاص وربطتها بواقع والدها فوجدت تشابها مريبا بين الأعراض التي يذكرها الأطباء وسلوكيات والدها... طريقة كلامه، استصغاره للغير واستهزاؤه بهم، تفحيمه لمن يحدثه علنا وأمام الجميع... حتى جمعه لقطع من الأسلحة الفريدة ومباهاته بها... وعشرات الأمور غيرها... كلها أعراض خفية لسادية بلغت به حد الإجرام...
♡♡♡♡
أنت تقرأ
أنثى بحروف شرقية
Romanceلمحبي القصص الرومانسية😍😍 بلمسة واقعية أقدم لكم رواية : انثى بحروف شرقية الرواية تحكي عن معاناة المرأة في مجتمع قاسي يمارس سياسة الكيل بمكيالين فيحاسب المرأة على كل كبيرة وصغيرة بينما يترك للرجل حرية ارتكاب الأخطاء. في مجتمع عربي وبواقعية نعيش قصص...