الفصل الرابع والثلاثون

491 24 2
                                    

هل جربت يوما ذلك الاحساس بالظلم القهر والحقد....

حينما تتمني ان تصرخ حتي يذهب اخر نفس في صدر...

حينما تشتعل نيران الانتقام داخل صدرك لكنها لم تنجح سوي في احراقك انت لأنك لا تملك حتي حق الانتقام...

هل شاهدت يوما من قتل حياتك ودمر ذكرياتك وقتل كل شعور جميل وكل مكان وكل شيء...  كل شيء تحبه يقف متبجحا يشتكي العالم من الظلم والقهر وبأنه مضطهد من العالم....

انطلقت ضحكات ساخرة مريرة من حلقها ضحكات بطعم مر تحرق الصدر وتشعل في القلب السواد....

سواد الغضب....

نظر اليها من اسفل اهدابه الكثيفة بشفقة انه يعلم ما تمر به ويتمني لو يملك الحق...

لو فقط يملك الحق ليضمها اليه يربت علي ظهرها ويعدها ان ينتقك لها لكن ممن...

من احتلال سمي نفسه دولة ووقف معه كثير من الدول الكبرى وحتي العربية فالمصالح تتكلم بلغة اكثر اهمية من الانسانية....

نظرت اليه بعيون دامعة وضحكاتها المريرة لازالت تجرح مسامعه...

:- هل رأيتم كم هم مساكين انهم يعرضون صورا لأطفال تقذف جنودهم بالحجارة.... يال الأبطال الصغار.... كأنهم لا يرمون كل يوم الف منهم بالقنابل..... كأنهم لا يقتلون عائلات كاملة ويمحون تاريخ حي بأكمله كأنه لم يكن..... لعنة الله عليهم واحد... واحد.... لعنة الله عليهم .....

كانت تشتعل غضبا كأنها تحترق من الداخل وشعورها بالعجز يزيد من غضبها...

لقد رحلت عن الوطن هاربة من ذكريات الدمار...

بعدما اصبح الوطن غربة قاسية وقد فقدت المنزل والأهل....

لكنها لم تستطع الهروب من تعذيب نفسها بمتابعة الأخبار...

كأنها تكفر عن ذنب نجاتها...

كأنها تعاقب نفسها علي هروبها من الوطن وترك اهله في هذا العذاب حتي لو كان اهلها تركوه وصعدوا الي السماء  ..

كأنها تثبت لنفسها انها لن تنسي الألم والقهر.  .

كأنها تثبت لنفسها انها لن تنسي الوطن...

وكأنها تستطيع...

تنهدت بعمق ثم تناولت الطعام الذي احضره يوسف لها...

يوسف كان حظها الحلو في هذا البلد فما ان حضرت الي هنا بمنحة دراسة تمكنها من الابتعاد لعدد لا بأس به من السنين عن الخراب الذي تركته خلفها حتي تستعيد ولو جزء صغير من قدرتها علي الحياة علي المواجهة علي تقبل كون الوطن اصبح خاليا من  عائلتها حتي قابلت يوسف هنا فكما كانوا يقولون عنه انه زعيم الجالية العربية في الجامعة...

كل الدروب تؤدي اليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن