إسلوبُ الغواية

5.1K 428 600
                                    

"-هل يجبُ عليَّ خلع ملابسي ؟ وهل يجب عليَّ أن ألبس المسدّ أسفل الفستان أم فوقه ؟." تسائل الصبي ، يضع الفستان على كتفِه ، يأخد رأيَ الرجل فيما سيفعلُ أولًا .

زمَّ الملكُ شفتيه ، ثم أمال رأسهُ مجيبًا ، "-الفُستان قبل المشدّ فتاي الصغير . وأجل ، عليك خلعُ ملابسِك ." مشط شعره بخفّة ، ثم إستوقف عقله ليلمح أفعال الصبيِّ ناحيته . كان تايهيونق ينظر له - بعينان مفتوحتان ، بقلبٍ نابضٍ وبسمةٍ كبيرة .

-إذًا أغمض عينيك .
قالها الفتى الياقوتي ثم أعاد مقلتيهِ الى الفُستان . كان أزرقًا - يميل الى لون السماء - الجواهِر ، كل شيءٍ ناعمٍ في الدنيا لهُ مثيل . تعجب الرجل ، وسأله غير آبهٍ بكلامه؛ "-لما عليَّ إغماض عيناي يا دفء هذا الكون وإشراقِه ؟."

- لما لا تغمضها ؟ لا تقُل بأنه عليَّ أن أخلع ملابسي أمامك أسقري ؟ هذا عيب ! هيا أغمض وإياك أن تغس وتفتح عينيك !

مسَّ طارف أجفان الرجل بأصابعه . لم تكنُ مسَّةً أكثر من كونها برقٌ ورعدٌ على عقلِ الرجل . إبتسم بملئ ما يُمكن - إنه يهوىٰ هذا اللطف ، يهوىٰ هذا الدلال والغُنج الذي ينبعث من الصغير . أغمض عينيه ، ولفت رأسه الى الجانب دلالةً على صدقِه .

لم يكُن يعي ما حوله - كان يستمع الى خطواتٍ خفيفة — خطواتٍ لا تعود الى إنسان ! إنما الى ملاكٍ يحمل خفَّة الطير . أو الى فراشة ! تطيرُ وتحلِّق بقربه . تمر الثواني على عقلهِ وهو يبتسِم - ياتُرى من أي مكانٍ ستشرق الشمسُ هذا الفجر ؟ من السماءْ أم من خديّ تايهيونق الباسمان لحصولهِ على فُستان فلورا الأزرق ؟

بعض الثواني الأخرى حتى أحسَّ بأصابعٍ خفيفه تمسك ذقنه وتحركه الى الأمام . قبل أن يفتح عينيه إنشرح صدره - نمى الزهرُ وغرَّدت عصافير العقل حين شعر بفمْ الزهرة يتأرجح على خاصتِه . كان شعورًا لا تكفيه السعادة ، ولا المعاني ، لا تكفيه هيمنة الرجُل ولا قواه !

بلْ إنخار راكعًا لأجله . لأجل ما يُهديه . يشعر بأن كل مافيه إرتجف بفعل وثانيةٍ أهداها له الصبي . أسقري إفتح عينيك ، "-الفُستان يبدوا بديعًا لكن أرجوك ساعدني في سدِّ هذا المسدّ ." صوته كان مشروع موسيقى في حياته السابقه . إذ إن نبرته تعزف أجمل الألحان .

يحبُ حروفه ، يحبُ لقبه . كان من أجمل الألقاب التي أُطلقت عليه هي ؛*"أسقري - أسقر". كلما ناداه به سبقت صوته الى أذن الرجل فراشة . صوته لا ينقله الهواء ، صوتهُ محمولٌ على أجنحة الفراشات .

حين فتح عينيه ، دُهش لهذا المنظر الوديع الذي أمامه ! تايهيونق.. بطلّته الحُلوة ، أشبه بعودٍ رنانٍ يتحرك أمامه . كان مثاليًا ، يشبه الخيال ، العوالم ، لا يشبه الحقيقة ! لا يمتْ لها بصلة .

توليّـب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن