سُبلٌ ضَائِقَة 2

287 20 2
                                    

آرانِي أُجوبُ زَوايَا هذَا العَالم سَعيد ، سعِيد لأنهَا هِي ، عَقلِي وروحِي ، إِتزانِي وكمَالِي .. سُرورِي و مُرْيّ ..

" تَأخرّتَ بالعَودَة .. تَايهيونغ "
أنبَس والدِي الذّي يتوسَط الأرِيكَة ويِنفثُ لُفَافَة السَجائرَ بينَ أنامِلِه الرَقِيقَة الطَوِيلَة كخَاصَتِي ،
" أعتَذِر وَالدِي ، لَكِن فِي طَرِيق عَودتِي أكمَلتُ مَسِيّرِي علَى أقدامِي ، أَردتُ التَنفس قَلِيلاً "
أعرَبتُ بِهدوء وإِتزَان .. أرجوا أن يُصدقنِي ، أعلَم بأنها ليسَت الكِذّبَة الأولى ، ولا الأَخِيّرَة أيضًا .

بَقينَا فِي بَهوِ القَصّر حَتى تأخّر الوَقت وكُلٌ مِنّا خَلد إِلى مَضجَعِه ،

عَلى الكُرسيّ الخَشَبِي جَليّسًا وأَمَامِي مَجموعَة مِن كُتبِ الأَدب العَرِيق الذّي يَتوسّد الطَاوِلَة الخَشبيّة أمامِي ، إِنَارَة خَافِتَة تُنيرُ رُكنِي الهَادِئ .. لَم أُحِبَ يومًا الأَدب ومُشتّقاتِه إِلا .. حِينمَا رأيتُهَا .. قَلبِي كَان يَقرعْ بِجُنون فِي حِينِ رُؤيَاهَا لأَوِل مَرَة ، خُصيلاَتِهَا الشَقراء المُتناثِرَة فِي الهَواء بِفعلِ الرِياح وفِي تِلكَ الهُنيّهَة وَ دُونَ إِدراكٍ آَنَبسَتْ حُروفِي ..

" يَا نَصيبَ الهَوىّ ، يَنثُرُ خُصيلاتِهَا المُتمرّدَة "

فِي تِلكَ الثَوانِي أدركتُ بأنّي أَحببتُهَا .. تَركتُ المَجال الذّي كُنتُ أرغَبه ومَشِيتُ بِلا عَقلٍ خَلّفهَا .. ألقيتُ بِأحلامِي وجَرِيتُ إِليّها ، رَكضتُ إِليّكِ يَا مَحبُوبَة فأنتِ كُلُ الأَحلام والأَمانِي ..
سِرٌ وحُبّ أخُبئه وأُترسِه بينَ حنَايَا صَدرِي عَن الغَيّر ، خِشيّةٌ عَليّكِ مِن الأَذى ، تأنيّ عَليَّ يَا مَحبوبتِي .. فَرجُلكِ لَن يتأخَر بِالرُجوعِ إِليّكِ ..

خُطواتِي تَستقِيم بِلُقيَاك ، وَ تَعرُج حِينَ الرَحِيلْ ..

أغلقتُ كِتَابَ الأَدب الشِعرِي وإتكأتُ بِظهرِي على مَسندّ الكُرسيّ الخَشَبيّ وأطلقتُ تَنهِيدَة مُتعَبَة مِن فَرط التَفكِير والتَعب مِن كُلِ المُوجودات ، وَ حدهَا هِي مَن تُريحُنِي ..
لَكِن مَاذا أفعَل .. إِنيّ ثَقِيلُ الفُراق وخَفِيفَ اللِقَاء ..

إِستقمتُ مِن مَكانِي وتوجَهتُ لِخارِج شُرفتِي .. الوَقتُ مُتأخِر ..
النُجوم تتوسَد كَبِد السَماء ونيّرة ، سَطحُ القَمر أنواره عَالِيَة ، آنِيّسَة لِلوحدَة ..
لَفَحاتُ الرِيَاح تُداعِب شَعرِي لِلخَلف بِقوة ، هوائُهَا لَاسِع .. يَخترِق قَمِيصي الأَبيض الفَضاض وبِنطالِي القُماشِي الرَمَادِيّ ،

سُبلٌ ضَائِقَة .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن