تطلعت الي تلك المنشورات التي تقدم اعتذار عن الاخبار الكاذبة التي انتشرت عن الممثلة والمغنية الصغيرة والغني الوسيم وتلك الفيوهات من المؤتمر الصحفي الذي اعلنت فيه الممثلة عن الحقيقة والقرابة التي تربطها بالمليونير العابس وانها ترفض رفضا تاما هكذا اشاعات وانها علي وشك اعلان ارتباط رسمي قريبا ..
لقد انتهي الكابوس اخيرا زفرت بعمق.....
اياما طويلة مريرة مرت بها داخل اروقة منزلها وحيدة لا تفعل شيء سوي التفكير في ما حدث طريقتها الخاطئة في معالجة الأمور وانفعالها المبالغ فيه لكن ماذا كان بيدها ان تفعل...
علي الرغم من ثقتها في رضوان وصدقه لكن تلك النار التي احترقت داخلها ألغت عقلها وكل منطق تملكه وتركت العنان لمشاعر الغيرة العمياء...
غيرة تتذوقها لأول مرة بفضله...
وياليتها لم تجربها فهي مؤلمة بحق تصيب القلب كسهام سامة كلما تابعت تلك الأخبار الكاذبة رغم علمها انها كاذبة وكل تعليق يمدح في الوسيم العابس الذي هو زوجها حتي كادت تتشاجر مع اي فتاة يحتوي تعليقها علي اسم او وصف له...
لقد وصل الأمر حد البكاء كأن دموعها صنبور معطل وشعور كئيب يثقل صدرها كيف اصبحت هكذا؟! .
انها ليست حساسة لهذه الدرجة ولا عصبية بدرجة مجنونة كما كانت في الأيام الماضية هناك خلل مؤكد في مشاعرها ..
تنهدت بعمق واستلقت علي الفراش تكتم موجة بكاء اخرى داخل وسادتها انها تستحق اللوم بالفعل وهذا ما فعله الجميع ملاك التي اخبرتها صراحة انها خربت بيتها بسبب الشك وانها تقريبا علي وشك الحصول علي لقب مريضة نفسية او مطلقة بسبب استماعها لريهام وتعذيب نفسها بتصديق تفاهاتها..
ورغم ان ملاك في العادة لطيفة جدا ولا تجرح بالكلام ابدا الا انها هذه المرة كانت قاسية بالفعل.
(انت تحتاجين لضربة قوية حتي تفيقي من تلك الأوهام التي جعلتك تخسرين الرجل الذي تحبين يا غبية)
(انت لن تتحملي ان يشكك رضوان او غيره في اخلاقك وستتشدقين ان الثقة اساس العلاقة وانه يعرف كيف هي اخلاقك وتربيتك لكنك فعلت العكس معه لقد شككت في تربيته واخلاقه بسبب فتاة تافهة تحاول تدمير زواجك وبالفعل علمتي انها كاذبة ماذا تريدين اكثر)
تلك الكلمات التي القتها ملاك عليها بغضب لازالت تزلزل اعماقها تزيد من الندم والشعور بالذنب الذي ينتابها...
هل اضاعت رضوان بالفعل.
الرجل الفخور القوي الذي تعرفه جيدا لن يعود ابدا الي امرأة اهانته بتلك الطريقة حتي لو كان يحبها هذا بالاضافة الي ان رضوان لا يحبها من الأساس...
ليس لدرجة الاعتراف بالأمر علي الأقل...
فكرت بغيظ وقد تقلبت مشاعرها بشكل مفاجئ من الحزن الي الغضب قبل ان تعود للحزن مرة اخري وقطرة من الدموع تهبط علي وجنتها.....
لكنها لا تستطيع خسارته ليس بعد ان اعطاها العائلة التي تمنتها سرا طوال حياتها ...
ليس حينما تقبل كل تهورها وتصرفاتها العجيبة والطفولية ومدح كل شيء فيها حتي تلك العيوب التي عاشت لتكرهها..
ليس حينما اصبح هناك من يعيش معها تحت سقف واحد ويهتم لأمرها بعد ان كانت تنزوي داخل غرفتها في نهاية كل يوم ككلب مشرد وحيد حبيس قصر ضخم..
لن تستطيع الحياة دون صوته الخشن وتلك الدندنة التي ترسم ابتسامة علي وجهها ما ان تسمعها.
بدون رائحته التي عشقت العود بفضلها ..
انها تحبه.
اكثر مما احبت احدا من قبل في حياتها.
وهذه هي المشكلة هذا الحب الذي زرعه داخل قلبها اشعل معه نار شرسة لا تبقي ولا تذر..
لم تكن يوما فتاة غيورة لم تكن تظن انها ستحترق يوما بسبب بضع صور تافهة واشاعات اكثر تفاهة وتهدم زواجها من الرجل الذي تحبه لأجل هذا.
لم تكن لتتخيل ان تثور لأجل رجل..
ان تموت ألف مرة كلما فكرت به يبتسم لأخري غيرها ابتسامته التي اسقطتها رأسا علي عقب في غرامه ولن تلوم اي انثي اخري لو فعلت نفس الشيء..
كلما فكرت انه احتوي وغازل زوجته السابقة مثلما يفعل معها تتلوي بحسرة وتنتابها الوساوس.
والأن زاد الطين بلة بذكر أمر تلك الفتاة التي احبها قبل زواجه الأول من يا تري كان يحب؟ ..
حسنا اذا كان كل ما سبق مؤلم ففكرة انه يحب اخرى حتي الأن قاتل..
لكن لا شيء اكثر ألما من غضبه منها انه يحضر متأخرا الي البيت بعد ان يغلبها النعاس الذي اصبح شيء تكرهه وينغص عليها حياتها ويرحل باكرا كأنه لا ينام سوي ساعتين او ثلاثة علي الأكثر.
غيابه ورحيله عن غرفتهم واحتلاله غرفة اخرى وتجاهلها يزيد من الضعف الذي يتلبسها هذه الأيام و يعيدها تلك الفتاة المنبوذة التي كانت تبكي ليلا في فراشها خوفا من ان تموت ولا يشعر بها احد اثناء غياب والدها واهمال المربيات ..
صوت المفاتيح الخاص به تسلل الي اذنيها كأجمل نغمة بالكون انتفضت عن الفراش تركض تسابق الوقت لتصل للطابق السفلي لتلاقيه انها المرة الأولي منذ ايام التي يأتي فيها مبكرا بل ان الوقت لم يقترب حتي من المغيب لقد اتي مبكرا جدا...
هل تعب من الخصام مثلها...
ابتسمت باتساع من الفكرة وعقلها يحضر قائمة طويلة من الجمل التي تريد ان تخبره بها..
(اشتقت اليك
احبك
انا اسفة جدا جدا لأنني غبية جدا
انا لا اصدق ريهام انا فقط اغار عليك.
احبك مرة اخري
لا تهجرني مرة اخري
اشتقت اليك جدا هل قلتها من قبل حسنا مرة اخري.
)
ستخبره بكل هذا واكثر ما ان تريح رأسها علي صدره تضمه لتحصل علي الأمان الذي فقدته بغضبه منها...
تنهدت بارتجاف ما ان وقعت عينيها عليه ملامحه المتجهمة المحببة تلك الخطوط الحادة لوجهه وعينيه الرمادية الرعدية انفه الحاد وفكه العريض الذي يخفي غمازته الغالية وشفتيه التي لا تبتسم الأن لكنها تعلم اي سحر تخفيه اذا ما ابتسمت.
تقدمت بخطوات اسرع حتي كادت تتعثر علي درجات السلم لكنها تمالكت نفسها مستندة علي اطار السلم وابتسامة واسعة ترتسم علي وجهها وصوتها يناديه بشوق تجاهله تماما وهو يخبرها ببرود.
:- اذا كان عندك حاجة عاوزة تقوليها فأجليها دلوقتي لأني مستعجل.
اختفت تلك الابتسامة عن وجهها وهي تتابع صعوده علي الدرج مارا بها كأنها غير موجودة وعينيه تنظران امامه لم تهديها حتي نظرة عابرة.
خفق قلبها خفقة مؤلمة وتجمعت الدموع في عينيها مرة اخرى بينما تصعد خلفه بصمت تحاول ابتلاع المرارة التي تشكلت في حلقها واستجماع بعض من شجاعتها لتستطيع محادثته...
وصلت الي الغرفة الخاصة بهما وللمرة الثانية خاب أملها وهي تراه يضع حقيبة سفر صغيرة علي الفراش يضع فيها بعض ملابسه المرتبة لتسأله بتوجس..
:- انت بتعمل ايه يا رضوان.
التفت اليها بينما يضع الملابس في الحقيبة ثم قال بسخرية..
:- مش شايفة بعمل ايه؟! .
:- لا شايفة كويس بس عاوزة اعرف ليه ورايح فين.
ابتسامة ساخرة ارتسم علي وجهه فلم تظهر غمازته المخبئة واجابها بنفس اللهجة الباردة..
:- هسافر كام يوم يا تمارا واظن دا هيكون كويس لينا احنا الاتنين.... احنا محتاجين نعيد حساباتنا وافكارنا عن الي بينا..
نبضة اخرى اشد ألما وجملته تطرق رأسها بعنف انه يخطط لتركها..
هل هي متفاجئة لا..
لقد كانت تعرف انه سيكون غاضب لكن ليس لدرجة ان يفكر بالفعل في انفصال حقيقي بينهم..
يريد اعادة حساباته...
لقد ندم علي هذا الزواج والأن سيفكر بعمق اذا كان سوف يستمر ام لا وهي ستجلس كما الخائبات تبكي وتندب حظها...
لا..
تلك الـ.. لا.. هتفها الجزء القوي المتمرد فيها هي لن تخسر من الجولة الأولي انها تمارا ولن تكون تمارا اذا لم تحارب بجسارة حتي تفوز او تخسر بشرف لكنها لن تستسلم..
تقدمت بخطي ثابتة حتي وقفت امامه ترفع رأسها اليه وهي تلعن طوله الفارع الذي يشعرها بالضئالة رغم انها تعتبر من الطويلات...
لا وقت الأن للتفكير في طوله الأن تمارا ركزي.
وبخت نفسها بهذه الجملة واستقامت بشموخ امامه حتي التقت عينيها بعينيه التي اصبحت داكنة كسحب المطر واحد حاجبيه مرفوع عاليا بسخرية تماثل تلك المنبثقة من ابتسامته ذات الجهة الواحدة..
(ماذا كنت سأقول)
سأل الجزء الواعي منها وقد تبددت كل افكارها كل شيء وضاعت في تلك الغيوم التي تزين عينيه...
ليس عدلا ان يكون له هذا التأثير عليها..
ليس عدلا ان يجعل منها بلهاء حتي وهي غاضبة منه.
اين ذهب لسانها الطويل وسهام غضبها الحادة .
لماذا تتقوس شفتيها كالأطفال..
(لا لا اياك والبكاء تمارا لا تفعلي لا تكوني مثيرة للشفقة)
وعلي الرغم من عقلها الناهر الا ان دموعها كانت خارج السيطرة كما خفقات قلبها الذي انفرطت دقاته....
تحركت خطوة اقرب اليه و لسانها يتحرك اخيرا بسؤال لا تعلم من اين ظهر وكأن قلبها قد امسك دفة الحوار بالكامل مبعدا اي من افكار العقل التي لم تعد تتذكرها حتي...
:- هسألك سؤال واحد.... لو انت مكاني كنت هتعمل ايه؟ .
زاد تجهم ملامحه ولكنه لم يتحرك ساكنا لا للابتعاد عنها ولا للإجابة عن سؤالها لتتابع هي سرد شعورها بلا ترتيب.
:- لو شوفت صوري منشورة في كل مكان وتحتها كلام عن حب وجواز وزفت.....
تدفقت انفاسه بشكل اسرع كأن مجرد تخيل الوضع يحرقه ورغم شعورها بالإنتصار لرؤية ذلك الاحمرار اعلي اذنيه دليل علي غضبه الا ان اجابته حطمتها...
:- مكنتش هشك فيكي يا تمارا.
:- انا مشكتش فيك.
دافعت بعنف وقطرات من دمعها تتساقط وابتسامته الساخرة تزداد بلا اجابة لتتابع هي دفاعها..
:- انا مكنتش بفكر ساعتها مكنش فيا عقل افكر كل الي شوفتو انت وانت حاضن واحدة تانية ولما سألت بتقولي حقيقية انا المفروض اقولك واو الصور تجنن انا...
سقطت اكتافها بانهزام مع زفرة عميقة منها قبل ان تتابع باعتذار.
:- انا مش هنكر ان اسلوبي كان غلط و ندمانة اني قولت كلام مقصدوش انا اسفة.
تحركت شفتيه كأنه علي وشك الكلام لكنها قاطعته بغضب اشتعل عميقا كشرارة مفاجئة اضائت القهوة داخل عينيها...
:- لكن دا ميمنعش ان من حقي اكون غضبانة مهو مش هقف اتفرج وابتسم وانا شايفة الكلام دا عنك...
تقدمت منه اكثر وهي تنغز كتفه بإصبعها وعينيها البنية تواجهه في تحد ان ينكر...
:- لو انت مكاني كنت قومت الدنيا ومقعدتهاش...
تنهيدة طويلة خرجت منه وهو ينظر الي محياها الفاتن لقلبه..
ولعينيها التي تأثر كل شيء به حتي انفاسه....
لماذا عليها ان تكون بكل هذا الجمال..
بل ما الذي يميزها من الأساس لتملك كل هذا السحر الذي يجعله طوع بنانها ضعيف امام حسنها...
لماذا بهينه تختلف عن كل النساء رغم انها تشبههم...
شعرها البني تملكه الف غيرها ولا يأثره سوى خصلاتها هي كأن بريق من نجوم السماء يضيئه....
والعيون.... اليست العيون البنية سمة لأغلب الشعب لماذا اذا تبدو فاتنة لهذه الدرجة ...
عيونها الشبيهة بقهوة الصباح قد تكون سمة لملايين البشر لكن كأن وجهها يميزهم فيصبحوا استثنائين اكثر من اللازم..
لا لن يتكلم عن الشامة او الشفاه المغطاة بالعسل لن يضعف ويسير بعينيه الي ذلك الإنحناء الطفيف لأنفها والذي اكتسبته وهي صغيرة حينما سقطت عن الدرج لا لن يتتبع اي تفصيلة في وجهها فلو ظل يقنع نفسه انها عادية لن يقتنع ولو بعد ملايين السنين هي فاتنة مميزة اكثر مما يتحمل قلبه وعقله وهو بحاجة لهدنة..
هدنة من سحرها يتمالك بها نفسه...
هدنة لا يكون شيطان الإغراء حاضرا فيها يذكره كل لحظة من كل ثانية انها في الغرفة المجاورة...
انه يتفهم ما تقوله الأن لكن هذا لا يمنع ان كرامته اهدرت وانه لا زال غاضبا كالجحيم منها ومن نفسه.
لهذا فقراره بفترة بسيطة من البعد لازال قائما حتي لو كان سيحترق بنار الشوق فهذا افضل من الغضب الذي يشعر به بسبب ضعفه امامها فهي اخطأت في حقه ولولا تصرفه الهمجي _الذي لم يسامح نفسه عليه بعد _ لكانت اكملت كلماتها الهوجاء بمزيد من الاهانات والاتهامات ورغم هذا كان في كل لحظة من الايام الماضية علي حافة الاستسلام والركض اليها شوقا وهو لن يسمح لنفسه بهذا...
استدار عنها يقطع اتصال عينيهما فهذا هو الحل الوحيد حتي لا يعود في قراره كما يتمني متجها الي الخزانة يخرج منها سروال وقميص ليضعهم في الحقيبة بشكل عشوائي بينما يتمتم بخشونة..
:- اسفك مقبول يا تمارا لكن دا ميمنعش اننا محتاجين البعد دا.
وكأن كلماته قد حسمت الحوار لقد قرر وسينفذ ولا فائدة لأي كلمة ستنطقها سوي المزيد من الانكسار.
نظرت الي ظهره بنظرة منكسرة قبل ان تجر اذيال الخيبة خلفها وتخرج من الغرفة تختبئ من رحيله بعيدا متحصنة بكرامتها التي تمنعها من التوسل له ليفهم...
زفر بعمق لعله يرتاح من ذلك الثقل الماثل علي صدره لكن كأن الهواء نار تشعل صدره بدل من ان تطفئه...
وشعور طاغ داخله يخبره انه ارتكب اكبر خطأ في حياته لكن كبريائه وذلك العقل الذي يحتل رأسه يحاربان ذلك الشعور ببسالة.
لكن كل التصميم والقرارات واي شيء اخر رحل مع اول منحني اخذته سيارته بعيدا عن المنزل...
اوقف السيارة بعجز علي جانب الطريق ثم ضرب المقود بعنف غاضب..
حسنا حسم الأمر انه لن يستطيع الرحيل...
ليس بعدما رأي دموعها وانهزامها وليس قبل هذا حتي..
(سامحك الله يا تمارا انت تأخذين عقلي الي الجنون بسرعة صاروخ)
تمتمها بغضب وشعور من الشفقة يتسلل اليه من بين غضبه من نفسه ومنها...
كيف استطاع تركها تذرف الدموع ورحل..
(يال فرحة والدتك بك يا زينة شباب العائلة وانت بطولك وعرضك تهزمك نظرة منكسرة وقطرة دمع.... سامحك الله يا تمارا يا بنت الخالة سماح)
هتفها بغل وهو يعود ادراجه الي طريق المنزل يلعن نفسه وضعفه وحبه لتمارا التي تحركه بين يديها كلعبة..
حسنا فليعترف انه ليس اللعبة في الأمر انه فقط...
يحبها يعلم تماما كم تخاف الوحدة..
يعلم ايضا انه لن يطال النوم اذا ما رحل اذا كان جافه حينما كان يخاصمها فهل سينام بعيدا عنها؟! ...
لقد احبها قبل زواجه منها لكن...
لكن الزواج صبغ الحب بلون اعمق...
بلون العشرة والمودة والسكن والسكينة...
لقد تحولا من حبيبته فقط وفي الخفاء الي شريكة لكل تفاصيله الي ام ترعاه وابنة يرعاها..
لقد لونت حياته بألوان زاهية وجعلت منها حياة تستحق ان تعاش...
انه لازال يستيقظ في بعض الاحيان يفكر هل كل هذا حلم...
لكنه الأن كان علي وشك تحطيم هذا الحلم بسبب غضب ارعن..
لقد اعتذرت...
ان اها الحق لو كان مكانها لكان هاج وماج وفعل ما لم ولن تفعله هي...
فهو لن يتحمل كلمة واحدة تربطها بأخر وليس صورة...
حسنا فليعترف هو غبي وعليه التكفير عن هذا واول خطوة هي العودة....
العودة الي تمارا...
الي حبيبته صاحبة الشامة والعيون البنية...
(أقسمت بالله إني لا أكلمه
لأنه لا يفي بالعهد والذمم
وإن أتى يدعي حبا سأهجره
ولن أبالي بما ألقاه من ألمى
فما لبثت سوى يوم وليلته
ورحت أسأل عن كفارة القسم...)
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
كما المرة الأولي ركضت علي الدرج حين سمعت صلصلة مفاتيحه لكنها توقفت كطفلة مذنبة عند نهاية الدرج هذه المرة تنظر اليه بعتاب شعرها الناعم يحيط بوجهها الفاتن ترفع رأسها بشموخ ونظراتها العاتبة تنضح بالتحدي ولازالا يحملان اثار البكاء كفيها متشابكان امامها لونهما يناقض لون الفستان المنزلي الأسود الذي بالكاد غطي فخذيها...
تنهد مرة اخري وهو يلقي الحقيبة من يده يتقدم منها بملامح عابسة كطفل غاضب حتي وصل اليها لتهاجمه بشجاعة تحاول اخفاء تأثرها برحيله وقد فشلت فشلا ذريعا في هذا..
:- ايه الي رجعك..
كبريائه كان يخبره ان يخبرها اي شيء اي شيء سوي الحقيقة لكن كل كلمة فكر في قولها وكل حجة مستفزة قد رحلت حينما وصله ذلك الرجاء الخجول اسفل التحدي الذي يشع من عينيها وشعور غامر من التوق غلفه...
توق لحمايتها وطمئنتها وتوق ولاخبارها كم احبها ويحبها وان اي احد سواها مجرد سراب...
:- رجعت عشان مقدرتش ابعد عشان نفسي اكسر دماغك الغبية دي عشان تعرفي ان مفيش اي واحدة غيرك ممكن تبقي في حياتي عشان خليتينا نمر بوقت صعب لمجرد شك غبي وتفكير اغبي... انا عارف اننا متجوزناش عن حب بس انا عملت كل حاجة عشان اقدر اخلي دا جواز ناجح وكنت فاكر ان الاحترام والثقة الي بينا لاننا ولاد عم هتكون اساس نجاح البيت دا بس انتي اثبتي انك عمرك ما وثقتي فيا يا تمارا ...
:- انا قولتلك اني مشكتش فيك.. انا بثق فيك...
دافعت عن نفسها بعنف ليبادلها العنف بعنف والهتاف بينهما يعلو محمل بالمشاعر..
:- مهو واضح الثقة من كلماتك يا تمارا لو دا مش شك يبقي ايه....
:- يبقي غيرة عشان انا بحبك...
صمت امام صراخها بهذه الجملة الصغيرة الشبيهة بجهاز تشويش الاشارة فقد جعلت استيعابه وكل حواسه تقريبا بلا فائدة انه فقط يقف بصمت كآلة قطع عنها الكهرباء يناظرها بعيون متسعة لتتابع هي بغضب..
:- انا غبية واتصرفت غلط بس مقدرتش مش المفروض اني ازغرط لما القي واحدة في حضنك بترقص معاها او بيجوزةك واحدة غيري حتي لو اشاعة.... انا متهورة وبتصرف من غير تفكير لما انت تكون محور الكلام ودا غصب عني... انا عارفة انك مش بـ....
كتم فمها بكفه يسكتها عن الثرثرة الغاضبة بينما يستعيد انفاسه التي سلبتها مع اعترافها وعينيه الرمادية يتسلل اليها الظلام لتصبح داكنة كغيمة علي وشك ان تسقط المطر يقابل عينبها التي تطالعه باتساع ترفرف باهدابها لتزيد من تشويش عقله وضربات قلبه الذي يرقص داخل صدره.....
:- اسكتي بس.... انتي قولتي ايه؟! ...... قوليها تاني... من غير اي رغي..
همهمت تحت كفه بكلام غير مفهوم قبل ان يرفع كفه لتهتف باستنكار...
:- رضوان....
:- ضاع والله ضاع بسببك..
همسها بصوت غير مسموع بينما يضرب رأسه كأنه يعيده الي العمل لتفلت ضحكة خفيفة منها بينما تقول بجزل..
:- انت اتجننت يا حبيبي...
رفع عينيه للسقف هامسا بصوت مسموع هذه المرة...
:- حبيبي كمان.. منك لله يا تمارا يا بنت عمي....
تنهد كأنه يستجمع شجاعته قبل ان يهتف كالمدفع يخرج كل ما كان يخبئه داخله لسنوات بعشوائية..
:- انا بحبك للاسف من وقت طويل لدرجة تني كنت ناوي اروح ادكتور نفسي انتي كنتي صغيرة.. كنتي جميلة اكتر بكتير من قدرتي علي المقاومة خطبت مرة والتانية ومفيش فايدة فضلتي انتي الشمس الباقي نجوم بعدت عن البيت واتجوزت وعشت لعيد عنك وكنت برجع في كل مرة بألف حجة بس عشان اشوفك.. المح طيفك.. اطمن عليكي... لبسك تعليمك راحتك حياتك اصحابك كل حاجة بتنتمي ليكي كنت عارفها حافظها ومحافظ عليها..... غصب عنب بقيت بموت في كل لحظة بحس فيها انك هتضيعي لان انتي مبقتيش صغيرة وانا راجل متجوز كنت بحاول والله بحاول الف مرة ابعد ونجحت بعدت عنك والنتيجة انك كنتي هتموتي بسبب الاهمال لولا اصحابك الي هفضل شايلهالهم جميلة طول حياتي.. انهم رجعوكي ليا ونجحوا في الي فشلت فيه وخلو بالهم منك وقتها عرفت حاجة واحده...
اقترب خطوة اخري منها وكفه ترتفع لترسم حدود وجهها بأنامله وعينيه تثبت عينيها الداكنة بينما يتابع بصوت اكثر خشونة وحشرجة..
:- عرفت ان حتي لو كنتي سبعتاشر سنة او حتي تمانين سنة انا بحبك وهفصل احبك ومقدرش ابعد... مقدرش اهملك ولا اعيش من غيرك مقدرش اخسرك يا تمارا... وقتها ثارحت ريهام باني بحب واحدة تانية وان الافضل ننفصل بس هي كانت عارفة... هي قالتلي انها عارفة ومتقبلة الامر طالما انها هي الي مراتي وانها عارفة انيمش هخون ثقة عمي ودا الي حصل.. سنة ورا سنة كل الي كنت بعمله اني بحافظ عليكي بعيد عني علي قد ما اقدر لكن جوازي انتهي اسرع مما خطط ليه ريهام وبكدا بقيت حر كنت فاكر ان عمي هو العقبة الاولي عشان اقدر اوصلك لكن هو الي فاتحني في موضوع الجواز وقتها وساعتها حسيت انها اشارة ان ليا فرصة معاكي... انا سعات مش بصدق ان دا...
اشار الي كل انحاء المنزل متابعا..
:- واقع مش حلم... ان دا بيتنا الي حلمت بيه سنين وانك معايا فيه وانك متقبلاني كل الي كنت بتمناه ان جوازنا ينجح ونكون عيلة حتي لو حبي ليكي هو الاساس فيها.... وانتي جاية تقولي بحبك كدا ببساطة كأنه المفروض اسمعها عادي...
ضحك بسخرية ضحكة اشبه بالصرير قبل ان يتابع بعاطفة ....
:- انا كنت بخاف اتمني تحبيني... كنت بخاف اكون اناني واستني منك حاجة مش بأيدي ولا بأيدك...وانا اكتر واحد عارف سلطان القلوب...
اوقفته هي هذه المرة باصبع واحد وضعته علي شفتيه الغليظتين قبل ان تقول بابتسامة زينت عينيها حتي مع ترقرق الدموع فيها...
:- هشش.. انا بحبك....مش عارفة امتي بس يمكن طول عمري.... انا بس عمري ما فكرت ليه انت كنت اول حد ممكن افكر فيه لو حصل حاجة وعمري كمان مفكرت ليه ريهام بدأت تخوفني منك من اول جوازكم... لانها كانت حاسة وفاهمه الي انا مش عارفة اوصفه... بس هي كانت ماضي وملحبش نجيب سيرتها اصلا بس بالنسبة للحاضر....
غمزته بدلال متابعة وهي ترفع اصبعها عنه...
:- اما الحاضر فموقعنيش غير ضحكتك...
اهداها ضحكة مظهرا غمازته الساحرة لها لتبتسم بخبث قبل ان تستدير صاعدة الدرج بسرعة وصوتها يصله مرحا...
:- بس دا ميمنعش طبعا انك متعاقب...
:- متعاقب!... تمارا.. استني هنا بقولك...
ركض خلفها ابتسامته لازالت ترسم ظلال ناعمة علي شفتيه وقلبه داخله ينبض بعنف وقد تهيئ له انه ينبض مرددا اسمها تلك المجنونة التي اصابته بلوثة من الجنون لا يبغي منها شفاء.......
"إنت الفرحة اللي في بالي
والدنيا اللي اتمنيتها
بطلت أسرح بخيالي
ما خلاص أحلامي لقيتها
وبعيش اللي ما عيشتوش
يا اللي مروقها علينا
أنا لسه بكلم قلبي
وبقول له ده جيه ينسينا
أيام ضاعت من عمري
من عمري ما يتحسبوش
أنا لو تبقى معايا بيترج القلب ويِتهز
أنا لو تاخذ عيني يا نور عيني يا عيني ما تتعز"
أنت تقرأ
كل الدروب تؤدي اليك
Romance"مكتملة" واطاعت امر عينيه تركض اليه تلقي بنفسها بين احضانه.. تحتضنه بكل ما اوتيت من قوة تستنشق رائحته العطرة كأنها تختزنه داخلها وصوته يصلها دافئا حنونا شجي... :- انا المبتلى بالبعد يا غالية... وما تهوي نفسي غير القرب... ولكن الحياة لا تعطي للف...