25

245 22 1
                                    

وصل الدكتور مصطفى ومتولي إلى قرية أولاد عكاشة قرب المغرب..تلك القرية التي تلتصق بقرية متولي، والتي جلب منها متولي جثة الفتاة ..



رحلة شاقة لأكثر من أربع ساعات بالسيارة بين طرق صغيرة وعرة ،وغير ممهدة ذات انحناءات حادة تنذرك دوماً بأنك في لحظة سهو واحدة ،قد تنقلب بك السيارة أو قد ترقد بك في أعماق ترعة أو مصرف مياه ..



لاحظ الدكتور مصطفى الذى يقود السيارة مظاهر الدهشه التي تعلو وجوه الفلاحيين العائدين من أراضيهم قرب المساء،بعد يوم عمل شاق في هذا الطقس الحار الذى خنق أنفاسه، وهم يتطلعون إلى السيارة بفضول..



لابد أن قدوم سيارة ما إلى هذه الأنحاء كان قليلاً ، فصار حدثاُ أن يرى الفلاحون سيارة تخترق قريتهم ..



عند مدخل القرية أشار متولي للدكتور مصطفى بالانعطاف بالسيارة نحو طريق فرعي، فنظر الأخير إلى الطريق بقلق ، وهو يلاحظ مدى ضيقه، قبل أن يقول لمتولي:



-هل تظن هذا الطريق يتسع للسيارة ؟..أخشى أن يكون ضيقاً.



-اطمئن يادكتور..الطريق سيتسع للسيارة ،وليس ضيقاً كما يبدو ..إنني آتي الى هنا بسيارات أضخم حجماً ويستوعبها الطريق.



لم يكن امامه إلا أن يجرب ،فانحرف الدكتور مصطفى بالسيارة نحو ذلك الطريق ،ثم سار بها ببطء ..وكما توقع وخلافاً لما قاله متولي كان الطريق غير ممهد وضيق بصورة مخيفة وأخذت السيارة تتقافز عليه كلما عبرت حفرة،أو اصطدمت بنتوء به.. كان جانب الطريق الأيمن أراض منخفضة و حَدّهُ الأيسر ترعة صغيرة..



كان على الدكتور مصطفى أن يعود بعد ساعات من الآن من نفس الطريق مرة أخرى ..حينها سيكون هناك الليل بظلامه ..ولأنه أسوأ سائق بالظلام ،فقد شعر بالتوتر..



لكنه نفضَ عن رأسه تلك الأفكار ..وقرر أن يترك كل شيء لحينه .. فلا أحد يعلم ماسوف يحدث بعد ساعات.



لاحظ بعض الصبية الذين أخذوا يعدون خلف السيارة ،ويلاحقونها كي يلمسونها، ويعتلون سطحها إن استطاعوا ، فصار أكثر حذرا كي لايصطدم بأحدهم ..وبعد قليل لاحت من بعيد شواهد قاتمة انعكست خلفها أشعة الشمس الغاربة بحمرتها المقبضة ..فقال متولي مشيراً إليها:



-لقد وصلنا يادكتور..



اتجه الدكتور بالسيارة نحو مساحة عارية واسعة بجوار المقابر ،فأوقف السيارة بها ،ثم ترجل منها ..



أشار متولي إلى حجرة من الطوب اللبن معروشة بالخشب مقامة في مقدمة المقابر قائلاً :



-هذه حجرة عم عبد الودود ..إنه يعيش بها.



سارا نحو الحجرة ،وقدماهما تطأ الأرض المليئة بالحصى ، في نفس الوقت الذي خرج من الحجرة رجل عجوز متجهاً هو الآخر نحوهما ..لابد أنه قد انتبه إلى صوت السيارة، فخرج ليرى ما هناك..

ألجثة ألخامسةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن