34

274 20 0
                                    

لم يعلم أحد من فعل هذا به.. وكيف رفعه هكذا فوق البرج العالى في موضع من المستحيل أن يصل إليه أحد.. اختفى الكتاب بعدها تماماً ،ومنع الرهبان محاولة البحث عنه ،أو تداوله لما زعموه عن حياة ذلك الراهب الذي كتبه ،والذي اتهم سرا بممارسة السحر والهرطقة، والاتصال مع الشياطين .. مع الوقت نسى الكثيرون الكتاب ،حتى عّد ه البعض من الأساطير والاختلاقات.. لكن كان هناك دوماً من علم بأمره وحازه طوال الوقت.. إن بعضهم حتى الآن مازال يعلم بأمره ،ولابد أنه يبحث عنه الآن محموماً.



شعر الدكتور مصطفى ببعض المبالغة في تلك القصة ؛فقال معترضاً :



- أعتقد أن هناك بعض المبالغات في أهمية هذا الكتاب، أو ظروف نشأته .. بالطبع لا أتهمك يادكتور محمد باختلاق ماذكرته ..لكنني أعلم أن العصر الذي كتب فيه الكتاب كان مليئاً بالخرافات ،والاتهامات الباطلة ، وكان أشهرها اتهام أي أحد ما مختلفاً أو غريباً بالهرطقة ،وممارسة السحر بل وقتله من أجل هذا.



أجابه الدكتور محمد بثقة :



-لكن هذا الكتاب مختلف بحق ..لقد قرأته مراراً ، وأجزم أنه بعيد كل البعد عن الاختلاق والتزييف..



- وكيف وصل إليك الكتاب إذا مادام قد إختفى لقرون كما تقول؟.



سأله الدكتور محمود ،فأغمض عينيه كأنما يتذكر، وقال:



-لقد علمت وجوده للمرة الأولى من خلال أحد أستاذة علوم ما وراء الطبيعة الروس ..يبدو أنه قد توصل بوسيلة ما إلى معرفة مكان إحدى نسخه في أحد الأديرة المجهورة «بسيبريا»؛ فاحتال حتى يحصل عليه ، كنت أدرس في ذلك الوقت بموسكو ..وفوجئت به ذات ليلة في مسكني ، ومعه الكتاب .. كان فزعاً مضطرباً ، وأخبرني باقتضاب أن أحتفظ به ،وأن أخفيه تماماً عن الأعين ،وألا أخبر أي مخلوق عنه ..طلب مني كذلك أن أعود به إلى مصر في أقرب وقت ممكن مؤكداً أنه سوف يستعيده مني حينها بوسيلة ما لو لم يصلوا إليه ..قالها وانصرف في عجالة دون أن يفهمني من هم الذين يطاردونه ومما يخاف بالضبط.. بالطبع شعرت أنه مطارد وخشيت أن يكون قد تورط في جريمة ما مع السلطات الروسية ،ولم أكن أرغب بالطبع في التورط أنا الآخر معهم لأي سبب كان ،إن الروس ليسوا لطفاء أبدا مع من يختلف معهم لو عايشتهم .. إلا إنني بالرغم من هذا لم أملك أن أرفض الكتاب..



بعدها بيومين علمت أنهم قبضوا عليه، وأرسلوه إلى "سيبيريا"، كما اعتاد الروس أن يفعلوا مع المعارضين ..شعرت بالخطر حينها وفكرت في التخلص من الكتاب كي لا يعثروا عليه معي لو عملوا منه أنه قد أعطاه لي ؛ لكنني تذكرت تحذيره لي من فقد الكتاب ووصيته بالحفاظ عليه، فقررت حينها العودة إلى مصر، ولا أخفي عليكم كيف استطعت بمعجزة تهريب هذا الكتاب من روسيا عبر الحدود، وكم دفعت من أجله..لكن بعدما قرأت هذا الكتاب وطالعت مابه أستطيع أن أجزم أنه يستحق ما عانيته في جلبه إلى هنا.

ألجثة ألخامسةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن