الفصل السابع والاربعون

379 27 0
                                    

استيقظ علي رنين هاتفه الذي رغم نغمته الهادئة كان يمثل صدي مزعج يضرب رأسه بعنف ككرة في يد طفل  يجبره علي الاستيقاظ ونفض غيوم الحلم الذي كان يغزله طوال الليل.
حلم لا يريد الاستيقاظ منه ابدا فحلم الوصال حل غال بعيد المنال لا يريد العودة منه الي الواقع المرير من الهجر والبعد.
كارما..
همس اسمها كترنيمة رقيقة بينما يفرد زراعيه بكسل رافضا فتح عينيه  وصدره يشتعل غضبا من ذلك المزعج الذي يتصل به الأن ليخرجه من حلمه الـ...
توقفت افكاره وفتح عينيه علي اتساعهما حينما اصطدمت احد زراعيه بطراوة دافئة بدل من الفراش البارد..
توقف كل شيء فيه فبدا كجثة مزعورة قبل ان يستعيد قلبه جنونه ليضرب صدره بعنف يضخ الدم كأمواج حارة داخة عروقه وعينيه ترمشان  ليقابله نفس المشهد لسقف الغرفة الأبيض وتلك المصابيح الرقيقة التي اختارها بنفسه لهذه الشقة..

انه في غرفته في منزله الذي اشتراه لنفسه من اسابيع قليلة ماضية وعلي فراشه الخاص الذي اختارته له عنبر شقيقته ومصممة الديكور لهذه الشقة اذا...

تسارعت نبضات قلبه حتي شعر ان قلبه علي وشك التحطم انفاسه تهتاج داخل صدره وعينيه تلتفان ببطأ ليري موضع يده..

انتفض مبتعدا عن الفراش وعينيه تنظران للفراش باتساع تلمان بكل تفصلة مهما كانت صغيرة من ذلك الجسد النحيل المغطي بغطاء فراشه الأسود والرأس الجميل المتموضع علي وسادته البيضا التي ناقضت سمرة بشرتها الرقيقة  ذلك الشعر الناعم البني الداكن المنتشر علي الوسادة بفوضاوية كشمس الصباح المشرقة تتبعت عينيه وجهها وهو يموج ما بين الواقع والخيال هل اصبح يهلوس ام ان الحلم قد صبغ الواقع ببعض الأوهام الحلوة ام انه....
لم يكن حلما؟!!!!!!.

كل تلك اللحظات الرائعة الغنية من الحب لم تكن مجرد خيال جامح غذاه وجودها في وطنه وتحت سقف منزله لقد كانت حقيقة.

حقيقة رائعة بشكل لا يصدق....
زفر بعمق يرتجف جسده بطريقة لم يعهدها وعينيه تلتهم كل شيء فيها وقلبه يضخ الدم بعنف داخل شرايينه كأنه يحتفل بهذا الوصال الذي كان دربا من الخيال.

عاد الرنين الهادئ لهاتفه يعلو مرة اخرى ليبعده عن الاقتراب منها مجددا وكأنه طوق نجاة لهما من ردة فعله التي لا يعرف كيف كانت ستكون لكنه متأكد انها لن تحمد عقباها ابا....
تناول الهاتف بسرعة خوفا من ايقاظها وخرج من الغرفة كأنه يهرب منها ومن نفسه ولازال خيوط السعادة تغلفه من اخمص قدميه علي خصلات شعره القصير.

كاد يغلق الخط فلا قدرة له علي الحديث مع احد لولا اسم والدته الذي انار الشاشة وذلك العدد الكبير من المكالمات الفائتة..

هل كان مستغرق في النوم لهذه الدرجة انه يستيقظ في العادة بفضل اخف الأصوات.

فتح الخط علي والدته ليستمع لصوتها القلق..
:- يوسف حبيبي وينك؟...منيح ماما؟!.
:- انا بخير يا ماما انا بس كنت نايم...
:- ايه وصلت المسي حبيبي ما هيك؟!...
:- اه وصلت امبارح ونمت علي طول في حاجه حصلت ولا ايه....
:- اي حبيبي في شي صار من شي يومين بس ما كان بدنا نخبرك وانت غايب....
تسلل القلق اليه كعدو خبيث ولهجة امه المتأثرة تزيد من رعبه  ...

كل الدروب تؤدي اليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن