27

226 21 3
                                    

شعر الدكتور محمود بالإثارة مما يسمعه ،وأخد عقله بسرعة يبحث عن عشرات التفسيرات ،دون أن يُعَقّب على ماسمعه .. الحكاية قديمة ، وبالطبع لا يستطيع أحد أن يؤكد صحتها من عدمه ،فعقود طويلة تفصلهم الآن عن وقت حدوثها..بدا واضحاً أن توقيت حدوث القصة كان وقت الحملة الفرنسية على مصر..هذا يعني أن قرنين من الزمان تقريباً تفصلهم عن وقت حدوثها، وبالتأكيد سيضيف الخيال الكثير من الأحداث وسيسقط أحداثاً أخرى ..



لكنه صار متأكداً أن شيئاً ما غير طبيعي يحيط برومية ؛كما أطلقوا عليها سابقاً ..هناك شيء ما بداخله جعله يصدق الكثير من هذه الأحداث..



مرة أخرى قفز إلى خياله صورة جثتها في المشرحة ..جثتها التى لم تنالها أبدا عوامل التحلل المعتادة ..جثة أثارت الكثير من المتاعب منذ جلبها للمشرحة ..إن القرار الصائب في رأيه هو التخلص منها بأقصى سرعة ، وبأي وسيلة كانت .. إنها قنبلة موقوتة لا يدري أحد كيف يتعامل معها ،وماذا ستفعل هي في اللحظة التالية ..



شعر هذه اللحظة بكراهية وغضب شديد على متولي ..ربما لأنه كان السبب في جلبها..وتمنى لو أنه لم يطلب من منصور إحضار جثة للمشرحة ..ربما وفّر هذا الأمر متاعبهم التي يعيشونها الآن.



لذا قال لمتولي بضيق:



-ألم تجد غير هذا القبر لتعبث به ؟..



لم يكن هناك مايقوله الأخير ،فقد كان غارقاً في رعبه بعد ما سمعه الآن..فهو من عبث بقبر رومية بعد كل هذه السنوات..كان يعلم بعض ماقصته العجوز عليهما..فقد سمع من قبل عن رومية في قريته ،وهو صغير..حكاية مخيفة كعشرات الحكايات عن الجان، والعفاريت، وأم الشعور، والنداهة، وغيرها من التي تمتلئ الذاكرة بها ..لكنه لم يتخيل أن يتورط في قصة من تلك القصص يوماً ما..



تساءل برعب هل تنتقم رومية منه لهذا..بالطبع هذا شيء متوقع ،ويفسر له لماذا اختطفته من داره ليلاً ،وأرسلته للمشرحة ،ولم تفعل هذا مع زملائه..



ولكن هل تكتفي بهذا أم تكون هناك مرات أخرى؟ ..



قبل أن يأتي هنا كان قد اتخذ قراراً بأن يستقيل من عمله ويتركه ..كان بالطبع متردداً ، و فَضّل أن يؤجل تنفيذ قراره حتى يستطيع إيجاد عمل آخر له ..لكن بعد ماسمعه الآن ،فالأمر قد انتهى..لن يعود مرة أخرى إلى المشرحة مهما حدث ..



وأخذ يدعو الله في سره أن يكون هذا كافياً .. ليتها لاتعود إليه بعدها لو غادر المشرحة ولا تهاجمه في بيته ثانية ..لكنه كان موقناً انها ستفعل!



اتجها بعدها إلى قرية متولي ،وقد قررا أن يبيتا في بيت والده ..هناك استطاع الدكتور مصطفى الاتصال بزوجته بواسطة تليفون عمدة القرية ، والذى رحّب به بشدة حين عرف من هو، مقسماً أن يبيت بداره لا دار متولي ..وفي الصباح عاد مباشرة إلى الكلية؛ لتنفيذ مانوى عليه دون إبطاء..

ألجثة ألخامسةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن