الفصل الرابع والعشرون

5.8K 157 0
                                    

فتح باب الغرفة يدخل اليها بإرهاق وعينيه تبحثان عن سبب ارهاقه بلا حول له ولا قوة....
اسبوع....
قد يبدو الاسبوع لدي البعض سبعة ايام سريعة لا يكاد يشعر بمرورهم...
لكن بالنسبة اليه كان هذا الاسبوع كعمر كامل تموج فيه المشاعر فلا اي انضباط....
السعادة بالراحة....
القلق بالاشتياق....
والكثير من المشاعر التي لو استفاض في شرحها لمل من نفسه....
وقعت عينيه اخيرا علي معذبته التي تنام كما القطة المنكمشة علي نفسها في ليلي الشتاء علي طرف الفراش....
جلس علي المقعد المجاور للنافذة يتأملها بلا كلل او ملل كما يفعل كل يوم قبل ان ينام او بعد استيقاظه كأنه يحاول اقناع نفسه بالقوة انه لا يحلم...
انها بالفعل هنا يجمعهم بيت واحد لهما...
هما فقط...
انها لم تعد محرمة علي افكاره واحلامه...
انها اصبحت له حتي وان كان بزواج غير مكتمل...
فسيصبر لأجلها حتي يمل الصبر منه ويزهده...
فأين كان هو من هذا الحلم...
يا ويلك يا رضوان مما تفعله بك هذه الفاتنة التي لم يهوي قلبك غيرها احد رغم انها الوحيدة التي لن يكن يجب ان تهواها ...
اين ذهبت سيطرتك يا ابن الشامي....
اين ذهبت قوتك التي يحكي عنها القوم ويتحاكون...
لو علم اولئك الذين يهابونك انك تخاف فقدها كطفل صغير متعلق بثوب امه لأصبحت سخرية بينهم...
تنهد يعود برأسه للخلف وعينيه لازالت عليها...
كيف يلوم نفسه علي حبها وهو لا يملك حولا ولا قوة في في الحب...
انه امر الله ولا يد له فيه...
الله هو من خلق عينيها الفاتنتان ...
تلكما العينان اه منهما قاتلتان عابثتان تدكان حصون القلب دكا...
كالقهوة المرة التي يتناولها كل صباح تهدهد رائحتها صدره كأم حنون...
وتتغلغل ملامسة خلايا تذوقه فتدب فيه الحياة...
كذلك هي عيون تمارا...
تحيه بنظرة وتقتله بأخري.....
"لها مقلة كحلاء نجلاء خلقة.... كأن اباها الظبي وامها المها"
لا يدري هل يضع اللوم عينيها علي بلائه ام خصلات شعرها ام وجهها الدائري كبدر ليلة التمام ام ماذا...
كل شيء فيها جميل كأنه اقرب للكمال في عينيه ولولا حرمة القول لقال كاملة دون عن جميع البشر...
متي وقع في حبها للمرة الأولي...
لا يعلم لقد سأل نفسه هذا السؤال ألف مرة ولم يجد اجابة...
اهو حينما رأها اول مرة حينما كانت طفلة جميلة بوجنتين ممتلئتين وعيون واسعة تناظره بفضول من خلف والدها كأنه رجل اتي من الفضاء وخصلات شعرها المجموعة علي هيئة زيل حصان يمين واخر يسار يهزان بلطف كلما حردت رأسها...
ام حينما خطت اعتاب المراهقة فتحولت نظرتها الفضولية لأخري متمردة واصبحت خصلاتها تتلاعب بأطرافها الألوان كتغيير كل فترة وزاد كل ما فيها فتنة...
ام حينما اصبحت شابة يتهافت علي خطب ودها الشاب ويتمزق هو خوفا من تقبلها لأحدهم...
الغيرة هي من عرت الحقيقة الكاملة امامه هي من كشفت حبه وهوسه بها واخرجته للعلن...
نعم كان ولازال مهوسا بها..
يراقبها بصمت من بعيد ولا يتوقف عن منحها ما تحتاجه حتي لو كان بالخفاء...
لا يتأخر عن حمايتها لحظة...
لا تتوقف عينيه عن تتبع خطاها لو جمعهما مكان...
لقد كان هوسه مكشوف للكل الا له...
لقد كان يعتقد ان اهتمامه بها ردا منه لجميل والدها عليه فقد انتشله من بؤرة الضياع والقهر التي القته فيها والدته بعد ان اضطرت علي التخلي عنه لأجل حماية طفالها الأخرين من خراب منزلهم بعد تن خيرها زوجها بينه وبين ابنها وهي اعلنت اختيارها بإلقائه كشيء لا قيمة له لعمه ...
والحق يقال لعمه فضل عليه كبير لا يمكنه نكرانه...
قد لا يكون عمه رحل عاطفي او قادر علي التعبير عن الحب او حتي قادر علي الاهتمام بأحد مما يحب لكنه كان رجل حازم وذا عقل ذكي وقد فهم امارات التمرد التي صبغت عينيه فوجه تمرده للاتجاه الصحيح...
عمه علمه شيء واحد فقط...
انت من تصنع القيمة لنفسك...
وهو اخذ تلك العبارة وانطلق لتحقيقها كتن يريد قيمة وقوة يخفي بها ندبة روحه وشعوره بالصغر وانعدام القيمة...
