الحلقة الأولىٰ: ضيف غير مرغوب.
«إحدىٰ شقق الدقي».
الساعة 12:01 بعد مُنتصف الليل.
- ... إزيك يا نبيل؟
بقيَ على حالته يتأملها بعينين غير مُصدّقتين لا الزمان ولا المكان، رأسه يحوي مليوني ونصف مليون سؤال، ظلّت هيَ بمكانها تتأمل صدمته وكأن هذا كان العادي، وكأن هذا ما انتظرته طوال تلك الأيام التي غاب عنها بها.
ولا يزال يبدو على وجهها بعض من آثار تأنيب الضمير.
يبدو أنها توقعت أن نبيل قد عرف عنها ما حدث بغيابه، أم أنها شئون القلب، فقد شعر به قلبها الصغير؛
يا لنغزات القلب!
- ... مش هتقولّي أدخل؟!
وكأنها قد أيقظته من غفلة بضع شهور، فتبدلت ملامحه وقد أفسح لها مجالًا للدخول وهوَ يُبادر بالرد:
- آه، آسف، إتفضلي!
«والله زمان!»..
بعض القهوة، ومقعدين على الشرفة المُطلة على الطريق، كان هذا كفيلًا بإيقاظ مشاعر النوستالڄيا لدى صاحبنا، فها هيَ حبيبة القلب التي لطالما حلم أن تجمعه بها شقة واحدة مقفولة الأبواب، متواضعة الأثاث، تخلو من مظاهر الحياة الباردة السطحية التي لطالما عاشها ببيت عائلته.
ولكن هل تُلبّي لنا الحياة مطالبنا؟.. أم أنها تُعاملنا كالأُم الخبيرة بسيكولوڄية طفلتها الشكّاء البكّاء؟.. هيَ تعلم جيدًا أنها ما هيَ إلّا لهفة البدايات، شوقنا لمثل تلك الخيالات الطفولية ما هوَ إلّا لمعة أصابت أعيننا، وأن الحياة لعالمة عليمة بتلك الحقيقة، لذا.. فهيَ تُعاملنا على هذا الأساس القاسي.
- .. هِاي، روحت فين؟
أيقظته من غفلته المُجددة لبضع شهور ماضية، فلطالما حلم بمثل ذلك الفنجان من القهوة مع تلك الفتاة، وقد اعتبر الأمر شيئًا مُستحيلًا.
- .. مروحتش، أنا بس مش عارف أقولك إيه بعد كُل المُدة ديه، إحنا تقريبًا بقالنا كذا شهر...
- أربع شهور ونُص.
قالتها مُقاطعةً إياه، فعجز عن الرد على تلك الحقيقة، حقيقة أنه كان دائمًا -ولا يزال- الطرف الساهي بتواريخ العلاقة، وكأنها قد شعرت بهذا، فأجابت:
- عادي عادي، أنا متعودة منك على كدة من زمان.
ثم التقطت فنجانها لتحتسي منه رشفة.
- مَلك، أنا آسف!
تعجّبته، وفي الحقيقة تعجّب هوَ نفسه، فلقد شعر تمامًا كما شعرت هيَ أن تلك الكلمة قد تلَفت، باتت بلا مفعول، مرّ عليها قرن من الزمان، أفسد طعمها وأحمض نضارتها.
أنت تقرأ
موکا || Mocha
Romanceجميعنا نخطط ونضع للحياة وعودًا.. ولٰكن هل تتم تلک الوعود..؟ مسلسل موكا || Mocha تصنيف اجتماعي.. تتحدث عن أولٰئِک الذين يخططون لحياتهم القادمة، قبل أن تتدخل الحياة لوضع معاييرًا أخرىٰ ومقاييس لذٰلک التخطيط الصبياني.