"هذا عجيب .."
هتف بها الدكتور هشام ، وهو يتطلع إلى جثة الطالبة التي يقوم بتشريحها بمعاونة الدكتور محمود ، ثم أشار إلى الجثة بتوتر ،وهو يقول:
-هذه أول مرة أرى شيئاً كهذا في حياتي..لا نقطة دم واحدة في العروق.. كيف يمكن أن يحدث شيء كهذا ..هذا مستحيل تماماً.
كانا يدركان أنه من المستحيل أن تخلو جثة ما تماماً من الدماء .. فلابد أن تتبقى كمية ما من الدماء في الجثة مهما كان ماتعرضت له من أذى ..فحتى لو قمت بتمزيق الجثة إرباً فهناك دوما دماء باقية في نسيج أو تجويف أو عرق ما.. عقد الدكتور محمود كلتا يديه خلف ظهره، وهو يقول :
-السؤال الذي يجب أن نجيب عليه هو أين ذهبت دماء الفتاة؟! ..لاثقوب خارجية ..لا إصابات أو كدمات بأي مكان بجسدها..جميع الأوردة والشرايين السطحية سليمة ..إذن كيف فقدت دماءها؟
غمغم الدكتور هشام بصوت خفيض ؛ربما خشية أن يبدو رأيه سطحياً أمام أستاذه:
-ربما كان هناك نزيف داخلي بداخل أحشائها ؟..
تطلع إليه الدكتور محمود للحظة قبل أن يهز رأسه نافياً :
-لايوجد نزيف داخلي يفعل شيئاً كهذا .. أي نزيف داخلي هذا الذي لم يترك قطرة دم واحدة في عروق الفتاة؟..فحتى لو انفجر الشريان الأورطي ،وتمزق تماماً ، وأفرغ كل دمائه بأحشائها، سيبقى بعض الدماء بالأنسجة والشرايين ..الأمر يبدو هاهنا، وكأنما امتصت دماءها تماماً.
تطلع إليه د.هشام بفضول وحيرة،وغمغم بحذر:
-ألاتوجد سابقة لشيء كهذا؟
-لوكانت هناك سابقة لجثة تخلو من الدماء، فإنني أجزم أننى لم أسمع عنها ..أن يفقد الإنسان كل دمائه ،أمر لم نسمع عنها إلا في قصص مصاصي الدماء الخرافية..وأرجو ألانضطر في النهاية لإتهام مصاص دماء بفعل هذا معها.
ابتسم الدكتور هشام لطرافة التعليق ،وقد تخيل أن يكتب تقريراً رسمياً يجعل فيه القاتل مصاص دماء ، فقال مازحاً محاولاً تبديد بعض التوتر الذي يعصف بهما:
-ربما نلجأ لهذا التفسير في النهاية، لو عجزنا عن الإجابة عن الألغاز التى تتعلق بهذه الفتاة.
هزّ الدكتور محمود كتفيه ،وهو يقول برصانة دون أن يلتفت لما في الأمر من دعابة:
-حتى لو كان من أحدث هذا مصاص دماء، فأين آثار أنيابه على جلدها ..إن عملنا قائم على العلم والأدلة والبراهين ،ولو قدمت لهم احتمالاً كهذا، عليك قبلها أن تخبرهم من أي وعاء دموي امتصّت دماؤها ،كما أن عليك أن تجيب عن سؤال آخر مهم للغاية..
أنت تقرأ
ألجثة ألخامسة
Gizem / Gerilimعم منصور بصفتين رئيسيتين .. أن الرجل هو أهم شخص طوال العامين الأولين الطب إن لم يكن جميعهم.. وما وهو خازن الأسرار ..