الأربعون

437 21 0
                                    

وقف في تلك الزاوية المظللة من الغرفة التي تخفيه عن الأعين الكثيرة الموجودة خارجها يتحركون حوله ولا يراهم فعينيه تنظران الي ذلك الجسد النائم بوداعة علي سرير نقال تجذبه الأيادي الي الخارج ومع كل خطوة يبتعد فيها الجسد عنه تزداد تلك الغصة الشائكة التي تسد حلقه وشعوره بالاختناق يتفاقم...
انهم يرحلون بها بعيدا عنه ولا يملك حق الاعتراض...
او الصراخ بأعلي صوته ونهرهم ان لا حق لهم هم اخذها والرحيل..
لا حق لهم في ابعادها عنه بينما قلبه لازال يغلي خوفا عليها...
انه يستحق ان يطمئن عليها بعد الشهور الماضية مع الرعب والخوف من فقدانها...
يستحق وجودها لأنه يحبها...
قد لا يكون لسانه شجاعا كفاية ليخبر الجميع  بهذا  لكن كل خلية فيه تنضح بحبها..
عينيه التي تلتهمان ملامحها الساكنة ليل نهار والألم والخوف يسكن فيهما تشهد علي هذا..
قلبه الذي تتناثر دقاته كما ذرات الغبار ما ان يذكر اسمها او يلمح طيفها...
جسده الذي خارت قواه في تلك الليالي الماضية التي كانت بعيدة عنه فيها والتي كانت قريبة فيها فكلاهما كان الخوف يسكنهما....
جز علي اسنانه بغضب لا يعلم هل عليه ان يوجه هذا الغضب لهم...
لوالدها الذي اصر علي نقلها لمكان افضل من مجرد مشفي حكومي ام يوجهه لنفسه...
لأنه يعطي نفسه حق ليس له....
فهو لا يملك الحق لرفض رحيلها وهو علي اتم العلم ان المشفي الخاص الاخر سيعتنون بها افضل....
حتي لو كان هو لا يتوانا عن رعايتها في كل دقيقة من اليوم.....
هو لا يملك الحق لمنعهم عن اخذها فلا رابط يربطه بها حتي الحب...
حتي الحب كان اجبن من ان ينطقه لها في اخر مرة بينهم......
انه لن يقول انه يستحق ورود لكن استحقها ام لا هو سيعيدها اليه فهذا لم يعد قراره...
فالقلب سلطان قاسي وعذابه جائر لا قدرة له علي تحمله.....
(هل وجدتها لتفقدها مرة اخري هل ستتركها ترحل بعيدا حيث لا تملك خبرا عنها ...)

تلك الكلمات التي ضربت عقله اشعلت النيران داخله اكثر فأكثر...
ضرب اطار النافذة بغضب والعجز يغزوه لا يملك اي طريقة لإزالته عنه...

يتمني لو يطيع عقله ويلقي بأي اتزان وادب يملكه ويأخذها بعيدا عن هنا...

عن الجميع....

ان  يصرخ بهم انها له انه لن يترك احد منهم يقترب منها...

ان تتعافي امام عينيه...

ان يشبع عينيه منها...

ان يبقيها بجواره حتي اخر العمر...
ان يراقب وجهها الجميل يستعيد لونه الطبيعي الجميل متخلصا من شحوبه وصفرة المرض التي تلونه وتلك البقع الزرقاء التي لازالت تشوهه...
ان يراقبها بينما تفتح عينيها فتشرق الشمس غامرة كل ركن في حياته فيقف امام عظمتها منبهرا ككل مرة فلا شيء في الكون يشبه اشراقة عينيها العنبريتين....
ان يراقب فمها ينطق باسمه ويستعيد ابتسامته العميقة التي تخلف خطوطا دقيقة رقيقة حول فمها وكسرات جميلة حول عينيها..
يتمني اس يستطيع فعل الكثير من الأشياء لكنه لن يستطيع...

كل الدروب تؤدي اليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن