الفصل الرابع

649 48 1
                                    

الظلام، الغموض، المجهول..
لا احد بهذه الحياة لم يمُر علي واحدٍ من هؤلاءِ ..

(1990,القاهرة) |ماضي|

التاسعة مساًء، الشتاء هواءُها يُحرك كل شيئٍ، حتى القسوة..

- يابني حرام عليك، ارحمني بقى انا مبقتش قد مشاكلك دي
-‏ بس بقيتي قد الظلم واكبر منه كمان، مش كده؟
-‏ يابني والله مانا اللي اخدت فلوسك، انا أمك يا وليد، معقولة تصدق اني هسرقك، بتصدق مراتك وتشُك في امك؟
-‏ لو فلوسي مرجعتليش قريب هاخدهم بطريقتي
-‏ يبني.. الو
وقفت وهي تبكي ثم نظرت الى السماءِ داعية الى الله أن يهدي ولدِها
- يارب، يارب أهديه يارب أنا خلاص تعبت منه ومبقتش قادرة اعمله حاجة
قالتها وهي تجلس علي ناصيةِ في الشارعِ كي تأخذُ أنفاسِها، ولكن .. سمعت صوت بُكاء طفيف لا تعلم مصدره، ظلت تتلفت حولها لثواني معدودة حتى وجدت شيئٍ صغير مُغطي بقماشةٍ بيضاء، فُزعت من المنظر.. اخذت نفسًا تلو الآخر وهي تمسح دموعها، نهضت ومدت يديها لتُحمل هذا الشيئ وأخذت تتلفت يمينًا ويسارًا.
- ايه ده!!
قالتها بفزع عندما وجدتها طفلة صغيرة.
- وأنتِ مين اللي رماكي هنا بس يا بنتي، لا حول ولا قوة الا بالله، هو يارب ناس ترمي امها وناس ترمي عيالها
قالتها وهي تُحدِق بها، ثم أكملت بها طريقِها الى المنزل.

                 

- طب انتِ كنتي عايشة مع مامتك لوحدك يا فريدة؟
• قالتها أمل
- ل.. لاء
• هُنا ظهرت ملامح الخوف علي وجهِ فريدة
- ‏مين كان معاكم؟

            

يُفتح الباب، أنه زوجها.. |ماضي|
- انت جيت
- ‏اه بعد تعب من الشغل والقرف
- ‏العشا جاهز
- ‏فريدة نامت؟
- ‏اه
- ‏هخش اطمن عليها
"ليس بالضرورة أن يكون الاب هو الذي انجب الطفل ليُحبه"
وكل من هذا ربما تقولهُ الآن عزيزي القارئ.. ولكن هذا ليسَ دائمًا، ليسَ كُل الناس مثلما تعتقد انت.
• ‏باب الغرفة يُفتح ببطئٍ
- ‏فريدة؟
فريدة الآن 8 سنوات
فتحت عينيها عندما سمعت صوتهُ وهي تأخذُ انفاسها بخوفٍ
لـيقترب ويبدأ بوضعِ يدهُ على أحدى اكتافِها ويلمسهُ
- وحشتيني، تعالي اقعدي مع بابا اصحي
رجعَت بظهرِها كي تُبعد يدهُ خوفًا
- لـيمد يدهِ يُمشيها علي ظهرِها
- لاء
- ‏ششش
• قالها وبدأ بتقبيلِها والاعتداءِ عليها وهو يضعُ يدهُ علي فمِها وهي تحاول الصراخ
- ‏لو صرختي أو اتكلمتي على اللي بيحصل أنتِ عارفة وعدي ليكي، هقتل امك.. ساعتها هتبقي لوحدك وهتبقي معايا انا وبس
قالها بنبرة جعلتها ترتعش خوفًا ..
• هزت راسِها بقولِ حاضر وعينيها مليئة بالدموعِ والخوف.

                

- ايه!!
• قالتها ضحي بعد ما نزل الكلام علي اذنيِها كـالصاعقةِ
- هو ده بجد يا فريدة؟
• قالتها أمل بصوتٍ خافض من فمِها
- أنا.. مش فاهمة هو كان بيعمل كدة ليه، بس اللي فهماه اني كنت بتعب وبحس اني عايزة اهرب لما الاقيه داخل الشقة، كنت بخش الاوضة اعمل ن..نفسي نايمة م..من بدري
• مسكت الكوب ثم تناولت بعض الماء واكملت قائلة
قال يعني كدة ممكن اكون بهرب، بس.. بس زي ما حكيت كان بيحصل كتير.. رعب مش كده؟
- رعب! رعب ايه ده خيال!
- خيال ازاي يا ضحى بقولك لسا حسا بايده عليا ..
- أيوة بس فيه اب يعمل الرعب ده مع بنته! وبعدين ازاي محاولتيش تعرفي مامتك!
- ‏خ..خوفت، طبعا خوفت عليها منه..بس بارضو ق..قتلها
- ‏ايه!

                   
انفاس تدخل وانفاس تخرج ولا تعلم الي متي ستستمر ومتي ستتوقف. |ماضي|
الساعة التاسعة مساءً، الليل سكونهُ يملأُ كل شيئِ.. رُبما يملأُ القلوب أيضًا ولكن هناك من سيوقظها.
علي السريرِ نائمة فريدة في غرفتِها، في قمةِ النوم التي دائمًا تمنت لو يدوم طويلاً كي تستريح من خوفهِا.
- أيوة يا ناصر انت فين اتأخرت ليه
- ‏كان ورايا شغل اتاخرت بس جاي اهو خلاص قربت ادخل علي البيت
- ‏طيب يلا انا جعانة عايزة اتعشى ومتعودة اكل معاك
أنهو المكالمة ثم مرَ عشر دقائق، يُدَق الباب.
- ايه كل دة تأخ ..
لم تُكمل عبير كلماتها عندما رأت ولدِها يقف أمامها وعينيهِ حمراء اللون، كانت تخاف من تصرفاتهِ بعض الشيئ ولكنهِ في الاولِ والأخرِ ولدِها.
- وليد! ازيك يابني وحشتني
- هو ابويا هنا؟
- ‏لاء
- طب ممكن ‏اخش؟
- ‏تعالى ياحبيبي
خطى وراءِها بعد أن أغلقَ الباب ثُم وضعَ السكين علي عُنقِها قائلًا ..
- فين الفلوس؟
- ‏انت اتجننت! عايز تقتلني!
- ‏انا مش عايز صوت عالي والا هعملها بجد .. عدت سنين وعايز فلوسي، او اي دهب عندك بسرعة
- ‏الفلوس مش انا اللى اخدتها
- ‏اومال مين! انا؟
- ‏يـا .. يابني ..
- هاتي فلوسي
- هطلبلك الحكومة لو مخرجتش من هنا ..
أثارت كلماتها غضبهِ.. بل إدمانهُ ،ثم امشي السكين بسرعةِ على عُنقِها وقام بذبحِها، سقطت ودماءها تُغرق الأرض.
نظر لها بتمعُن وكأنه لم يفعل شيئ، اكلت المخدرات عقله وانسانيته.. اتجه الى غرفة نومها ليبحث عن المالِ بداخلِ ملابسها وحقائبها ولكنهُ لم يجد شيئًا سوي خاتم زواجها الدهب التى ترتديه دائمًا ولكنها وضعته علي المنضدة بعد أن توضأت .. أخذه مُسرعًا ثُم فتحَ نافذة الغرفة ونزلَ منها بعد غضبٍ شديد.

- أيوة قتلها..
- ‏وانتِ كنتِ فين لما هو عمل ده!

| ماضي |
• فُتِحَت عيناها وسُرٍعت نبضات قلبها كالعادة عندما يُفتَح الباب بواسطةِ أكلي لحوم البراءة .. زوج عبير
كانت تعرف صوت مفاتيحه فتصاب بالهلع، أغمضت عيناها كالعادة تمثيلًا بأنِها غارقة في النومِ.

- عبــــــــير
• قالها بصوتٍ صارخ بعد ما توقفَ الدم في عروقهِ من المنظر

نُسخة مُتناقضة |مُكتملة|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن