21

260 20 2
                                    

بدت الكلية كلها في حداد وتوتر،و في قسم التشريح خاصة .. في البداية كان مقتل الطالبة الشابة ،والآن معيد شاب بنفس القسم ..



وبالرغم من أن الدكتور شريف لم يكن الشاب اللطيف الذي يحبه أحد ما ،إلا أن للموت هيبة ،كما أن صغر عمره خلق حالة عامة من التعاطف معه..



المشكلة الأكبر أن حوادث القتل قد تسربت بصورة ما إلى الطلاب .. ولايدري أحد كيف وصلت تفاصيل الجثث االمحنطة إلى أحد الطلبة، فلم يألو جهداً في نشر الأمر بين أوساط الطلاب ،لينتاب الجميع حالة عامة من الفزع .. و انتشرت الكثير من الإشاعات كالنار في الهشيم ..



كان على أستاذة الأقسام المختلفة أن يبحثوا عن إجابات مقنعة لأسئلة الطلاب المتكررة بإلحاح عن حقيقة ماحدث..ولأنه لا أحد كان يعلم الحقيقة تحديداً ، ولغموض الأمر كلياً، تضاربت إجابة الأساتذة فزادوا الطلاب اضطراباً ؛فانتشر بينهم أن هناك ما يخفيه الأستاذة عنهم ..



بالطبع انتشرت الإشاعات عن السفاح الذي يقتل الأطباء والطلاب ،ثم يقوم بتحنيطهم ..وتطوع خيال بعض الطلبة بإطلاق الإشاعات عن شبح المشرحة الذي يقتل من يوجد بها وحيداً ..تحمس البعض، وأعلنوا لزملائهم أنهم سيقتحمون المشرحة سراً بعد انتهاء اليوم الدراسي لكشف غموض مايحدث بها ..إلا أن محاولتهم ذهبت هباء لوجود بعض عساكر الأمن الذين تم تعينهم لمراقبة المشرحة وحراستها .. قرر بعض الطلبة برغبتهم أو برغبة آبائهم التغيب لفترة عن الدراسة حتى يجلو الأمر أو ينتهي.



كان الدكتور نعيم في أسوأ حال ممكن .. ماهذا الذى يحدث بالمشرحة؟.. كان يحنقه أنه لا يدري كيف ومتى يستطيع بدء الدراسة بالمشرحة، ومامصير هذا العام الدراسي بها ..وبالطبع كان حزيناً لمقتل أحد اطبائه.



ازداد معدل استهلاكه للسجائر بصورة مخيفة؛ حتى صار من النادر أن يراه أحد دون سيجارة مشتعلة في يده يعقبها دوماً بأخرى قبل أن تخبو نارها .. ازداد عصبية بصورة مخيفة، وصار سهل الاستثارة والغضب لأتفه سبب..



جلس بمكتبه بصحبة الدكتور مصطفى، الذى جلس على مقعد جلدي بجانب الحجرة الأيمن واضعاً ساقاً فوق ساق واجماً صامتاً..وقال الدكتور نعيم بضيق، وهو ينفخ من فمه وأنفه سحباً لاتنتهي من الدخان الرمادي :



- لا أعتقد أن القسم واجه سوء طالع مثل هذه الأيام الكئيبة .. يبدو أنني قد نحسته حين صرت رئيساً للقسم.



- لاتبالغ هكذا وكفى تطيراً ..إنها مصادفة سيئة لا أكثر، و مع الوقت ستنتهي ،و سينساها الجميع..إننا شعب يعرف جيداً كيف ينسى أكثر مما يعرف كيف يتذكر ..وبعد أسبوع أو أسبوعين سيعتاد الجميع الأمر ولن يهتموا به.



- وماذا عن الدراسة بالمشرحة ..لقد توقفت تماماً ..وزاد الأمر سوءاً عساكر الأمن الذين صاروا يحرسونها ليل نهار.

ألجثة ألخامسةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن