30

246 21 2
                                    

في تمام السادسة كانت سيارة الدكتور محمود الصغيرة أمام منزل الدكتور مصطفى ،كان الأخير بانتظاره ، فانطلقا على الفور إلى المقطم؛ حيث يسكن الدكتور محمد شاهين ..وفي الطريق تساءل الدكتور مصطفى :

-هل يعيش الدكتور محمد بمفرده في فيلته؟.

-نعم ..فهو لم يتزوج أبداً ..سمعت ما يقال أنه كانت هناك طبيبة إنجليزية أحبها إلا أنهما لم يتفقا في النهاية، وانفصلا ،ولم يفكر بعدها في الارتباط بأخرى..

- إنها إذا عقدة الحب الفاشل التي تظل تلاحقك طوال عمرك .. هذا يعني أنه الطبيب النفسي معرض هو الآخر لأن يسقط فريسة عقدة ما كما يبدو..لكن كيف يقضي وقته إذن ،وقد أغلق عيادته على ما أعلم.

-الرجل يعيش بين كتبه، وأبحاثه ،ولا أظنه يشكو الفراغ ..ستذهل بشدة حين ترى مكتبته ،ومعمله حيث يجري أبحاثه.

نظر إليه الدكتور مصطفى بتعجب ،وقال:

-وهل يقوم بأبحاث ما؟..

ابتسم الدكتور محمود مجيباً :

-بالتأكيد ..إن أبحاثه هي التي تقودنا إليه الآن ..إنه يعمل في مجال الخوارق ، وما وراء الطبيعة كما تعلم ..

لم يفهم الدكتور مصطفى هذه الأبحاث التي يقوم بها فقال بتعجب:

-وكيف تكون مثل هذه الأبحاث ..هل يقوم مثلاً بتحضير الأرواح والجان مثلاً ؟.. أنا لا أفهم كيف تكون هناك أبحاث في تلك الأمور أطلق الدكتور محمود ضحكة قصيرة قبل أن يجيب:

-ربما يفعل هذا..إن كل شيء ممكن مع الدكتور محمد شاهين..هذا ما ستدركه حتما حين تعامله ..لكني أعتقد أن الأمر أكبر من ذلك ..فهو مثلاً يهتم برصد الأصوات الصادرة من الفضاء ،وتلك الصادرة من المقابر .. لاحظ أن فيلته قريبة من منطقة المقابر، وربما كان هذا أحد أهدافه حين اختار مكانها.. كما أخبرني مرة أنه يقوم برصد الهالات التي تحيط بالإنسان في حالاته المزاجية المختلفة ،ربما تكون تجاربه تلك غريبة حقا .. لكنه يقوم بها بجدية تامة.

صمت الدكتور مصطفى مفكراً في الأمر بجدية ..متسائلاً عن الفائدة التي ستعود علينا من هذه العلوم ..إنها علوم هلامية من الصعب أن تعرف بدايتها من نهايتها كما أنه من الصعب أن تستطيع إثبات نتائجها..

كان أمر الدكتور محمد يحيره ،فالرجل كان كما يعلم ينتظره مستقبل واعد في مجال الطب النفسي ،وعيادته صارت ذا صيت في فترة قصيرة، فكيف من الممكن أن يتجاهل رجل ما كل هذا النجاح ؛لينهمك في دراسة علوم غير مجدية .. بالطبع كان من العسير عليه أن يتفهم هذا إلا أنه أوعزه في النهاية لفضول العلماء للمعرفة الذي لاينتهي مهما كان نوعها.

ألجثة ألخامسةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن