سُبلٌ ضَائِقَة 10

145 12 0
                                    

بَينَ هَدبٍ وَ دَمعٍ كَانَتْ هُنَاكَ شَهقَة فَزِعْ ظَلّتْ حَبِيّسَة دَاخِلَ صَدرِي ..
دَمعٌ حَارِق وَ نَارٌ مُستَعِرّة تُحرِق وَ تضرِّمْ ، تَأكُل حَطبَ ذَاتِك المُثَقّل ، يَلطُمك سَيّلٌ مِن الأَلم عَلى هذَا الأَلَم ، لَطَالمَا كَانَت صَفعَات الأَلم صَحوَة تُنجِينَا مِن غَفوَتِنَا الدَائِمَة وَ الوَاهِمَة عَن مَفهُوم هَذِه الحَيَاة ،

تَبقى أَثَارهَا مَطبوَعة عَلى قَلبِك كَيّ لاَ تَغفَل مَرَةً أُخرَى ،بِدُونَ الأَلم وَ المُعَانَاة لَنْ نَكُونَ نَحن ،

أُسَامِرُ لَيَلِيِ فِي هَذَا اليَوم القَاسِي وَ الليّلُ يُسَامِرنِي .. يُسامِرُ تَعبِي .. أجثُوا عَلى مَكَانِ رُقُودِك وَ أَطرُق نَخبًا مَع النُجوم الشَاهِدَة لِتعَاسَاتِي ، وَ أشرَب بِصحَة قُرِصُ القَمر الخَافِتَة أَنوارُه هَذِه الليّلَة ...

لِأولِ مَرَة أَشَرَب وَ أثمَل يَا لُوسِينِي .. أنَا أسِف لِأنِي ضَعِيف وَ مُثِير للشَفَقة ، تَركتُ زَوجتِي وَ فَرَرتُ إِليكِ رَاكِضًا أَرتَمِي عَلى شَاهِدِ قَبرِك وأشْكُوا لَكِ عَمَّا يَهُد صَلاَبَتِي ، أَجِيبِينِي يَا إِمرآة !! مَاذَا أفعَل !!؟ أَجِيبِي لَا تُبَادِلِينِي بِالصَمت !؟؟ ...

أَدرَكَت بِأنّي سَلمتُكِ إِكسِيرَ مَشَاعِرِي كُلهَا ، الوَقَتْ يَمُر والعَالَم يَمُر وَ أعُود لِفِرَاشِي وَلاَ شَيءَ فِي صَدرِي سِوَاك ..

هَل مَا أفعَله الأَن أَمرٌ خَاطِيء يَا لُوسِينِي ؟ هَل أتَمَادَى بِحَق نَفسِي وَحقِ هذَا الجُنُون الذّي أَصَابَنِي !؟

قَلبِي يَنَقَبِض وَ أنفَاَسِي هَرِعَة يَسلبهَا الجَمِيع مِني .. كُلُ شَيءٍ رُغمَ وِسعِه وَ إِتسَاعِه لَكنّه ضَائِق عَلى آَيسَرِي .. يَخنُقنِي وَ يسلبنِي الرَاحَة ..

مَسحتُ وَجهِي بِيداي المُنتَفِضَة وَ سَحبتُ زُجَاجَة النَبِيذ الأَحمر الذّي كُنتُ أضعُه فَوق شَاهِد القَبر وَ إِرتَويت مِنه بِشدّة ، رَوّيَة عَاطِش وَلهَان للِغِيَاب عَن صَحوَة هذَا العَالَم ، جَسَدِي مُلقى بِإهمَال مُتكئًا عَلى القَبر ، الوَقت مُتأخِر وَ جِدًا ..

صَدرِي يَعلُوا وَيهبِط خَوفًا وَ ألمًا مِن المُستقبَل وعَلى مَا هُو بِقَادِم ، أَسندتُ بِرأسِي عَلى حَجر القَبر وتَتَالَتْ شَهَقَاتِي المَليئَة بِالغُصَصَ ..مَشَاعِرِي أَكبَر مِن حَصِيلتِي اللغَوِيَة ، لاَ يَكفِيهَا كَلاَم ..

أَنظُر عَالِيًا إِلى فَضَاءِ السَمَاء وَ الرِيَاح تُداعِبُ شَعرِي وَتَرتَطِم بِملابِسي التِي بَاتَتْ رَثّة.. وَكمْ أَصبَحت النُجُوم خَافِتَة بِغِيَابِك يَا سَكِينَة قَلبِي ، كُلُ شَيءٍ بَاتَ أبيَض وَ أسَود .. أَنتِي رَحلتِي وَ أنَا ذَبلتْ ، كُلُ شَيءٍ بَاتَ هَافِتْ لاَ تَشُوبُه الحَيَاة ..

سُبلٌ ضَائِقَة .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن