الحلقة الأولىٰ - الموسم الثاني.

136 19 0
                                    

بعد ثلاثة أشهر.
«شقة بالطابق الثاني- العمارة المواجهة لبيت الراوي».
الساعة 10:08 صباحًا.

بقيَ مكانه يتأمل عمارة الراوي لأكثر من عشرين دقيقة، وبإحدىٰ يديه الـ«بايب» الخاص به، يدخن، وكان كمن فقد ذهنه وباله تمامًا.

وبعد الله- كان القاسم توربين شاهدًا علىٰ ما يمر به صاحبه، وكان خائفًا حياله وحيال تطور فكره وشخصيته تمامًا عن تلڪ التي حضرت معه من إيران منذ أيام.

-... ديان، في إيه؟

وكأنه لم يقف لأكثر من عشرين دقيقة، صامتًا، لا يفعل البتة، سوىٰ الشرود بتلڪ العمارة، فكان رده علىٰ القاسم بثقة تكاد تقنعه لولا رأىٰ بأم عيناه.

- سلامتڪ يا قاسم، في إيه؟
- إنتَ شايف إن مفيش حاجة؟!

تحرڪ ديان بجسده نحو المطبخ، فلحق به الآخر ليسمع ما لديه، حتىٰ قال ذٰلڪ الذي أخرج الكنكة من مكانها، وبعض القهوة والسكر:

- أنا شايف إننا ورانا شغل كتير النهاردة.
- ولمَّٰ إحنا ورانا شغل كتير، ما لڪ مش في المود ليه، دايمًا سرحان، ومش مركز زي الأول، وحتىٰ قراراتڪ مبقتش بنفس حكمة القرارات قبل ما نيجي للمخروبة ديه؟

قد نعتبر الأمر من منظورٍ آخر بصيغة تقليلية وإهانة، ولٰكن ديان اعتبرها مناقشة عامة من باب الاطمئنان عليه، فرد بثباتٍ انفعالي كعادته.

-... شوية مشاغل يا قاسم، متكبرش وتهوّل الأمور!
- يا ريتني كُنت مهوّل الأمور يا صديقي.

رمقه ديان، فوجده يتأمله بنظرات إشفاق، فقال مبتسمًا:

- متقلقش علىٰ صاحبڪ، كبير العيلة قال عني إيه؟!

أجاب قاسم وكأنما ينتزعها من تحت الماء:

- قال إنڪ جبل عيلة توربين.
- خلاص، خايف من إيه بقىٰ وإنتَ مصاحب جبل؟!

***

«شقة مَلڪ بالميراث».
بعد دقائق.

بزاوية تقترب بتباطئ من سريرهما، نراها وقد أفاقت بعينيها أولًا، قبل أن تتنهد متألمةً منذ الأمس، بعظام ظهرها وركبتيها، دون مبرر أو مسبب.

بالكاد اعتدلت في جلستها قبل أن تتحرڪ لتجلس علىٰ سريرها، فوقعت عينها علىٰ الورقة الموضوعة بجوارها علىٰ الـ«كمودينو»، وكانت لم تلاحظها منذ أن استيقظت.

فالتقطتها لتقرأ:

- «حبيبتي، أنا هتأخر النهاردة في الشغل، في فلوس في البيت لو احتجتي، يا ريت متتأخريش في الچيم... إبراهيم».

أعادتها إلىٰ مكانها قبل أن تفرد يديها بعرض جسدها لتتثائب. بعدها مباشرةً قامت لتغسل وجهها، وأسنانها، ولتضبط شعرها.

موکا || Mochaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن