الفَصْلُ العِشْرُون : مِزْمَارُ سَيَارَة

37 5 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

سأل أبي بأعين تطالع منها الشرر : قصدك إني ممكن أنصب على حد و أسرقه و في الآخر أقول ماخدتش حاجة

رغم علمي بأن جوابي سيثير الكثير من المشاكل و المشاعر السلبية و الغضب إلا أني أجبت أبي بثبات و لم يغمض لي جفن : أه يا بابا
توقفت لثانية ثم قلت مؤكدة : قصدي كدة

لم يقل أبي شيئاً ، لم يصرخ في وجهي ، فقط أشار بسبباته على الباب مشيراً أن الخروج من غرفة المكتب صار واجباً الآن .

هتفت بعند : لأ يا بابا مش هخرج أنا هكمل في النقاش ده للآخر مهما كانت ردة فعلك أنا عايزة أخلصه

عروق رقبته النافرة و أعصاب يده البارزة تدل على أنني في خطر ، أضفت إلى ذلك نبرته الصارخة بينما يقول : لو عايزة تعرفي ردة فعلي اللي بجد فأنا مستعد أشدك من شعرك دلوقتي يا دُجَى

حَاولَت نظرة الاستعجاب المستهينة أن تظهر في عيناي إلا أني زجرت عقلي و أبقيت على النظرة العنيدة ثم قلت : لو حضرتك مش حرامي و مش نصاب أشرح لوسمحت ليه باين في الورق بتاعنا إن المستشفى بعتت حاجات و مستلمتش فلوس وفي نفس الوقت المستشفى بتاعتهم بتبين إن هم بعتوا فلوس و مستلموش حاجات ، ده غير إن الورق اللي فاعل الخير ده جابه بيقول إن الشركة استلمت الفلوس و مبعتتش حاجة

قال أبي ساخراً : فاعل خير ده عايز يوقع بينا

سألته و قد شعرت بانفجار براكين المشاعر الثائرة بداخلي : و أنت فاكره محتاج يوقع أصلاً ، إحنا أساساً علاقتنا عاملة زي بيت العنكبوت هشة و ضعيفة مش متحملة أي حاجة و أي حبة هوا هيطيروها و يكسروها و ميسيبوش ليها أي أثر و رغم كدة حبيت آجي و أسمع و أقاوم الهوا رغم إن أسهل حل هو إني أسيبه يطير شبكة العنكبوت الهشة المتقطعة و المترهلة دي

نظرته جعلتني أسكن قليلاً ، غلفت عيناه الصدمة و الخذلان ، شعرت بأنه يقف في غرفة بينما جميع جدران المبنى تنهار حوله ، كرر خلفي بصوت مصدوم و أنفاسه قد لاحظت أنه يأخذها بصعوبه : أحنا علاقتنا مترهلة و متقطعة و هشة و ضعيفة

بدأت حديثي ساخرة إلا أني انفعلت دون قصد مني : مصدوم أوي كده ليه قول لي عملنا أيه أساساً علشان نقوي علاقتنا ؟ ، عملنا أيه علشان نحافظ عليها و نحتفظ بيها ؟ ؛ و لا حاجه . هتقول لي هدايا هقول لك مكنتش بتحضني و أنت بتديها ليا ، هتقول لي دراسة هقول لك فاكر كم مرة أعترضت عليها و قولت ليا إني مش هفلح فيها ، هتقول لي الفيلا الكبيرة اللي عيشتك فيها هقول لك بيت صغير دافي أحسن من فيلا كبيرة مبتحسش الدفا في عيون صاحبها

تلألأت شبه دموع في عينيه و صوته بأن مخذولاً عندما قال : بس أنا كنت بعاملك كأب بيحب بنته

بالداخل هناكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن