....ما هو الحب....
هل الحب هو وجيب قلبها العالي حين تسمع اسمه...
ام الحب هو لمعان عينيها حين تراه....
ام انه ارتعاش كفيها حين يمسك بهن بين يديه....
........
هل الحب ان تكون اقصي امنياتها وجوده بجانبها وبجوار خافقها ام انها تخطت مرحلة الحب ودخلت في مراحل الغرام.....
..............
هل الحب ان يراها دوما طفلة هو المسؤول الأول والأخير عنها.....
هل الحب هو ان يراها ابنته الصغيرة التي لا يملك اغلي منها....
ام ان الحب هو ان يراها صديقته التي لا يفتح قلبه لسواها....
ام انه ليس بحب......
هل هو مغرم بها لا ايضا........
قد يكون عاشق ومتيم بها بأصغر تفاصيلها.....
قد تكون هي ماسته الغالية ويكون هو ملاكها الحارس...................... ................ ..............
صوت عالي ايقظها من نومها الهادئ لتنظر الي الهاتف المجاور لفراشها ناظرة الي الساعة بعيون ناعسة لم يكد يجرفها النوم حتي افزعها صوت التلفاز العالي في الخارج...
لقد تجاوزت الساعة الثانية عشر مساءا انها تكره تلك المنطقة ما بين اليقظة والنوم...
حينما يستبد بها الارهاق ويهرب منها النعاس كأنه لم يكن...
في تلك اللحظة يتحول الارهاق لطاقة كبيرة من النكد تعلم تماما الي اين ستوجهها...
همست بصوت خفيض بغل بينما ترتدي خفها المنزلي متجهة الي غرفة المعيشة المضاءة..
(ليلتك سودة يا شريف)
وقفت علي باب الغرفة تتابع ذلك الجالس بتحفز امام التلفاز يتابعه بشغف فلم يشعل بتلك الطاقة الغاضبة التي تخرج منها محولة انفاسها لنيران ستحرقه حيا في اي لحظة...
وها قد اتت اللحظة..
ضربت قدميها علي الأرض بغضب ثم هتفت بحدة وهي تكتف زراعيها امام صدرها ليناقض بياضه الثلجي سواد سترتها الشتوية التي يجلس علي حوافها كثير من رسومات بابا نويل..
: في حد يتفرج علي التلفزيون الساعة اتناشر بليل يا عالم....... مش عارفه انام في بيتي....
لم يلتفت من تكلمه اليها سوي للحظة واحدة سريعة اهداها خلالها ابتسامة رقيقة ناعمة يعلم كم تهدئ من غضبها ثم عاد يولي التلفاز تركيزه الكامل...
: لسه بدري يا روحي انتي في العادة مش بتنامي بدري اصلا ولو صوت التلفزيون مش مخليكي عارفة تنامي هوطيه لكن انا لازم اتفرج علي الماتش دا مهم جدا وانا معرفتش اتفرج عليه مباشر اسف اني صحيتك ارجعي نامي وانا هوطي الصوت عشانك .
كأن كلماته اللطيفة سوف تهدئها..
لا لقد اقسمت ان تريه ويلات غضبها كأي زوجة اصيلة تم تعكير مزاجها ولطافة زوجها لن تشفع له ابدا.....
: يادي الماتشات بتعتك يا شريف هو انت مش وراك غير الشغل ومتشات الكورة ايه ده بس يا ربي هو انا مش بني ادمه ليها عليك حق .
تنهد الزوج المغلوب علي امره وقد بدأت اعصابه هو الأخر تهدد بالانفلات لصياحها غير المبرر له..
: هديل انا مليش مزاج اتخانق انهارده ارحميني لو نفسك تتخانقي اجليها لبكرة وروحي نامي خليني اتابع الماتش.
عادت تضرب الأرض بقدمها المغطاة بخف منزلي ملئ بالفراء الناعم علي هيئة ارنب بني اللون وهي تهتف بعصبية جرحت صوتها الناعم...
: بقي انا الي بدور علي الخناق يا شريف مش انت الي بقيت لا تطاق .
زفر بنفاذ صبر وهو يهمس لنفسه (اللهم طولك يا روح ) ثم هتف ببرود حاول اصطناعه بجلد وهو يهديها نظرة زاجرة عابسة....
: هديل هو في ايه انهارده.... اكيد الصياح دا كلو مش عشان صحيتي من النوم التلفزيون اصلا صوته مش عالي و انتي اصلا مش بتنامي بدري يعني انتي الي قلقانه ونومك مضطرب فياريت تعدي اليوم علي خير من غير خناق انا اصلا مش فايق....
ترقرقت الدموع في عينيها الزرقاء الجميلة مهددة بخدم الاسوار والانطلاق عبر وجنتيها الناعمتين...
دموع يعلم كم هي عزيزة لا تهبط في موقف تافه كهذا...
دموع يشهد الله كم حاولت اخفائها وكبتها منذ الصباح وقد كانت تظن انها نجحت...
لكنها لم تنجح ها هي تكاد تنهمر مع عتابه لها...
كأن دموعها كانت تنتظره هو لتهبط....
اغلق التلفاز متنهدا ثم وقف مقتربا منها وقد خفق قلبه لمرئا دموعها الغالية...
:- ايه الي حصل.
كأن كلماته كان القشة التي قسمت ظهر البعير..
تهدم السد امام دموعها لتنطلق اولي شهقاتها وهي تلقي بنفسها عليه مخبئة وجهها داخل احضانه الرحبة التي تعلم انها لن تخزلها ابدا...
ضمها اليه بقوة وقد بدأ القلق بالتسلل اليه...
:- اهدي يا حبيبتي وقولي ايه الي حصل...
ربت هلي ظهرها بحنان يضمها اكثر الي صدره كلما ازدادت ارتجاف جسدها كطفلة صغيرة حتي هدأت شهقاتها ليبعد وجهها المخبئ عنه يرفعه ناظرا الي عينيها الزرقاء التي غزاها الأحمر كجيش محتل...
رفع انامله يمسح لؤلؤ دمعها عن وجنتيها الناعمة وهو يهمس لها بحنان حازم يؤتي بثماره معها دائما...
فهي طفلته وان كبرا في العمر...
: ممكن تقولي بتعيطي ليه ومن غير كدب ومراوغة .
لم ترد هديل بينما تزم شفتيها مانعة سيل اخر من دموعها بينما تخفض وجهها ناظرة للأرض بصمت...
حسنا لقد اختارت هي..
شهقت بإجفال وهي تشعر به يرفعها عن الارض لتحملها زراعاه بمشاكسة لتلف زراعيها حول رقبته بشكل دفاعي خوفا من السقوط بينما تهتف به ببحة بكاء...
: شريف نزلني ....نزلني بطل غلاسه هقع .
عبست ملامحه بعتاب مصطنع...
: عيب عليكي بقي كل العضلات دي واوقعك في الأخر دا يبقي فلوس الجيم حرام... وبعدين دا انت خفيف وجميل و صغنن يا غزال .
هربت ضحكة رقيقة منها ليهتف بمرح...
:- ايوة بقي اهو الشمس طلعت اهو..
ادخلها غرفتهم واجلسها بلطف علي طرف الفراش وجلس مقابل لها وهو يري حزنها يظلل عينيها الزرقاء الجميلة المبللة بالدموع لتترقرق كالبحيرة النقية الصافية في ضوء الشمس الساطع تناقضها بسمة شفتيها الصغيرة..
رفع خصلة شاردة من شعرها حالك السواد ليضعها خلف اذنها ثم قال بحزم وهو يزرع عينيه داخل عينيها حتي لا تهرب من سؤاله...
: انت اتكلمتي مع ماما انهارده .
اخفضت رأسها وهي تهز رأسها (نعم )
رفع ذقنها بيديه وهو ينظر الي عينيها التي غافلها الدمع مرة اخري......
عينيها تلك الواحة الزرقاء التي اسقطت قلبه العطشان في هواها منذ اللحظة الأولي التي لمحها فيها....
عينيها تلك البحيرة السحرية التي تمده بالقوة ليحارب كل حزن وكل صعب قد يعكر صفو حياتهما معا....
امسك كفيها الباردين بين كفيه الدافئين وهو يهمس لها بصت حزين يعلم اجابة ما سيسألها عنه ويعلم كم ستؤلمه الاجابة....
: كلمتك عن موضوع الخلفة تاني .
: هي عندها حق يا شريف مش قادرة اعاتبها علي اي كلمة بتقولها من حقها تتمني اولاد منك.. من ابنها الوحيد.... من حقها تشوف احفادها ومن حقك انت كمان تشوف اولادك يا شريف من حقك يكون عندك اولاد.......وانا ......انا ...
لم تستطع ان تكمل كلماتها وكل حرف نطقته حماتها يشعل النار داخل قلبها....
عادت الي أمان زراعيه تزرف الدموع بلا توقف..
دموع القهر..
دموع الضعف والشعور بالنقص...
دموع الصبر وهي تدعو بصمت للذي لا يغفل ابدا (يا رب عارفه انك ادتني نعم كتير اوي واغلاهم شريف... عارفه اني مش هقدر احمدك واشكرك علي كل نعمك... بس انا تعبت والله انا راضية بقضائك بس انا تعبت)
كل شهقة تطلقها كانت تضرب قلبه كسهم مسموم...
صغيرته الجميلة التي لا يريد من الدنيا سواها... حلم حياته الذي ناله بعد طول انتظار...
هي تلك التي احبها صغيرا واغرم بها شابا وعشقها وهو رجل..
رجل يعلم تماما كيف يمنع الأذية عن زوجته...
امسك بوجهها بكلتا يديه وهو يهمس لها بصوت لين هين قوي يجبر كسرها..
ويرمم ألم قلبها كما يفعل دائما...
: هديل انتي عارفه رأيي في الموضوع ده بالذات والرأي الي مش هغيرو ابدا..... انا لو عاوز اخلف واجيب ولاد عاوزهم منك انتي مش من اي حد تاني ........عاوزك ام لولادي مش اي حد تاني .
: بس انا مش بخلف......... مش بخلف يا شريف يعني مش هعرف اجيبلك الولاد الي نفسك فيهم .
هتف بصبر وانامله تمر علي وجنتها الدافئة يداعبها مشتتا حزنها....
: لو مش هنقدر نخلف يبقي هنرضي بقضار ربنا... انا راضي بوجودك يا هديل مش هسمح لأي حاجه تبعدك عني وكمان الدكتور قال انو في امل يا هديل ولازم نتمسك بيه لأخر لحظة...
ابتسمت بمرارة وهي تجيبه بصوت يائس ...
: هو فين الأمل ده يا شريف الأمل ده من ست سنين ..ست سنين وانا باخد علاجات وبروح لدكاترة وبعمل عمليات ومخلفتش مقدرتش اوقف كلام مامتك ولا شماتت اختك ولا قدرت احقك حلمك وحلمي .
ظل ينظر الي عينيها بثبات وهو يقول بحنو
: هنصبر يا هديل ولو لأخر العمر هنصبر سوي .........هديل وجودك انتي معايه كفايه انا مش عاوز غيرك ....... حياتنا مع بعض نعمة مش هينفع نضيعها من ايدينا.... انت حلم حياتي الي اتحقق بعد تعب مش هينفع افرط فيكي او في كرامتك ابدا لو ايه الي حصل ..ولو ربنا مش مقدر لينا الخلفة خلاص مش هنعترض علي حكم ربنا خليكي مؤمنه بقضاء ربنا ومتأكدة اني مش عاوز غيرك انتي وبس .
ابتعد عنها قليلا ينظر اليها بحب اذاب قلبها وانساها حزنها وجميع همومها وهي تقول بابتسامه باهته
: انا عملت ايه حلو في الدنيا عشان ربنا يرزقني بيك.
ابتسم لها ابتسامة مشاغبة وقد لمعت عينيه بعبث..
: انت كلك علي بعضك حلو يا حلو انتي رزق حياتي يا هدهد وجودك بيغنيني عن العالم كلو.........فاكره اول مره شوفتك فيها .
ابتسمت وعينيها تبرقان بجمال الذكري...
لقد عرفته طوال حياتها تقريبا علي الرغم من كره والدته لها لكنها كانت علي علاقة طيبة بأخويها غير الشقيقين امجد وعاصم فوالدته هي خالتهما...
لقد كان يلاعبها وهي صغيرة في كل مرة تأتي فيها مع والدته وكانت والدته تنهره في كل مرة حتي كبر وسافر راحلا الي بلد اخر فلم تلتقيه سوي في زفاف اخيها عصام الذي تزوج من اخته دنيا ..
كانت في الخامسة عشر فراشة صغيرة جميلة ترتدي فستانا طويلا يرفل خلفها بقماشه الحريري الذي يماثل النبيذ في لونه يرسم منحنياتها بفتنة تخفي عمرها المراهق فتظهرها كشابة راقية رقيقة وقد زين رأسها تاج من الشعر داكن السواد والذي ورثته من والدتها التركية كما ورثت تلك البشرة البيضاء الصافية والعيون الزرقاء الكوبلتيه.....
كانت ملاك خطف قلب كل من لمح ظلها لولا فقط...
ان الملاك كان بصوت حاد ولسان لاذع وعيون غاضبة...
عيون سقطت عليه حينما اصطدم بصاحبتهما لتطلق عليه لسانها وغضبها الذي كانت تحاول كبته كما بدا....
: ايه مش تخلي بالك .
: حضرتك الغلطانة يا انسه مش انا انتي الي مش شايفة قدامك .
: متحترم نفسك يا انت .
ابتسم لأسلوبها الغاضب الذي بدا له لذيذا مسليا
: يا انا....
:- متحترمي انتي نفسك واتكلمي عدل يا اسمك ايه مش ناقصين صداع انتي الي غلطانة .
التفت كلاهما لإنجي ابنة عمه التي كانت ملتصقة به تلف احد زراعيها بزراعيه وعينيها تبعث بنظرات قاتلة الي تلك الجميلة التي بدا انها لم تلاحظ وجودها لتدير الدفة لتلقي بجام غضبها علي انجي هذه المرة...
: والله انا شايفه اني بتكلم عدل دا غير ان انا موجهتلكيش كلام يبقي متدخليش يا حرباية انتي .
اشتعل غضب انجي وكادت تتشاجر مع تلك القصيرة الوقحة لولا ان قاطعتهم دنيا وهي تلقي بنفسها بين زراعي شقيقها هاتفة بفرح ..
: شريف وصلت امتي يا حبيبي وحشتني .
خلال عدة ثواني انشغل بهم بشقيقتهم كانت قد اختفت تماما وسط ذلك الحشد الذي امتلأت به حديقة منزل خالته الراحة...
سأل شقيقته محاولا عدم اظهار لهفته لمعرفة الاجابة
: هي مين دي .
: قصدك مين.
: البنت الي كانت واقفه هنا بتتكلم مع انجي..
عبست شقيقته قليلا وهي تشير الي حيث تقف بجوار عصام ابن خالته....
: ااااه.....انت قصدك هديل....انت متعرفهاش دي هديل اخت عصام الصغيرة من امو التركية الحرباية مش عاوزة اقولك ماما محروق دمها ازاي انها جت الفرح .
كرر شريف الاسم بداخله بتلذذ بينما يتصنع عدم الاهتمام وهو يستمع لكل ما تحكيه شقيقته عنها...
: هديل .
لقد تعمد خلق اللقاءات بينهم منذ ذلك الوقت..
وظل حبها ينمو داخل قلبه يوما بعد يوم حتي اصبحت شابة يتهافت عليها الرجال يخطبون ودها فكان كدرع امامها وبدأت الحروب منذ علمت والدته بنيته لخطبتها...
اشعلت الحرائق وصنعت ألاف المشاكل لكنه صمد وقاد الحرب ببسالة وساعدته هي...
اربع سنوات من الحرب حتي اقنع الجميع اما هي او سيظل عازبا الي النهاية..
اربع سنوات حتي اقنع والدها به وبانه سيحميها من والدته التي ظلت علي رفضها لها لأخر لحظة حتي انها لم تحضر زفافه لكن يكفيه ان والده ووالدها كانا داعمين لهما...
وتزوجها بعد تسع سنوات من زفاف شقيقته ..
تزوجها اخيرا بعد ان كاد اليأس يقتل كلاهما..
احتفل معها بعامه الثلاثين واحتفلت هي بعامها الرابع والعشرين...
وها هو عامهم السادس من الزواج يكاد ينقضي...
بابتسامه ناعمه همست امام عينيه وهي تداعب لحيته الخفيفة بأناملها الرقيقة...
: ست سنين مع بعض .
قال شريف بخبث وهو يقربها منه بمشاغبة صبيانية افلتت احدي ضحكاتها...
: احلا ست سنين تنكري .
اتسعت ابتسامتها وهي ترفع زراعيها تحيط عنقه بدلال وعينيها ترسم له لوحة من الاغراء الذي لم يخلق من يقاومه....
: مقدرش انكر طبعا يا حبيبي... مفيش اجمل من الايام الي بنقضيها سوي .
وهمسها بأخر كلماتها كان كل ما يحتاجه ليثبت لها قولا وفعلا عن جمال ايامهما معا حيث اختطفها لتلك الدنيا السرمدية التي لا يصلها سوي العشاق...
تلك الدنيا التي تمتزج فيها ارواحهم ودقات قلوبهم وتتجانس انفاسهم بعشق لا بداية له ولا نهاية. عشق جمع بينهم منذ اليوم الأول الي يوم قد يكون قريب وقد يكون بعد السماء عن الأرض.... .
أنت تقرأ
كل الدروب تؤدي اليك
Romance"مكتملة" واطاعت امر عينيه تركض اليه تلقي بنفسها بين احضانه.. تحتضنه بكل ما اوتيت من قوة تستنشق رائحته العطرة كأنها تختزنه داخلها وصوته يصلها دافئا حنونا شجي... :- انا المبتلى بالبعد يا غالية... وما تهوي نفسي غير القرب... ولكن الحياة لا تعطي للف...