خَرَجتُ وَ حِيدًا تَحتَ أَضوَاء قُرص القَمر السَاطِع ، وحِيدًا أستَلقِي عَلى رِمَال البَحر المُظلِم الخَاوِي ، أَسَارِير الرِيَاح البَارِدَة تُعَانِق جَسَدِي الهَزِيل ، أُفكِر فِكيَف إِتخَذَت الأُمور مَجرى سَيء ، تَحوّل كُلُ شَيءٍ مِن سَيء إِلى أَسوأ .
رَفعتُ يَدِي ورأيتُ ذَاك الطُوق الفِضيّ الذّي يُطوق إصبَعِي ، إِنّه يَخنقنِي .. يُبعثِرنِي ، مَضى شَهرٌ عَلى خِطبتِي ، شَهرٌ وَ رُوحِي مُتعطّشَة لأسمَع صَوتِهَا، لأرى زُمردِيَاتها ،رائحتهَا ، إِلى قَصائِد الغَزَل وَ العِشق التِي تَترس أوراقِهَا ، لَهَا هِي .. إِلى مَحبُوبتِي الغَائِبَة عَنِي .. عقلِي مُرهَق مِن كُل قَصائِد الرَثَاء التِي أكتُبهَا لِروحِ تِلكَ البَعِيدَة .
الحَيَاة لَم تَبقى حيَاةً بَعدِك ، الحُب لم يَعد حُبًا .. الشَمس لم تَعُد مُشرقَة وَ دَافِئَة..
لَم تَعُد الحُروف وَ روائح الأورَاق تُغذِي رُوحِي المُتعَبَة ، لاَ قَصائِد ولا كُتُب تُخفف مِن تِلكَ الحُروق ! وَمَا عُدتُ بِقَادر عَلى قِرأة الكُتب والقَصَائد ، فَبِأيّ حَقٍ أقرأ القَصائِد وأنتِ هِي كُلُ القَصَائِد مَطلَعًا وَ خِتَامًا .نَظرتُ عَلى جَانِبي وكَانت الرِمَال مَترُوسَة بِبعض قِطع الصَخرات بِمختلَف الأحجَام ، أعدتُ بأنظَارِي نَاحِية يَدِي التِي أضَعهَا أمَامَ مرأَي ، حَركتهَا بِقوة عَلى يَمِينِي حتى إرتَطمت بِقطع الصُخور المترسوة فِي الرِّمَال ، بَقِيت أرفعهَا وأُلقيِهَا مِرارًا و تَكرارًا وَ عينَاي لَم تُفارِق قُرص القَمر الخَافِتة أنوَاره ..
رَفعتهَا أمَامَ وجهِي لأرى قُطيرَات دمٍ تملأ أنامِلِي الرَقِيقَة ، والخَاتم تجرع مِن الرِمَل والدّم مَا يكفيه ، أصبحَ بِه بعض التَعرجات بِسبب إرتطامه المُستمر بالصُخور ، لاَ أُشعر بِلسعاتٍ مؤلِمَة فِي أنَامِلِي ..
شَعرتُ بِدمعِ الحَارِق الذّي إِنسَاب بِبطء عَلى جَانِب وجهِي ، بَكِيت ..
بَكَاءً مَرِيرَا مَصحُوبًا بإِنقِطَاع النَفَس عَلى مَا يَمُوت فِيّ قَبلَ أنْ يحظَى بِفُرصَةٍ لِيحيَا ...أُودِع أرُفُف كُتبِي بِلمساتٍ خَفِيفَة وَ حانِيَة عَلى خَشبها ، مُختَلف كُتب الأشعَار و الأنثَار .. فِي دَاخِلِي مُوقِن بأنّي أُعانِي مِن رُضوضٍ فِي أفكارِي وَ ترتِيبهَا ، لَم أعُد أُميز بيّنَ الجَيد والخَاطِيء ، أتصرف بِلا تَفكير أو حِكمَة .
ألقيتُ بِمحاذِقي لزَوَايَا الغُرفَة الوَاسِعَة ، فِي كُلِ شِبرٍ منهَا هُنَاك وَمضَات مِن الذّكريات ، كجلوسِي حينمَا أقرأ ، أكتب لهَا ، أقرأ رَسَائلهَا وأبقى يَقِظًا حتى الصَبَاح أكتب مَردودًا لِأشعارِهَا بأشعارٍ ، بِقدر الإِنشرَاح الذّي كَان يَسترسِل فِي نفسِي بينَ هذِه الجُدران ، أصبحَت خَانِقَة وَ ضَائقَة عَلى أركان فؤادِي .
أنت تقرأ
سُبلٌ ضَائِقَة .
قصص عامة- أينَ السَبيّل ؟ سَبيلٌ لِلمُناجَاة من آعطابِ دُنيايا ؟ ومَا نحنُ فِي دُنيانَا ؟ وَمَا السبيّل لِثلاشِي الأوزارَ و إلتئام شُروخِ أكبادنا ؟ لِتحُلّ أنوار كونّنا الشاسِع عَلى دَيُجورَ ليّلِنَا الظَلِيّمْ .. مَا سَبيّلك يا وَليدَ الشَجِنْ ؟ .. *خَا...