أَعلنَ نَجمِ الصَبَاح شُروقه عَلينَا ..وَقفتُ أَمَامَ مِرآة طَوِيلة أُسَنِدهَا عَلى زَاوِية الغُرفَة بِجَانِب النَافِذَة تَحدِيدًا ، رَمَقتُ جَسَدِي الذَي يَبدُوا شَاهِق .. شَامِخ أَقِف لاَ أُغلَبْ ، وَمِن الدَاخِل حُطَام أَسوَدْ لنْ يتَشكّل يَومًا وَيعُود إِلى حَقِيقتِه التِي تَلاشَتْ ..
حَطامُ مَاضِي قَد دُفِنْ .. مَع رُفاتِ الذِكرَيَات السَعِيدَة ،
أَرى مِحجَرّي البَائِسَة .. لَكِن مَالذّي أراه بِالتَحدِيد !؟ التَعب !؟ أم ذَاكَ الحَيّز الفَارِغ الذّي يَعتَمِرهَا !؟ كَيفَ يُمكِن للبؤسْ وَالتَعَاسَة أنْ تُمحِي مَعْلَمَ الإِنسَان هَكذَا !؟ يَكفِي أنهَا تُحطمِه مِن الدَاخِل !! أمْ رُبمَا بَاتَ الدَاخِل مُمتَلِئًا لِذلك بَدأ يَخرُج وَيتغذّى عَلى بَشرتنَا .. أعيُونِنَا .. عَافِيتنَا .. لاَ يَترُك فِينَا سَلِيمًا ،
هذَا قَاسٍ صَحِيح !؟ حَتى المَالْ وَالغِنى لَنْ يُعِيدَ الصُورَة الحَقِيقِية والسَلِيمة للحيَاة ، لَنْ يُعِيد لنَا كُلَ تَنهِيدة إعتَصرت جَوفنَا وَسَحَقته بٍشدّة .. لَنْ يَمحُوا ذِكرَياتٍ طَوِيلَة وَ مُحطمَة .. كَيفَ سَتُبدّل الأَحلام وَ تَتَجَدّد الأَمانِي فِي نُفوسِنَا !؟ كَيف سَيشترِي كُلُ ذَلك مَا خَسرنَا وَتسّرب بينَ كُفوفِنَا المَجروحَة !؟
هَذَا أمرٌ لَنْ يَحصُل إِلّا إِنْ تَبْدَلتْ عُقُولنَا بِأُخرَى فَارِغة ..
فَتحتُ البَابَ بِهُدوء وَخرجت مِن الغُرفة التَعِيسة .. لاَزَالتْ الشِقة هَادِئة ، لاَ أَسمَع سِوى أَصوات غَرّد الطُيُور المُزعِجْ .. إِنهَا السَابِعه صَبَاحًا بِحق اللعنَه .. تَوجهتُ أفتَح بَابَ الثَلاجَة لِأسكُبَ حَلِيبً ، إِلتَفتُ لِأتجه نَاحِية الطَاوِلة وَإرتَجفَ بَدنِي بَعدمَا رَأيتُ هُوسُوك جَالِسًا يُقابِل وَجهِي عَلى الطَاوِلة ..
" مَتى خَرجت مِن الغُرفَة !!؟ "" رُبمَا مُنذُ أنْ بَدَأتَ صَباحك تَلعنُ بِه العَصافِير ؟"
أردَفَ بِسُخرِية بينمَا فَقدتُ شَهِيتِي بِشُرب الحَلِيب بِالفِعل ، سَكبتُ الحَلِيب فِي الكُوب وَ حَركُته نَاحِيتُه بِهدوء ..
" لاَ يُوجَد بَشرِي يَشرَب الحَلِيب بِهذَا الشَكل الصِحِي غَيرك .."
تَحدّث بِإشمِئزَاز بينمَا يُحضِر إِحدى زُجَاجَاتِ الخَمر وَبدَأ يَخلُطهَا بِالحَلِيب ..
لاَ لستُ مَصدُوم .. أنَا فَقطْ بَائِسْ مِنهُم جَمِيعًا ..
" آه صَبَاحُ الخَير فِعلاً الأَنْ !!"
أَنبسَ بِهَا بِمُتعَه بَعدمَا شَرب الكُوب بِأكمَلِه ،
" هُوسوكْ .. أنتَ تَعلم بِأنّكَ حَطَمتَ وَ حَرقتْ كُلَ نُقطَة فَائِدة مَوجودَة بِهذَا الحَلِيب أَليسَ كَذِلك !؟ "
أنت تقرأ
سُبلٌ ضَائِقَة .
General Fiction- أينَ السَبيّل ؟ سَبيلٌ لِلمُناجَاة من آعطابِ دُنيايا ؟ ومَا نحنُ فِي دُنيانَا ؟ وَمَا السبيّل لِثلاشِي الأوزارَ و إلتئام شُروخِ أكبادنا ؟ لِتحُلّ أنوار كونّنا الشاسِع عَلى دَيُجورَ ليّلِنَا الظَلِيّمْ .. مَا سَبيّلك يا وَليدَ الشَجِنْ ؟ .. *خَا...