قبل أن تصل عقارب الساعة للعاشرة مساء يوم الجمعة، توقفت سيارة نصف نقل أمام الباب الخلفي للكلية .. هناك كان عم منصور يجلس بجوار محمد الريس حارس الأمن الشاب يدخنان سوياً ، مستمتعين بالنسمات الباردة التى بددت قيظ - أي حر - النهار الصيفي الخانق..
أخبره عم منصور قبلها أنه بانتظار جثة جديدة من أجل المشرحة، فغداً سوف تبدأ الدراسة، ومازالت المشرحة بحاجة للمزيد منها، ولهذا اضطروا أن يأتوا بها ليلاً لضيق الوقت .. بالطبع لم يشك الحارس في شيء، ولم يعقب.
بجوار السائق جلس متولي مبتسماً راضياً عن نفسه تماماً .. وتوقف السائق بسيارته أمام الباب، أطلق نفير السيارة لينبهما لقدومه، وفي نفس الوقت لوح متولي بيده خارج نافذة السيارة محيياً ، وهو يصيح:
-إفتح الباب يا عم منصور .. إنه أنا.
هرع محمد الريس إليهما كي يفتح الباب للسيارة ،والتي دلفت على الفور نحو فناء الكلية، ثم توقفت على بعد خطوات من الباب، فخرج متولي منها، بينما بقى السائق بداخلها منتظراً.
لحق عم منصور بالسيارة، وقال لمتولي هامساً كي لايسمعه أحد:
-كيف سارت الأمور ؟
-أخبرتك ألا تقلق، كل شيء على مايرام، والأمانة موجودة بالسيارة .
-إذن دعنا لانضيع الوقت، ولندخلها الى المشرحة بسرعة.
قالها عم منصور، ثم سبقه مترجلاً إلى أحد الأبواب الجانبية المطلة على الفناء المتجه للمشرحة، وتبعه متولي والسيارة تسير خلفهما ببطء، ثم توقف الجميع أمام الباب.
أسرع السائق بالهبوط، وفتح الباب الخلفي للسيارة .. كان هناك صندوق خشبي يشبه النعوش إلى حد ما يرقد على صندوق السيارة المعدني بطول الصندوق .. صعد السائق فوق صندوق سيارته، وأمسك بالصندوق الخشبي من الخلف، وقام بدفعه نحو الخارج ببطء، بينما تعاون عم منصور ومتولي على حمل الصندوق الثقيل من الناحية الأخرى ..
اتجه الثلاثة بالصندوق الخشبي نحو المشرحة ،وغمغم متولي بقلق محذراً وعيناه معلقتان بالصندوق :
-حاذروا لخطواتكم من فضلكم .. لو سقط الصندوق فقد يتحطم.
صرخ فيه عم منصور بغيظ، شاعراً بثقل الصندوق يكاد أن يخلع كتفيه:
-اصمت يا أحمق وتحرك .. صندوقك اللعين هذا، هو ما سيحطم أذرعنا قبل أن يتحطم.
صمت متولي على الفور، وتحرك الموكب الصغير ببطء نحو المشرحة، وقال عم منصور فور أن دلفوا من باب المشرحة، موجهاً إياهما لمكان متسع خلف الباب:
أنت تقرأ
ألجثة ألخامسة
Misterio / Suspensoعم منصور بصفتين رئيسيتين .. أن الرجل هو أهم شخص طوال العامين الأولين الطب إن لم يكن جميعهم.. وما وهو خازن الأسرار ..