:- اتأخرت عليك....
التفت اليها برأسها بينما يقلب كوب القهوة الغنية بالقشدة كما تحبها هي لتصطدم عينيه بها بينما تقف مستندة علي اطار الباب بثوب منزلي بسيط قطني بحمالات رفيعة وطول لا يتخطى الركبة ولونه الرمادي يناسبها كما كل شيء فهي تضيف لأي شيء جمال من جمالها انها خطر علي قلبه ولو انه اعتقد للحظة انه سيتعافى منها حينما يجمعهما بيت وحياة فهو مخطأ....
بل واهم فكل دقيقة تقضيها هذه المخلوقة السحرية التي تجسد الأنوثة في ابها صورها الأن امام عينيه بخصلاتها الرطبة التي لم تقم بتجفيفها ووجهها المتوهج كشمس النهار الدافئة بابتسامة تلون كل شيء بلون الحياة...
هل الحياة ذات لون لا يعرف لكنه اكيد انه لو وجد لكان يشبهها ناعما وحلوا وبريئا..
كانت تزيده فتنة بها وشوقا اليها....
اجلي حلقه وهو يبعد عينيه عنها محاولا الا يظهر لهفته التي لا تنتهي لها....
:- لا متأخرتيش انا طلبت فطار ولسه واصل وعملت قهوة وصدقيني دا لازم يكون اقصي طموحك لانها الحاجه الوحيدة الي بعرف اعملها... ...
جملته المازحة الأخيرة قالها وهو يضع اكواب القهوة علي حانة الافطار المصممة علي الطراز الأمريكي حيث يطل المطبخ علي غرفة المعيشة ثم ادار وجهه اليه لتقابله ابتسامتها الواسعة التي سكنت عينيها كما سكنت شفتيها اللتان تحركا بنعومة ليلقيا عليه سحرهما......
:- لا دا احنا نشكر كرمك والله كدا عظمة جدا....
توقفت عينيه هناك عند شفتيها النضرتين اللتان يشبهان التوت الأحمر الذي تحبه وهناك علي طرف شفتيها العلوية سكنت تلك الشامة التي توقف انفاسه داخل صدره...
شامة ناعمة كما كل شيء في تمرته الصغيرة وكم تمني لم لثمها لو يخبر شامتها الجميلة انه اقتبس اسم ابته المستقبلة منها ستكون شامته الصغيرة الجميلة المدللة كوالدتها....
انتفخ صدره بالسعادة لمجرد حلم وعينيه تبتعدان عن شامتها لتصعد الي عينيها....
واه من عينيها التي تختزن الراحة داخلهما كأنهما...
عجز فكره عن ايجاد وصف فأي وصف سيكون قليلا لوصف قهوتيها...
اين يذهب بعينيه حتي لا يشرد كالأبله بها كأنه يري ملاكا وقد هبط علي الأرض....
هبطت عينيه للأرض وهو يهرب من تلك الحاجة التي بدأت تشتعل داخله تطالبه بها بكل شيء فيها انوثتها وبراءة الأطفال في عينيها.....
وكأنها تهوي تعذيبه او انه هو الأحمق حتي تختنق انفاسه لأجل رؤيته لقدميها التي زينت احدهما بخلخال فضي لا يصدر صوت ٩اقرب لسوار تتدلي منه اوراق شجر فضية وفي القدم الاخرى زينت اصبعها الثاني بخاتم صغير فضي ايضا وقد لونت اظافر قدميها بلون وردي مشرق...
تأوه داخله مغتاظ لا يعلم منها ام من نفسه...
اكان عليها ان تكون بهذا الجمال...
:- رضوان انت كويس....
نظر اليها بعبوس ثم اجابها بغيظ....
:- كلي يا تمارا كلي...
ضحكت لتزيد من عبوسه وهي تقول بمزاح...
:- ومالك بتقولها كدا ليه يا رضوان انا لو باكل اكلك مش هتعمل كدا...
هل تتعمد...
حسنا سيقتا حقا لو لم تتوقف عن الدلال والضحك والجمال والقاء سحرها عليه لأن الخيار الأخر غير قتلها هو مخالفة وعده لها وضرب كل شيء عرض الحائط متحولا لرجل كهف بدائي محترم ويمتلكها كما يشاء ويرغبُ.....
:- كلي يا تمارا عشان لسه عاوزين نتفرج علي البيت انتي مشفتيهوش لما كان بيتوضب...
كلمته الأخيرة كانت لائمه يذكرها برفضها المشاركة برئيها في اي شيء يخص المنزل والزواج اسبلت اهدابها حرجا فقد كان محقا في عتابه فقد رفضت الحضور كعتراض طفولي اظهرته لوالدها متناسية بانانية ما سيشعر به رضوان والذي تأكد منها قبل الاستمرار في هذه الزيجة اذا كانت موافقة وقد وافقت بملء ارادتها عليه...
رفعت عينيها اليه مرة اخري كطفلة مشاغبة ...
:- كنت واثقة في ذوقك يا ابن اعمي...
اعتدل رضوان في جلسته يناظرها بسخرية لتفلت ضحكة مشاغبة من بين شفتيها التي اخفتهم خلف احد كفيها ارتسمت ابتسامة خشنة علي زاوية شفتيه وهو يطالع ملامحها التي توهجت بسعادة تردد صداها داخل صدره وعينيه التي تتابعها ترسم خيطا من الذكريات عنها عن تلك الابتسامة التي لم تتغير منذ كانت طفلة بعيون بنية واسعه و شعر كذيلي حصان علي جانبي رأسها تربطهم بفراشات زرقاء كم كبرت وكأن العمر يقف عندها فلا تتغير بل يزيدها فتنة لا اكثر وقد فتنته هذه اللحظة....
هف صوت ساخر داخله يذكره بضعفه امامها.....
( ومتي لم تفتن بها يا شيخ الشباب.......
اليست تلك التي تركت هيبتك لأجلها علي اعتاب هذا البيت واصبحت في عدة ساعات كغر ساذج تركض عيناك خلفها وابتسامتك البلهاء تسكن وجهك لأجلها......
متي لم تكن مفتونا بها يا رضوان ..)
:- انا اسفة بجد يا رضوان بس انا سعات بتصرف من غير ما افكر متزعلش مني.....
ابتسامة حنونة رسمت علي شفتيه وهو يتنهد بعمق ثم وقف عن مقعده يدير مقعده اليه لترفع عينيها اللوزيتين تناظره وقد بدت كدمية جميلة صغيرة الحجم امام طوله الفارع وجسده العريض ووجهها يهديه ابتسامة مميزة كأنها تحايله بلطافة طفلي تتمني ان يوافق والدها علي اخذها لمدينة الألعاب ....
امسك بكفها الصغير بأحد كفيه يداعب بشرته الناعمة بإبهامه الخشن بينما صوته الخشن قد اخترق ذلك الجدار الرقيق لأذنها متجها الي قلبها مباشرة بنغمة حنون استطاع قلبها الشعور بها....
:- انا اكيد مش زعلان منك يا طمطم......
ازدادت ابتسامتها اتساعا وهي تقول بصوت خرج ناعما اكثر من اللازم وعينيها تغازلان غيوم عينيه الصافية والتي بدأت تزداد دكنة شيئا فشيئا..
:- لسه فاكر الاسم دا... دا قديم جدا مبقاش حد بيناديني بيه...
:- طبعا فاكره وفاكر اد ايه كنتي شبه الطمطماية وانتي صغيرة وكنتي بتهربي بليل وتدخلي المطبخ تستخبي جنب التلاجة تقرقضي في الطماطم....
عادت تضحك وهي تقول بصوت مشاغب.....
:- انا بدأت اقلق من ذاكرتك يا رضوان في حجات كدا يا ريت تكون نسيتها....
تصنع التفكير وهو يداري ابتسامة خبيثة عنها بالطبع يتذكر كل تلك التفاصيل الشقية التي ميزت طفولتها لقد كازت طفلة مشاغبة ومراهقة متمردة وعلي العكس من طبيعته التي تميل للهدوء كان يستمتع بكل كوارثها لكنه تصنع النسيان يجاري لعبتها الشقية...
:- خسارة مش فاكر...
ازدادت عينيها ضيقا مع اتساع ابتسامتها والتي ارتجفت ما ان رفع كفها الذي بين يديه يطبع قبلة ناعمة رقيقة علي باطنه الوردي الناعم الذي انبعث منه رائحة الخبز الذي كانت تمسكه ......
تبعثرت دقات قلبها كقلعة الرمال التي ضربها الموج وتلونت عينيها بانبهار رضوان يضرب كل حصونها بعنف غير عادل يلقيها في دوامة ممتعة غير مصدقة كأنها عادت لأحلام المراهقة عن فارس الأحلام كامل الأوصاف الذي لا وجود له علي ارض الواقع ولكن الأن لقد تفوق رضوان ابن عمها عليه ألف مرة.....
شاغبها بينما يجذب كفها لتقف متجها الي باب الخروج......
: يلا نخرج من المطبخ ......لأن لو قعدنا لحظه واحده كمان هنا...... انا مش مسؤول عن تصرفاتي.
كانت تتبعه شبه راكضة خلفه فقد كانت خطواته الواسعة اسرع من خطواتها الصغيرة نظرا لطول ساقيه ولكنها لم تعترض وقد ارتسمت ابتسامة غبية تعلوا شفتيها النديتين جراء كلماته فاقدة الصبر التي بعثرت دقات قلبها لتصبح دقاتها كطفل صغير يلعب في غرفة القفز....... بينما تلك الموجات التي ينشرها صوته الخشن العميق الذي اكتسب نبرة غريبه جديدة عليها يشوش افكارها كدوامة سحرية تبعد عن تفكيرها اي شيء سواه فكم هي جميلة عينيه... وكم هي رقيقة قبلاته........
وقف بها داخل غرفة المعيشة التي يطل عليها المطبخ وقد كانت دافئة محببة بتصميم حميمي دافئ صغيرة الحجم في منتصفها اريكة بلون سكري ووسائد صغيرة بلون الورود وعلي جانبيها أريكتين اصغر حجما مكونين معا حرف ( U ) بلون وردي ووسائد خمرية يتناسب لونهما مع لون الجدران الخمري وامام الأريكة الأكبر استقرت طاولة زجاجية انيقة مذهبة الأطراف تحتها بساط من الفراء بلون وردي والأرضية من تحته كان سكرية اللون وعلي الحائط المقابل للأرائك استقر تلفاز ضخم علي الحائط يحيطه من الجانبين مكتبة صغيرة عليها بعض التحف والكتب التي تستخدم للزينة وتحته طاولة زجاجية اخري طويلة بعرض الأرائك وفي محيط الغرفة الضيق انتشرت الوسائد الهوائية المريحة هنا وهناك كانت غرفة مصممة للسهرات العائلية المريحة والرائعة...
:- البيت صغير بس جميل اوي يا رضوان فعلا .
كانت تتحدث بتأثر وعيون منبهرة ان ذلك الدفء والجمال لها مملكتها الخاصة التي يشاركها بها ذلك الرجل الذي يصلها صوته باجابة هادئة....
: مبسوط انو عجبك بس هو مش صغير .....
امسك كفها يتجول بها في اركان المنزل الذي قد يبدو بسيطا من النظرة الأولي لكنه اكثر من هذا بكثير.....
شرح لها بينما يشير لها باتجاه الغرف...
:- هو معمول زي جزئين منفصلين عشان لو في ضيوف يكون في خصوصية لأهل البيت وفي نفس الوقت مغلق نوعا ما فبيدي خصوصية لأهل البيت من الجيران ...الجزء دا يعتبر للضيوف...
اشار لصالة الاستقبال الواسعة التي بجوار باب الدخول ثم الي غرفة الطعام وغرفة الضيوف واخيرا مكتبه الذي يطل علي الحديقة الأمامية الصغيرة جدا في الواقع ثم الردهة التي تنتهي بغرفة المعيشة والمطبخ وباب اخر كان كأنه مغارة علي بابا التي تخبأ الكنوز داخلها شهقت بصدمة منبهرة ثم ابعدت عينيها عما امامها والتفتت له تقول بانبهار وعينيها تبرقان بحماس...
:- مش معقول دا تحفة بجد يا رضوان انا مش مصدقة جمالها.....
ابتسم لها وهو يتابع الشرفة التي يقفان بها والتي تشرف علي الحديقة الخلفية التي خطفته وجعلته يشتري المنزل بلا تفكير حديقة واسعة مليئة بالأشجار والزهور انيقة وصغيرة ولطيفة ولكتن المبهر بالفعل هو الشرفة الواسعة جدا التي بها درج من الجهتين للحديقة وبها طاولتان للشاي ومقاعد انيقة اختارهم بعناية ليكسر لونهم الأسود بياض الشرفة الناصع اشار الي تلك الغرفة الصغيرة التي تعتبر جزء مغلق من الشرفة وقال لها بفخر...
:- دي بقي اوضة المكتب الشخصية الي ممنوع حد يدخلها غيري.....
ابتسمت لها بدلال وهي ترفرف برموشها البنية تسأله بعطف...
:- حتي انا....
ابتسم لها باتساع حتي برزت غمازته القاتلة ليشاكسها بصوت جدي...
:- خاصة انت تمارا...
عبست بينما تدير وجهها عنه متذمرة تزم شفتيها بضيق لتتسع ابتسامته وهو يتنهد مستسلما لتأثير تلك القصيرة عليه ليسحب كفها الصغير الدافئ الذي يتناسب مع كفه بمثالية ليتجه بها الي داخل المكتب الذي انبهرت به كمل ا كل شيء في المنزل خاصة بحائطه الزجاجي الذي يطل علي الحديقة وتلك الستائر الحريرية الزرقاء التي تغطيها والجدار المغطى بمكتبة ضخمة سوداء تملئها الكتب من جميع الزوايا وفي الجهة الأخرى مكتب بسيط اسود مذهب الأطراف وعند الحائط الأخير كان هناك اريكة تبدو مريحة بلون رمادي كلون عينيه وقد افترشت الأرض العاجية بساط ازرق وتلونت الحوائط بلون رمادي داكن التفتت اليه تستدر عطفه كقطة ناعمة ...
:- انت متأكد انو مينفعش ادخل هنا....

أنت تقرأ
كل الدروب تؤدي اليك
Romance"مكتملة" واطاعت امر عينيه تركض اليه تلقي بنفسها بين احضانه.. تحتضنه بكل ما اوتيت من قوة تستنشق رائحته العطرة كأنها تختزنه داخلها وصوته يصلها دافئا حنونا شجي... :- انا المبتلى بالبعد يا غالية... وما تهوي نفسي غير القرب... ولكن الحياة لا تعطي للف...