سُبلٌ ضَائِقَة 8

178 14 0
                                    

الخُطَى الأَمِنَة .. هِيا مَا تَحتَاجُه دُروبُنَا المُعّوَجّة ، نُصلِي وَنرجُوا الإِلَه فِي مَطلَع كُلَ يَوم وَ نِهَايَتُه لتَستَقِيمْ ..

لاَزِلنَا مَجهُولِين ، وَ حُبّنَا لِتلكَ الأَشَياء البَعِيدَة يَكبَرُ كُلَ يَوم ْ ، نَجُوب الليّلَ وَ نُفكِر مُتَسَائِلِيّن عَنّا !! عَن أَنفُسِنَا .. وَلاَ سَبِيَل يَدُلنَا عَنْ ذُوَاتِنَا ، وَ نَعُود خَائِبيّن مَجهُولِين الخُطَىٰ نَتعثّر ..

أحمِل جِيمِين عَلى ظَهرِي وأَسِيرُ بِه فِي رَواقِ السَكن ، مَبدئيًا أنَا فِي الطَابِق الخَمسون وَ ظهرِي سَينشَطِر إِلى نِصفِين ، فِي الوَاقع هُو لَيس بِوزنٍ ثَقِيل فقط المَسَافة مُتعِبَة ، أظنّ بأنّه مَحمُوم لأنّه لَم يَتوقفْ عَن الهَذَيان طَوال الطَرِيق وأيضًا رأُسه الذّي يَتَدلى عَلى كَتِفِي قَدْ إِستَشعرتُ اللَهَب السَاخِن الذّي يَصفعْ جَانِب رَقَبتِي مِنّه ،

دَخلتُ إِلى الغُرفَة وأغلقتُ البَاب بِقدمِي ورَميتُه عَلى سَرِيره بإهمَال وأنَا بدأت بِتمسيد أسفَل جِذغِي وَ رَقَبتِي ، إِستَقمت لإِنزَع حِذاءه وأُعدل جَسَده ، وأَيضًا قُمت بإِزَالة قَمِيّصه العِلوِي فَجَسده يَحتَرِق !! ألقيّتُ بِحَقِيبتِي أرضًا ودَخلت إِلى الحَمَام أبحثْ عن شَيء أَضِع بِهِ المَاء !! مِن أَينَ سَأجِد صَحنًا بِحق الجَحِيم !؟

وجدتُ دلوًا صَغِيرًا وملئتُه بِالمَاء البَارد ،

جَلستْ بِجَانبه وَاضِعًا تِلك القِطعة البَاردة أمسَح بِهَا عَلى رَقبته ورأسه المُشتَعِل ، رَفعتُ أسفَل قَمِيصه الأبيَض النَعجيّ ورأيتُ شَيئًا .. سيئًا !

كَانتْ هُنَاك كَدمَة زَرقاء ، وأُخرى بدت وكأنهَا قديمة بلَونٍ أُرجوانِي !! رَفعت القَميص أكثر لِأرى الكَثِير وَ الكثِير مِن الندوب القديمة والجديدة ..
نُدُوب يُخفِيهَا الزَمَنْ وَيَعُود لِفَتقِهَا مِنْ جَدِيد لِتَكبُر وَتَصغَر ، تَأتِي وَ تَذهَب حَسبمَا تُرِيد ..

كيّف تَحمِلُ كُلَ نُدوب المَعَارُك التِي خُضتَهَا فِي جَسَدك وكأنّهَا هُويّتُك !؟

الجُروح سَتَلتَئِم يَا جِيمِين .. لَكِن النُدوب تَكبُر معنَا .. سَرطّتُ جَوفِي بِمَرار عَلى هَذِه اللوّحَة المُشوهَة التِي تَفننّت الحَيَاة والتَجَارِب فِي خَلقِهَا ، مَسحتُ عليّهم بِهدوء وَجَسده يَنتَفِض ، لاَ أدرِي عَلى مَاذَا يَنتَفِض .. هَل بِسبب أَلم تِلك الجُروح أم بِسبب الشُعلّة التِي تَكسِر عِظَامه حَالِيًا !؟

كُلُ شَيءٍ زُرِعَ فِي دَاخِل عُقولِنَا وَ أفكَارِنَا مُجرّد كَذِب .. لَمْ يُعلّمنَا أحدْ أو يُخبِرنَا عَن تَجَارُب الحَيَاة القَاسِيَة ، فَقط تِلكَ الأَسئِلَة التِي تَرمِيهَا عُقولُنَا كَالقَنَابِل دَاخِل رُؤوسِنَا !

سُبلٌ ضَائِقَة .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن