19

254 22 1
                                    

كان جميع عمال المشرحة في حال يرثى له، فجميعهم يدرك أن مايحدث ليس جرائم قتل عادية ..إن هناك شيئاً شيطانياً يدور في المشرحة ..شر واجهوه جميعاً ، لكن أحدا لا يصدقهم ..



المشكلة الحقيقية الآن أنهم صاروا المشتبه الأول في جريمتي القتل ..إنهم أضعف أطراف الحلقة ،وبالتالي فهم المتهم الجاهز دائماً .وحتماً لن يتهم الأمن أحد أطباء المشرحة طالما العمال المساكين موجودين.



كان العمال الأربعة في النيابة في انتظار مثولهم للتحقيق مرة أخرى أمام وكيل النيابة..أكثرهم جزعاً كان جمال..كان آخر من رأى القتيل ..وبالتالي كان يخشى أن يتهموه بقتله ..



يعلم يقيناً أن الجاني الحقيقي ليس بشرياً ، ولذا فـ مهما بحثوا عنه؛ فلن يستطيعوا أن يصلوا إليه ..لذا تداعت في ذهنه عشرات الخيالات المرعبة ..لابد أنهم في حاجة الآن لاتهام أحد ما بارتكاب الجريمتين ،ولأنه مجرد عامل بالمشرحة ،لا ظهر له أوسند ،فلن يعدموا حيلة ما كي يلفقوا التهمة له ...هذه أشياء سمع عنها من قبل في الحارة والمقهى ..



هل ينسى محروس صبي المكوجي الذي اقتادوه من بيتهِ ذات مساء ،ولفقوا له تهمة سرقة المدرسة الإعدادية..علم جميع سكان الحارة أنه مظلوم ؛لأنه وقت ارتكاب الجريمة كان موجوداً في المقهى ،وعشرات الرواد كانوا قد رأوه وشهدوا بذلك بالفعل..



لكن الضابط الذي قبض عليه ولفق له التهمة كان ذئباً .. فوضع بعض الأشياء التي تخص المدرسة بحنكة أسفل فراشه أثناء تفتيش حجرته ..وتكفل الضرب والتعذيب في أن يعترف الولد بالتهمة ،ولم تشفع له شهادة الشهود، ليحكم عليه القاضي بالسجن لخمسة أعوام ..



لكن الأمر هنا ليس سرقة أو مشاجرة ..إنها جريمتا قتل ..مما يعني أن العقوبة هذه المرة هي الإعدام حتماً ..



ارتجف حين جالت الفكرة برأسه، فقال لعم منصور بصوت أقرب للبكاء :



-هل سيعذبوننا ياعم منصور كي نعترف ؟...



أجابه عم منصور بهمس، وهو يتلفت حوله بخوف كي لايسمعه أحد ما من العساكر أو المخبرين المنتشرين كالجراد حولهم:



-نعترف بأي شيء يا أبله؟!.



-بأننا من قتلنا الدكتور شريف ،وتلك الطالبة ...



هذه المرة همس متولي فيه بذعر ،وهو يتلفت هو الآخر حوله ليتأكد أن أحداً من حراس النيابة لم يسمع ماقاله جمال :



- اصمت أيها الغبي ..هل تريد أن تثبت علينا تهمة لم نرتكبها.. انتبة جمال إلى خطئه ؛فانكمش في نفسه أكثر ليزداد ذعراً حتى شعر بأنه سيفقد وعيه قريباً من الهلع ، بينما قال عم منصور محاولاً تهدئته هامساً:



-نحن لم نفعل شيئاً ياجمال..ولا دليل واحد يدين أي منا .سوف يسألوننا كالمرة السابقة ،ثم يصرفونا بعدها إلى منازلنا..هذا ماسيحدث حتماً.

ألجثة ألخامسةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن