الفَصْلُ السَادِسْ : حُلْوٌ وَ مُرٌ

54 7 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

إنه الجمعه ، أكثر أيام الأسبوع إزعاجاً ، رغم انشغالات أمي و أبي العديدة إلا أنهم دائمًا متفرغون يوم الجمعة ليتحدثوا فقط و بما أن هذه ثاني جمعة لي بعد رجوعي لذا كانت الطرقات الساعة الثامنة صباحاً و صراخ سنا خارج الباب قائلة لي بأن أخرج لتناول الفطور أكيده.

خرجت ثم جلست على طاولة الطعام أنظر للفطور بصمت حتى أخذت رغيفاً من الخبز و أضفت له بعض الزبد و مربى الفراولة مع كوبٍ من عصير البرتقال و بدأت في الأكل في الصمت كما نأكل عادة في صمت حتى قطعت هذا الصمت أمي قائلة : شوفت عريس حلو أوي لدُجَى.

تركت الشطيرة التي في يدي و نظرت لها لكي تكمل فقالت : ابن واحدة صاحبة خالتو هي أصلاً مش مصرية و جوزها نص مصري و نص فرنساوي و هم جايين النهاردة بالليل .

قمت بهز رأسي برتابة شديدة لتعلق سنا بسخرية : الله الله ، يعني أمه مش مصرية و أبوه نصه بس اللي مصري ده في تلت جنسيات.

ليمزح أبي : بس بصي على الجانب المشرق يا نسناسة ، لو خلفت هيبقى الولد مصري و فرنسي و الجنسية التالتة

ردت سنا منزعجة : يا بابا أيه نسناسه دي ، دي سوسو أرحم

قمت لأذهب لغرفتي ثم قلت : ياريت بس أعرف أي حاجة عن الراجل ده قبل ما يجي

لمحت بطرف عيني تعابير سنا الممتعضة و استمعت إلى السعادة في نبرة أمي و هي تقول : هقول لك اسمه و سن

قاطعتها قائلة : لا مش لازم كفاية اسمه و أنا هبقى أعرف الباقي

أجابتني بسعادة : ماشي ، دلوقتي بدأتي تتعلمي

لم أكن أهتم بهذا الرجل و لا بمجيئه و لا بالأمر برمته لا يشغل بالي سوى عدم رغبتي في أي شيء سوى الهدوء الذي لن يكلفني سوى موافقة أمي في ما تريد فحسب، في النهاية ماذا سيحدث إذا قابلته ، لا شئ ، لا شيء مطلقاً

.............................................

في المساء كنت أقف أمام المرآة الطويلة التي تظهر مظهري كاملاً أتأمل تنورتي التي تصل فوق كعبي ببضع سنتيمترات مع سترتي القصيرة المغلقة و حذائي ذو الكعب العالي المطلي بالأبيض و الذي ناسب و بشدة لون السماء الذي أحتل ردائي لتتردد تلك الأفكار على عقلي مرة أخرى " هل ترين أنهم كانوا الأفضل لترتدي تلك الملابس الرائعة للفتى الذي أحضروه ليتخلصوا منكي ؟ هل ترين أنهم كانوا الأفضل لتطيعهم بكل ذلك الخنوع ؟ هل ترين أنهم كانوا الأفضل لكي تنظري في المرآة التي دفعوا ثمنها ؟ هل ترين
قبل أن تتردد تلك الفكرة صرخت أقطعها بصوت عالي : بس

بالداخل هناكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن