سُبلٌ ضَائِقَة 27

86 12 8
                                    




مُتكِئًا بِجِذعِي على الحَائِط أنفُثُ لُفافة السِيجَارة رَقم خمسة فِي هَذِه السَاعَه .. مَا قَاله جِين .. ألقَانِي فِي بَحرٍ غَائِر وَ مُتقلّبْ !

أكَان كَابُوسًا أخرْ أحلمُ بِه فِي أوجِ صَحوتِي ؟؟

أطلَقتُ زَفِيرًا مُصاحِبًا لِغُيوم السِيجار التِي بَاتت مُؤخرًا تُصبرنِي أكثر على ذَاتِي .. سَمعتُ صَوت البَاب الذّي فُتح وخرج مِنه يُونغِي لِيُلقِي كِيسَ القُمامة .. أجَل أنا أَقِف شَامِخًا أُدخِن فُي الفِناء الخَلفِي للكَازِينو ..
" تُدَخن ..؟؟ "
أشَحتُ بِأنظَارِي السَاكِنه مِن السمَاء الذَابِلة ورمقتُه أنفثُ هذَا السُم اللذّيذ مِن بينِ شَفَتَايّ ..
" وَ أفعَل أكثَر من ذَلك أيضًا .. "
أجبتُه بِلا مُبالاة وصوتٍ جَاف هَادِئ .. ألقَيتُ عُود السِيجار ودُستُ عليه بِمُقدمة حِذائِي ومَشِيت مُتخطيًا يُونغِي دُون حتى أن أرمقه بِوجهِي الذّي فَقد ملمَحهْ وَباتَ فَارِغ مِن رَدّات الفِعل ، لاَ أصدق .. بعدَ الكَلام الذّي قصفنِي بِه جِين أصبحتُ أربُط الكَثِير الأحدَاث وَ أولهَا ..

أنّ يُونغِي مِثلَ وَالدِي ! مَلامحه الدَاكنه ! طُوله ! هُدوءه المُريب أكثَر مِن صمتِه حَتى .. أصبَح عقَلِي لاَ يَفعل شَيء سِوى أن يَبحث عَلى أوجُه التَشابه بينهَم و يربطهَا ببعضهَا ..

دَخلتُ للكَازِينوا وَ وَجدتُ جِين يُرتِب الكَراسِي بِصمت و هُدوء ..

" هُوسوك أصابه بعض التعب لذلك سبقنَا وعاد للشقه ، فَلتُنهِي أعمال التنظيف مع يُونغِي وَ تَأكدَا مِن إقفال المَكان وَ الأبوَاب جيدًا .. أنَا خَارِج .."
وَقفتُ خَلفَ البَار رَامِقًا جِين بِصمت الذّي يُملِي بِأوامِره كاللعنه عَلى حَيَاتِي .. رَاقبتُ هَيئته التِي تَهم بِالمُغَادرَة قَبلنَا ..

آه لاَ أُصدق بِأنّي سَأبقى مَع يُونغِي .. خَاصةً بَعد تِلك الحَقِيقة التِي مَازَلت أرفُض تَصديقهَا !

وَلكِن .. لِمَاذَا ردّ فِعلِي بَارِدْ ؟ لِمَاذَا لم أحشُر قَبضتِي فِي فَمِ جين مَثلاً على هذَا الهُراء الذّي تَفوه بِه ؟؟

الخَوف .. الأَلم وَ الفَزع ! أضَاعَ طَاقَتِي وَ صِحّة قَلبِي فعلاً ..

نَفَيتُ بِرأسِي وَعُدت أمسَح الكُؤوس بِصمت .. وَحدِي فِي هذَا المَكان !
إِلتَقطتُ أصوَات خَطواتِه الرَزِينه الهَادِئه ، يُرَتِب زُجَاجَات الخَمر الجَدِيدة فِي أمَاكِن الفَارِغة .. تَمامًا خَلفِي يَقِفْ ..

سُبلٌ ضَائِقَة .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن