بسم الله الرحمن الرحيم
رغم معرفتي باحتمال وجود نية خبيثة وراء عرض يونس عليّ بإرسالي بسائق خاص إلا أني تجاوزت كل أفكاري السلبية التي قد تفسد يومي و فتحت باب السيارة و ركبت بداخلها بهدوء و كعادتي بدأت أتأمل الشارع بهدوء ، صبيان يبدوان في الإعدادية يتقاسمان شطيرة سوياً ، رجل و امرأة ممسكان بيدي بعضهما و ينظران بسعادة ، عائلة من أم و أب و ابنتان تبدو الكبيرة في الثانوية و الأخرى لا زالت في الإبتدائية ، طفلان في المرحلة الإبتدائية يجريان خارج البقالة يحملون في أيديهم بعض الحلوى و شخص يمشي بقلب جريح .
أستطيع تمييزهم دائماً لأنهم مميزون و كأني أرى قلوبهم تقطر دماً ؛ النوع الأول من الجرحى يمشي برأس منكسة ، ظهر مقوس و حالة يرثى لها ، و النوع الثاني منهم يمشي برأس مرفوعة و ظهر مستقيم و حالة منظمة كأنه لم يحزن قط ، كأنه لم يتألم قط ، كأن الدنيا كانت دائماً في صفه ، كأن لا محظوظ في العالم سواه و لكن الجرحى كلهم دائماً ما يتشاركون شيئاً واحداً أعينهم شفافة ، تشبه الزجاج بنسبة كبيرة ، إن نظرت خلالها لرأيت ما في الداخل ، السبب في حزنه و هل أن جرحه على وشك الاندمال أم لا هل لا زال جرحه جديداً أم أنه طال أثره ، و في وسط تفكيري لمحت طيفاً عابراً لنفس المرأة التي أراها منذ جئنا هنا في وسط نوفمبر و لكن هذه المرة كان طفلاً يتشبث بها ، ذلك الطفل كان يبدو كابنها ؛ " جواد " هززت رأسي بحركة طبيعية كأني أنفض الأفكار عنه ، ثم ما نفضها بحق كان بوق السيارة الذي أطلقه السائق يعلمني أننا وصلنا . شكرته و أخبرته أن يرحل و أن لا حاجه له في البقاء ، و بعد رفض في البداية رحل فحسب مع إصراري.كان مكاناً مليئاً بصفحات بيضاء كالتي توضع عليها الإعلانات ظهرت صورة سَديم على الأولى ثم بدأ يقول : أزيك يا ديدا how are you doing ( كيف حالك )
بجد I missed you ( أفتقدتك )
شكلي مهزأ أوي صح بعد اللي حصل أقول لك إنك وحشتيني .هززت رأسي نافية فاختفت صورة سَديم لتظهر على التي تليها ثم قال : أتكلمي يا دُجَى لو عايزة تقولي حاجه قولي بصي للموبايل وراكي و اتكلمي
نظرت خلفي للهاتف ثم بدأت أتحدث بصوت شغوف : سَديم ، أزيك ، أنا أولاً حابه أقول لك إني آسفة أنا تعبتك جداً معايا بالمعنى الحرفي ، الأيام اللي كنت بتطبخلي فيها و أما كنت بتقعد معايا في المستشفى أما بتعب ، أخر سنة و أنا بتعالج نفسياً ، هبلي ، تخلفي ، حماسي الغريب و أنت موجود أستحملت كل ده ، و في نفس الوقت حابة أشكرك على كل اللي فات ده بردو ؛ علشان أنت كنت كل حاجة في وقت كل اللي كان فيه معايا المفيش حاجة ، بجد ..... شكراً ، شكراً على أهتمامك بيا و سماعك ليا ، شكراً إنك كنت بتهزر و بتساعد و بتضحك ، عارف أما كنت بتجيب هدايا أو تقولي compliment ( إطراء ) كنت ببقى في أعلى قمة في جبال السعادة و حتى لو قولت لك عكس كده بيبقى قلبي refreshed ( منتعش ) و أما أروّح بفضل أنط من الفرحة ، ده غير الابتسامة اللا إرادية اللي كانت بتقعد يومين دي ، عارف بيقولوا دائماً إن الشخص بيبقى على طبيعته مع الناس اللي بيحبها و بصراحة أنا عمري ما حسيت إني على طبيعتي قد المرات اللي كنت بشوفك فيها و بعد أما أتكلمنا امبارح أتكشفت حقيقة غبية جداً و هي إن أنا من زمان

أنت تقرأ
بالداخل هناك
Randomشغف يتملق منا ،أحلام تملئ مخيلاتنا ، مشاعر لم نتخيل أن نشعر بها، أشياء نسعد بها ، أبتسامة نفرح لها ، أمر نصدم به ووحدة تملئ أياماً من شهورنا أو شهورنا كلها ،كلمات نتألم عندما نسمعها أو ذاكرة تحمل كلمات مؤلمه،قصة لا أحد يعلمها و روح و ذكريات لا أحد ي...