نجح في الرياضة واصبح ملاكما كما اراد ولو انه اراد بالفعل احترافها كمهنة لفعل لكنه اكتفي بها كهواية ومصدر لتفريغ طاقته...
ونجح في دراسته بجوار العمل الذي ساعد فيه عمه حتي اكتسب خبرة مكنته من افتتاح شركة خاصة به ورغم انها تنتمي لشركات عمه في العلن لكنها ملكه الخاص بناها بجهد ليال لم يكن يتذوق بها النوم...
كل هذا النجاح لم يعوضه لحظة عن شعور الفقد الحرمان كأنه نفس المراهق الذي وقف يتابع رحيل امه عنه بعد ان اختارت عائلتها الأخرى...
هذا الشعور هو ما تشاركه مع تمارا فهي تشبهه..
فقدت الأم حتي لو لم يكن بنفس الطريقة...
وتخلي عنها والدها ايضا حتي لو كانت تعيش في منزله وتنفق مما يجمعه من اموال...
لكنه تخلي عن اشياء اكثر اهمية اشياء تحتاجها اكثر من المال...
تخلي عن اول يوم دراسة لها ذلك اليوم الذي اوصلها فيه الي المدرسة ورغم نظراتها العنيدة التي زينت عينيها كأنها تدخل الي تحد جديد لكن نظرة الحرمان والخوف التي ظللت مقلتيها لم تخطئها عينيه...
تخلي والدها عن ايام وايام قضتها مريضة تعتني بها المربيات وهو...
لقد كان اول من يكتشف انها مريضة فعنادها يمنعها من طلب العطف من احد...
لكنها مكشوفة له لا تستطيع الاختباء خلف شيء او تصنع شيء فهو يشعر بها كأنها قطعة منه...
تخلب والدنا عن تخرجها من الثانوية وعن لحظات ترددها وهي تختار الجامعة التي تتمناها...
وخسر لحظات فركتها بتخرجها من الجامعة...
لقد كان هو من يقضي هذه اللحظات معها اما في الخفاء من بعيد يمتع عينيه برؤيتها سعيدة هانئة او يتألم معها وهو يري نظرات الحرمان التي تلقيها علي والد ملاك ووالدتها غصبا عنها...
لن يبالغ لو قال انه ربي تمارا علي يديه عاش كل لحظاتها الحلوة منها والمرة....
كان يعيش اضطرابها و يدعمها مبعدا غضب والدها عنها خاصة مع تصرفاتها المتمردة التي كان يعلم انها كريقة منها لجذب انتباه والدها...
انها تخبره انها هنا انها حيه انها كائن يستحق الاهتمام...
لكن والدها لم يفهم يوما هذا لكنه فهم...
كان هذا سببا اخر يخفي خلفه حبه لها انه يشفق عليها من هذا الاهمال لكن كل هذه الاسباب الواهية تحطمت امام حقيقة انه يتمزق لمجرد التفكير فيها مع احد اخر غيره.....
ولأنه صادق مع نفسه فقد اعترف انه غارق ختي النخاع في حبها الكارثة الكبرى انها كانت تحت السن القانوني الذي يمنحه الحق في المطالبة لها لنفسه...
لا في الحقيقة كانت هناك قائمة من الأسباب تمنعه من التفكير فيها كحبيبة وزوجة حتي اذا كان يتنفس حبها...
اولها انها كتنت لاتزال مراهقة تخطو بخجل الي مرحلة الشباب...
وثانيها انه كان رجلا بالفعل تخطي التاسعة والعشرين...
وثالثنا واهمها انه بالفعل كان متزوجا...
ورغم انه والله شاهد عليه كان يمنع نفسه غصبا عن التفكير فيها او عن رؤيتها او حتي عن التحدث معها مباشرة الا في اضيق الامور لكن زوجته كشفت امره...
كشفت ما خبئه داخل روحه وعلمت انه يهواها و المثير للدهشة تنها لم تغضب او تقم باي شيء كأنها لم تهتم...
زوجته...
سخر وهو يفكر في لفظ زوجته لكنها ابعدها عن تفكيره فليس هو من يخطئ في امرأة شاركته بيته واكلت معه من نفس الطبق ريهام بكل شيء فيها السيء والجيد ماض لا يسعي لاسترجاعه ابدا...
لعل ما كتمه عنها وستره رغم فضحها له بالكذب هو ما جعل الله يكافئه بتمارا محققا له كل ما حلم به قبلا...
وقف اخيرا مبتعدا عن المقعد مبعدا عينيه عنها ليبدل ملابسه ويستلقي علي الفراش جوارها و كل ما فيه يهفو لقربها انه يتمني الوصال ولكن لو كان الوصال سيبعدها عنه فيكفيه طيفها... رائحتها... يكفيه منها القليل...
"اذا سألت المحب يوما تطلب للحب سببا...
لحتار فيما يجيب فليس للحب سبب ولا موعد ولا طريق...
هو غيث يهبط من السماء علي صحراء القلب فيرويها بأمر الله ولا احد من الأسباب يكفيه..
فما الحبيب بأجمل البشر ولا أفضل من تقع العيون عليه لكنه يبقي في عين المحب اجمل من فيهم..."

كل الدروب تؤدي اليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن