علم الدكتور مصطفى أن الجثة قد عادت ثانية للمشرحة ؛فأصابه الذهول هو الأخر والرعب، وراحت مخاوفه تشتعل في صدره ،وعقله يفكر كالمحموم في سبب عودتها ..خشى أن يكون هذا لرغبتها في الانتقام منهم ..كان خاطراً مفزعاً ؛ فارتجف جسده...
شعر أنه بحاجة لأن يتحدث إلى أحد ما، فاتجه إلى قسم الطب الشرعي ، نحو مكتب الدكتور محمود تحديداً ..لم يكن هناك وأخبرته السكرتيرة أنه في مدرج المحاضرات ،حيث يلقي إحدى المحاضرات للطلبة ..
اتجه بخطوات ثابتة إلى مدرج المحاضرات ..ودخله من الباب الخلفي، وجلس في الصف الأخير ..لاحظه الدكتور محمود فأوما برأسه محييا ،واستمر لدقائق أخرى في محاضرته قبل أن ينهيها، فهبط إليه الدكتور مصطفى ...حياه بحرارة ،وهو يقول بود:
-أي رياح طيبة جاءت بك اليوم إلى هنا؟..أنت لم تفعل هذا من زمن بعيد.
-أعتقد أنك تعلم السبب...
رمقه الدكتور محمود بصمت ،وقد أدرك هدفه ،ثم تأبط ذراعه، وقال، وهو يسير به نحو مكتبه:
-حسناً لنتحدث عن هذا في مكتبي.
قصّ عليه الدكتور مصطفى بعدها كل شيء علمه عن الجثة ،وأخبره كيف قام العمال بدفنها ، ثم كيف عادت للمشرحة ثانية ..واكتفى الدكتور محمود بسماعه دون تعقيب، ولما انتهى زفر الدكتور محمود بقوة ،وظهره يتراجع على الكرسي الجلدي الوثير ،وقال، وهو يعدل من وضع نظارته على أنفه:
-في الواقع كنت أتوقع شيئاً كهذا ..أنت تعلم أنني قمت بتشريح جثة الدكتور شريف، وتلك الطالبة التي ماتت بالمشرحة ..وأستطيع أن أجزم أنهما لم يقتلا بطريقة نعرفها ..
تابعه الدكتور مصطفى ببصره، وكامل انتباهه ،فأكمل :
-لقد وجدنا الجثتين خاليتين من الدماء تماماً، وحين أقول تماماً هنا ؛فأنا لا أبالغ ..لقد كانت خاليتين من الدماء تماماً ..
وحين قمنا بتشريحهما لم نجد بأي منهما أي جروح أو إصابات أو حتى نزيف داخلي يفسر لنا أين ذهبت دماؤهما.. لقد امتصّت الدماء منهما تماماً دون أن ندري كيف من الممكن أن يحدث هذا..شيء يشبه مانراه في أفلام مصاصي الدماء لو كنت قد سمعت عنها.
تذكر الدكتور مصطفى حديث المرأة العجوز عن جثة الطفل التى وجودها خالية من الدماء ،فقال بصوت مخنوق:
-وماذا عن سبب الوفاة..أعني كيف مات كلاهما ؟
-لا ندري ..
أجابه الدكتور محمود ببساطة ..ثم أكمل، وهو يهز كتفيه :
- ربما يكون السبب أي شيء..صدمة عصبية نتيجة الرعب ..
هبوط حاد مفاجئ في الدورة الدموية ..سكتة دماغية ..أزمة قلبية مفاجئة ..جميع الاحتمالات هنا ممكنة..لكن لاعنف على الإطلاق قد تم مع هذه الجثث.
أنت تقرأ
ألجثة ألخامسة
Misteri / Thrillerعم منصور بصفتين رئيسيتين .. أن الرجل هو أهم شخص طوال العامين الأولين الطب إن لم يكن جميعهم.. وما وهو خازن الأسرار ..