خربوشة 48

30 7 2
                                    



في ناطحة سحاب ، ومكتب فاخر و انيق جلس الشاب على كرسي جلدي و نظر الى الشابة التي تجلس امامه بعيون باردة و لم يهتم برؤيتها تبدو قلقة او متوترة ..

" فيفان ، انتِ بالفعل تأخذين الكثير من وقتي .. قولي ما تريدينه و ارحلي ! " تحدث الشاب بنبرة جافة بل وسخر منها في داخله عندما رآها تحبس دموعها ..

" خالتي .. ستنظم حفل عشاء الليلة و ترغب في حضورك ! " اخذت فيفيان قدرا من الهواء و ملئت به صدرها وهي تحاول اخفاء ارتباكها

" فيفيان ، يبدو انكِ بدأت بتصديق مسرحية خطبتنا .. هل تعتقدين انني متفرغ لاحتفال عشاء خالتك السخيف ؟! " كان لسان هاريسون لاذعا للغاية و لم يمانع ابدا من اهانتها

" ارجوك هاريسون ، انهُ مهم جدا لخالتي .. لقد اخبرتني انك ستكون موجود لاجلي عندما اكون بحاجتك ! " كان صوت فيفيان خافت و متقطع فقد كانت على وشك البكاء حالا

" نحن في علاقة تعاقدية ، انتِ مجرد اداة استخدمها لتحقيق غايتي ! " عند سماع كلماته شعرت فيفيان بقلبها يتحطم عند سماعه و ضغطت بقوة على رسغها و كبحت دموعها ..

" نعم ، لقد فهمت ! " ردت فيفيان بألم كبير فقد بدا ان الكلمات تخرج بصعوبة من حنجرتها

نهضت فيفيان و ادخلت هاتفها على عجل الى حقيبتها ، وعندما فتحت الباب اصطدم كتفها بكتف سيدريك الذي رآى عيونها الزمردية المحتقنة بالدموع ..

ولكنه لم يتكلم معها و اومئ اليها بخفوت قبل ان تخرج مسرعة من المكتب ، و توجه نحو صديقه الذي كان يضع ساقًا فوق ساق و يرتدي وجها لا مباليًا..

" هاري .. انت تقسو عليها كثيرا ! المسكينة كانت تحبس دموعها بصعوبة ، ثم الا تعي انك بحاجتها اكثر من حاجتها هي اليك ؟! "وبخ سيدريك صديقه المقرب بجدية قبل ان يجلس على الاريكة المقابلة

" انا لا اهتم ، لولا حاجتي اليها لتخلصت من هذه الخطوبة السخيفة في هذه اللحظة ! "

" هل انت متأكد ؟! انا لا اتفق معك .. عندما تتركك هي ستندم لكونك عاملتها بهذا الاسلوب ! "

" هل لن تجرأ على ذلك ؟! مع وجود خالتها ستبقى معي حتى اتخلى عنها انا ! "

" لربما انت محق ، ولكن فكر فيما قلته ايضا ؟ في حال اختفت خالتها المريضة من الوسط لن تبقى هي بحاجة اليك ! " كان سيدريك محقًا في كلامه

كان سبب ارتباط فيفيان به هو المال الذي سيقدمه لعلاج خالتها المصابة بالسرطان !

اغمض هاريسون عينيه ببطء و تذكر صورة فيفيان التي تمثل دور خطيبته اللطيفة و المحبة ، عيونها الشفافة النقية التي كانت تنظر اليه بحب ، يداها اللتان كانتا تمسك به بخفة ..

وجهها الخجول و ارنبة انفها المحمر عندما تسمع ثناء والدته عليهما ..

تذكر كيف انفعلت بعنف عندما سمعت احد الرجال يقوم بإهانته ،كان من المستحيل تصديق ان فيفيان الهادئة و الوديعة ستكون السبب في وقوع رجل ضخم في المسبح ..

لكنها كانت ضعيفة و حساسة للغاية ، رحمتها و لطفها الذي كان يشمل الجميع كان يثير حنقه و يجعل جسده يحكه ..

..........................

في منتصف الليل ، كان هاريسون يقف في منتصف الشارع في الوقت الذي ظهرت فيه فيفيان اليه من العدم ، و نظر اليها بدهشة كما لو كان متفاجئً من ظهورها ، فقد كان يتجاهل اتصالاتها طوال الوقت ولم يحاول ان يرفع اتصال واحد حتى ..

" فيف-يان ! " ناداها هاريسون وشعر ان هنالك شيء مختلف للغاية فيها

كان لاول مرة يشعر بهذا القدر من التوتر معها !

كان كل شيء حولها يبدو مختلفا ، كما لو انها لم تكن فيفيان التي رآها صباحًا ..

" ما الذي تفعلينه في مثل هذا الجو ، اقتربي الى المظلة ! " شعر هاريسون انه كان خائفا من فكرة ان تمرض و استنكر ذلك في نفسه

" دعنا ننفصل ! " اقتربت نحوه و قالت بصوت واضح دون اي تردد

" لماذا ؟! " صر هاريسون اسنانه و سألها بسخط

" لأنني احبك ! " ابتسمت فيفيان بشكل ساخر مما جعل هاريسون يعتقد انها تسخر منه

" انا لا احبك ! " رد عليها ببرود و نظر اليها بقسوة شديدة

بدا ان عينه كانت تطلق عليها سهاما دون توقف ، وان كانت هذه الاسهم واقعية لأردتها قتيلة !

" انا سعيدة لسماع هذا ! " كانت فيفيان تبتسم بإشراق في وجهه و لكنه لم يستطع ان يميز ان كانت هذه هي دموعها ام ماء المطر ..

مدت فيفيان معصمها النحيل و امسكت بيد هاريسون القوية و رفعتها لطول صدرها ، و وضعت خاتم الخطوبة في يده و اغلقتها بعناية ..

" ما الذي تفعلينه ؟! هل جننتِ ؟!" صاح هاريسون فيها بغضب ولكنها كانت لا تزال مبتسمه

" لقد انتهى كل شيء بيننا ! " قالت فيفيان بشكل قاطع و استدارت و تركته خلفها

" مهلا ؟! ما الذي يحصل معك ؟! " اسرع هاريسون نحوها و امسك بمعصمها بقوة شديدة ولكنها دفعت يده عنها بقوة لم يتوقعها

" اترك ياقتي ، انا لا اريد رؤيتك مره اخرى ايها اللعين ! " صرخت به بصوت عالي جعله يتجمد في مكانه بينما اختفت هي بين الحشود بسهولة

و اختفت من رؤيته ..

لم يعلم هاريسون ، ان فيفيان قد فقدت خالتها في تلك الليلة و اكتشفت ان حياتها بأكملها كانت مزيفة !

ومهما حاول البحث عنها لم يجدها ..

كما لو ان البحر الذي تحبه اخذها معه !

النهاية~

خرابيش ريجينا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن