The End

412 18 3
                                    

الجمعة... بعد العصر...

فيلا الدكتور محمد شاهين...

كانوا ست بخلاف الدكتور محمد شاهين نفسه...

الدكتور مصطفى ..الدكتور محمود.. الدكتور هشام ..وكيل النيابة الشاب ..عم منصور .. وأخيراً عبد الدايم ...

نجح الدكتور هشام في إقناع وكيل النيابة بضرورة الحضور ..أخبره أن حل جريمتي القتل سيكون متاحاً هذه الليلة .. وبالرغم من عدم قناعة وكيل النيابة بالأمر ،إلا أنه في النهاية حضر .. قدمت الخادمة المتشككة لهم الشاي والقهوة ،وبعض الكيك والحلوى التي أمرها الدكتور محمد بإعدادها خصيصاً لهم ..وكان الانزعاج بادياً تماماً على وجهها، وهي لا تعلم ماهم مقدمون عليه.

انهمك الجميع في بعض المناقشات الجانبية، وهم يتناولون الكيك والشاي .. ومال الدكتور هشام نحو الدكتور محمود وقال بانفعال:

-حتى هذه اللحظة لا أصدق ما نحن بصدده .. هل تفعل أنت؟.

أجابه الدكتور محمود بابتسامة قلقة :

- أما أنا فقد صرت على استعداد لأن أصدق أي شيء ..أنت لم تكن في المشرحة لترى مارأيت ..إن مشهد الجثث المعلقة في الهواء، لايفارق مخيلتي قط..

- وهل سينتهي الأمر على خير ؟.

-هذا ما أتمناه وأدعو الله به في كل لحظة ..

أما وكيل النيابة الشاب الذى جلس بجوار الدكتور محمد شاهين ، فقد أخذ يلتهم قطعة الكيك التي أمامه بالشاي باستمتاع ،وهو يقول:

-ألست ترى الأمر غريباً أن أكون في مكان به أطباء ذوي مكانة علمية مرموقة ،ثم أراهم يستعدون لمطاردة أشباح وعفاريت؟.

رد الدكتور محمد ببساطة كمن اعتاد مثل هذه التعليقات السطحية:

-إننا لن نطارد أشباحاً .. ولو كان الأمر يتعلق بالأشباح لما كانت هناك مشكلة على الإطلاق ولما كنت بحاجة لمساعدة أحد ما ..ما نواجهه اليوم أخطر بكثير ..أشعر أنك لا تدرك ما نحن مقبلون عليه ..

-لنتكلم بصدق ..إنني لا أصدق شيئاً مما أخبرتموني عنه ..ولا أعتقد أن شيئاً ما سيحدث الليلة..لقد أتيت فقط ؛لأن الدكتور هشام ألحّ في هذا ..لكنني أشك أننا سنخرج من ليلتنا هذه بأي شيء سوى تضيع الوقت.

لم يبال الدكتور محمد بتصديقه من عدمه ،فقال بهدوء:

-أتمنى أن تحافظ على قناعتك هذه في نهاية اليوم..

-هل تعلم يادكتور ..إن هناك أمر آخر يحيرني ..فحتى لو إفترضنا أنني رأيت بعيني أشباح أو عفاريت أو وحوش حتى ،وتيقنت أنها المتسببة في حادثتي القتل بالمشرحة، فلن أستطيع أن أذكر هذا في تحقيق رسمي.

- على الأقل ستعلم الحقيقة حينها، ولن تبحث عن متهم بريء .. أما عم منصور فقد شعر بالكثير من التوتر والقلق منذ فوجئ بالدكتور مصطفى يطرق باب بيته ،ويطلب منه أن يأتي معه .. و مَرَّ بالبيت الذي يسكن فيه عبد الدايم؛ فلحقهما هو الآخر، وفي الطريق شرح لهم بإيجاز ماسيفعلونه .. أخبرهم بطريقة مبسطة أنهم سيواجهون شيئاً خارقاً يشبه في أفعاله أفعال الجان ،وخيّرهم إن كانت لديهم الشجاعة ليشتركوا في هذا الأمر أم ينسحبوا دون تثريب -تَثْرِيبُ الرَّجُلِ: لَوْمُهُ- عليهم ..بالطبع وافقا ،وإن لم يُظْهِرا له كم شعرا بالرهبة والخوف .. تراءت في مخيلة عم منصور أثناء الطريق إلى فيلا الدكتور محمد عشرات الأحداث منذ بدأ الأمر .. الحكايات التي قصها متولي عن صاحبة الجثة، وأفعالها المخيفة .. الطالبة التي وجدوها ميتة بالمشرحة، وكذلك جثة الدكتور شريف .. ماحدث مع متولي حين قضيا ليلتهما معاً بالمشرحة، ومارآه عبد الدايم من الجثث المعلقة ،ومتولي يطير بينها .. الأمر مخيف ولكنه حياء لم يكن بمقدوره أن يظهر أمام الدكتور مصطفى بهيئة الرجل الجبان.. نفس الأمر لم يختلف كثيراً بداخل عبد الدايم ، كان يشعر بالخوف فعلاً ، وإحساس غامض مقبض بداخله يطالبه بالانسحاب وعدم خوض الأمر معهم، وهمس بقلق لعم منصور كي لا يسمعه أحد:

- هل سيمر الأمر بخير يا عم منصور.. إنني لست مطمئناً لما نحن مقدمون عليه.. إن الهواجس والمخاوف لا تفارق عقلي لحظة.

-وأنا مثلك ياعبد الدايم ..أنا أيضاً خائف وبشدة ، لكن لا أرى مجالاً للتراجع الآن ..لندع كل شيء بيد الله، ولندعوا الله أن يمر الأمر بسلام.

صمتا بعدها ،وسرح كل منهما مرة أخرى في أفكاره، وبعد أن انتهوا من الشاي والقهوة والكيك ،جاءت الخادمة ،ورفعت من أمامهم الأكواب ،والأطباق الفارغه.

وأشعل الدكتور محمد غليونه ،وقال موجهاً كلامه للجميع بصوت مرتفع :

-مرة أخرى إنني أرحب بالجميع في منزلي ..ولكن دعوني أذ كركم للمرة الأخيرة بما نحن بصدده ..إن علينا أن نوقف أمراً شريراً للغاية متجسداً في هيئة جثة الفتاة التي بالمشرحة.. والأمر هنا ليس أحد الجان أو حتى الشياطين .. إنه شيءأخطر.. وصمت وعيناه تتنقل بين الوجوه المترقبة ،فأكمل :

إننا سنواجه إحدى الكائنات التى عاشت على الأرض قبلنا منذ آلاف السنين ..كائنات قوية، وشريرة، وملعونة.. يكفي أن أخبركم صادقاً إن مواجهتنا لهذا الشيء قد تحمل هلاكنا .. وأن تعلموا أن احتمالات الفشل فيها أوفر حظاً من فرص النجاح ، و لا داعي لأن أذكركم أن الفشل فيها يساوي هلاكنا جميعاً.

سرت همهمات خافتة بين الجميع وتبادلوا النظرات ،إلا أنه لم يدعهم وهمهماتهم وأكمل قائلاً:

-لا أريد أن يظن أحدكم أنني أبالغ فيما أدعيه أو أننى أرغب في إفزاعكم..إنها الحقيقة أيها السادة ..الحقيقية مجردة كما أعلمها، وإنني أعرضها كاملة عليكم .. والقرار الأن بأيديكم ..من يرغب في الانسحاب فليفعل الآن ،ولن يلومه أحد .فهذه آخر فرصة للانسحاب لمن يرغب.

نهض بعدها من مقعده، واتجه نحو النافذة ،وأولاهم ظهره ، وأخذ ينفث دخان غليونه بهدوء في انتظار قرارهم الأخير.. بينما تبادل الجميع النظرات الحيرى المضطربة دون أن يتكلم أحد منهم .. بعد هنيهة قال الدكتور مصطفى محاولاً السيطرة على مشاعره:

-سيمضي كل شيء بخير إن شاء الله يادكتور محمد ..تو كل على الله وأفعل ماتراه صواباً ، وكلنا معك في محاولتك هذه.

هنا إلتفت نحوهم الدكتور محمد، وقال بحسم :

-سأعتبر صمتكم جميعاً ترحيباً بالاستمرار في الأمر ..دعوني أحييكم لشجاعتكم أولاً ،ودعوني الآن أشرح لكم ماعلينا أن نقوم به الليلة..فأعيروني آذانكم ،وأذهانكم من فضلكم. وشرح لهم بعدها كل شيء بالتفصيل..

ألجثة ألخامسةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن